توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقتلة صورة النصر

  مصر اليوم -

مقتلة صورة النصر

بقلم: نبيل عمرو

كثيرة هي الحروب التي شهدتها ساحة الشرق الأوسط، وإذا ما قوّمناها بمقياس المنتصر والمهزوم، فلن نصل إلى نتيجة، ما دامت مفردة النصر محل نزاع وادعاء من جانب الرابحين والخاسرين على حد سواء.

إن لكل طرف من أطراف الحروب في بلادنا أدبياته في وصف الخلاصات، فهو انتصر بفعل بقائه على قيد الحياة، أو تمكنه من رفع شارة النصر ولو من فوق الركام أو في ظل دبابة الخصم، وذلك أشبه بصدر بيت الشعر... أما عجزه فهو الوعد بانتصار ولو بعد حين!

الحرب الجارية الآن في منطقتنا أنتجت مقاييس خاصة للنصر والهزيمة، فإسرائيل مثلاً ترى أنها حققت العديد من الانتصارات التي ستقود إلى الانتصار المطلق، وشيء كهذا حدث مرات عدة في السابق، منذ حرب 48 إلى 67 إلى أكتوبر (تشرين الأول) 73، وإلى الحروب الفلسطينية - الإسرائيلية - اللبنانية، التي نحن الآن في واحدة منها.

أمّا الطرف المقابل لإسرائيل في الحرب، ودعنا نحصر الحديث في المقاتلين منهم بالسلاح، فأدبياتهم تعلن نصراً مبيناً هانت من أجله كل التضحيات، ودليلهم على ذلك، إعادة القضية الفلسطينية إلى التداول وعدم تمكين العدو من تحقيق أهدافه التي أعلنها حين بدأ حربه الانتقامية في الثامن من أكتوبر 2023، مع إلقاء ظلالٍ كثيفة على ما لم يتحقق من أهداف أعلنت جرّاء زلزال السابع من أكتوبر، كالوصول إلى القدس وتحرير الأقصى وتبييض السجون الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين، وأهداف استراتيجية عظمى، إن لم تتحقق خلال سنة من الحرب، فربما تتحقق في قادم السنوات.

هنالك ما هو أكثر أهمية بالنسبة للمتحاربين من النصر المطلق أو النسبي، التكتيكي أو الاستراتيجي، هو الصورة التي يتمكن بها الرابح والخاسر من تسويق صدقية ما فعلا، وما أحرز من نتائج.

وهذا ما اصطلح على تسميته بصورة النصر وإذا ما دققنا في مجريات الحرب على غزة ولبنان، فسوف نجد أن الجزء الأكبر من الخسائر حدث بفعل الحاجة الملحة إلى الصورة.

منطقياً وبالمقاييس الواقعية... كان يمكن للحرب على غزة أن تتوقف أو أن تعود إلى مساراتها القديمة التي كانت قبل السابع من أكتوبر، أي أن تتوقف عملياتها بعد شهر أو شهرين من الانتقام الشرس الذي حدث ولا يزال، أو أن يصغي الإسرائيليون إلى نصائح وزير الدفاع الأميركي الذي حذَّرهم من مضار الكسب التكتيكي على المصالح الاستراتيجية، إلا أن صورة النصر الضرورية للقيادات التي لم يكتمل تظهيرها حتى الآن، جعلت الحرب تطول والخسائر تتضاعف، أمّا حكاية النصر المطلق فلن يتحقق وفق أجندة نتنياهو، بل بدا خيالياً ومدعاة للتشكيك المتزايد داخل إسرائيل، وفي معسكر حلفائها وداعميها؛ ذلك أن النصر لا يقاس بالقدرة على القتل والتدمير، بل بتحقيق النتائج السياسية النهائية للحرب.

بصورة موضوعية وليس رغائبية، فما أن تتوقف الحرب العسكرية ومهما كانت نتائجها الميدانية، سيكتشف الباحثون عن صورة نصر أنهم لن يجدوها، فلا إسرائيل تستطيع الزعم بأنها تخلصت من خصومها، بل ستجد نفسها في مواجهة مع قضية كبرى هي مجمع قضايا مرهقة لها من داخلها ومن حولها، وهذه خلاصة متكررة لما وُصف «بانتصاراتها السابقة».

الأذى الفادح الذي تحمله معارك صورة النصر، أنها تذهب من جانب طرفيها المتحاربين بالسلاح، إلى الحدود القصوى في استخدام القوة المتاحة، وهذا ما حدث ولا يزال في غزة، وما حدث بالأمس القريب في بيروت، بين يدي الإعداد للحل السياسي؛ ذلك أن كل ما حدث على الأرض في غزة ولبنان، يظل بلا خلاصة كافية تمكّن أي طرف من رسم صورة نصر مقنع، وهذا سبب كافٍ لتفسير شراسة القتال المتبادل بين الباحثين عن الصورة.

سوف تتوقف الحرب يوماً ما وحين يبدأ العمل على توظيف نتائجها سياسياً، سيكتشف الجميع أن ما حدث كان جولة وصفها فريد الأطرش مثلما وصف حرب 67 «إن للباطل جولة» ولن تكون الخلاصات أكثر من أنها هدوء ما بين جولتين ما دام الذهاب إلى جذر الصراع لم يعمل به بعد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتلة صورة النصر مقتلة صورة النصر



GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:12 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:11 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:09 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

GMT 07:06 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق

GMT 07:05 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... ومواجهة وباء الكراهية

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon