توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفصائل ووحدة الخوف

  مصر اليوم -

الفصائل ووحدة الخوف

بقلم: نبيل عمرو

حتى الآن بلغ عدد الناخبين الفلسطينيين في الضفة والقطاع مليونين و900 ألف، وإلى أن تجري الانتخابات في موعدها المحدد نهاية مايو (أيار) المقبل، فعلى الأرجح سيتجاوز العدد 3 ملايين.
هذا العدد المرتفع من الناخبين أثار القلق لدى الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك القطبان الرئيسيان فتح و«حماس»، بفعل استحالة السيطرة على مدخلات الاقتراع ومخرجاته، وكذلك بفعل عدم وجود إنجازات ملحوظة يمكن تسويقها للجمهور والحصول من خلالها على أصوات.
ففي غزة يتحدثون عن تصويت انتقامي دافعه الحالة المزرية التي فرضت على الناس سنوات طويلة تحت شعارات كفاحية يبدو أداؤها العملي غير مقنع، وفي الضفة بلغ حد التدهور في كثير من مجالات الحياة، والأكثر إثارة وتأثيراً هي حكاية القضاء التي بلغت حد الاحتجاج الصاخب والحاد من قبل القضاة ومن قبل المحامين الذين أضربوا عن العمل، وحين طرحت القضية من زاوية سيطرة «التنفيذية» على «القضائية»، فقد أدّى ذلك إلى تنامي حالة من التعاطف الجماهيري الواسع مع القضاة والمحامين، ما سيؤثر بصورة ملحوظة على اتجاهات التصويت الشعبي.
قلق الفصائل الفلسطينية دافعه الأقوى الخوف على الدور ذي الطابع الوراثي، الذي تميز بظاهرة هي الأغرب في كل تجارب الأحزاب والتشكيلات السياسية، مفادها أن تراجع مكانة الفصائل وتقلص نفوذها في المجتمع الفلسطيني، أفرز في المقابل تنامي دورها في الحياة الفلسطينية كحالة من التناسب العكسي المرضي بين المكانة المتلاشية والهيمنة المتزايدة، وبفعل هذه المعادلة التي تبدو غير منطقية لم يحدث أي تقدم في أي مجال، فلا الانقسام انتهى، ولا الانتخابات العامة تكرست، ولا المؤسسات تعمل، ولا تقدم في المجال السياسي لمن يتبنونه ويؤدون أعماله، ولا تقدم في مجال المقاومة لمن يرفعون شعارها، ورغم ذلك ما تزال الفصائل هي المتحكمة في الحالة السياسية، وما يزال النفوذ الوراثي على حاله، كما لو أن الحالة الفلسطينية لم تتغير منذ كانت الفصائل تملك ما كانت تملك من قوات ومؤسسات ونفوذ شعبي زمن ازدهار الثورة واتساع انتشارها.
الناخب الفلسطيني لن يلتفت هذه المرة إلى الشعارات الثورية التي فعلت فعلها في السابق، ولن يتوزع ولاؤه التقليدي بين الإسلام السياسي المدجج بالشعارات العسكرية التي لا تعمل، وبين الاتجاه الوطني المدجج بفشل الخيارات، وعلى رأسها خيار السلام التفاوضي والتنمية الموعودة، إلا أن هنالك حلقة مفقودة في الحالة الفلسطينية تنتج غموضاً يحول دون رؤية واضحة لخلاصات الانتخابات القادمة، مردّه إلى أن قطبية الفصائل التي فرضت نفسها على الحياة السياسية واحتكارها الدور كان عاملاً موضوعياً لعدم ولادة أحزاب وقوى منظمة ترث الفصائل التي لم تنجح كي تنتقل القيادة من مكان قديم إلى آخر جديد، وكل الذي حصل أن ما كان ينبغي أن يحدث على صعيد الشعب بكل مكوناته حدث داخل الفصائل ذاتها، ففي «فتح» التي ما تزال تحتفظ بمظلتها الواحدة، توجد تيارات ومعسكرات ومجموعات تتوزع بين موالاة ومعارضة ليس في المجال العقائدي والسياسي، إنما في مجال السيطرة والنفوذ... وفي «حماس» يختلف الأمر، فلا معسكرات ولا تيارات، وإنما اختلافات حادة في الاجتهاد والاختلاف.
خلاصة القول... إن الانتخابات الثالثة أم الـ3 ملايين ناخب، ورغم الإجماع على ضرورة إجرائها فإن إجماعاً موازياً يظهر بشدة في الخوف منها، ورغم تراجع نفوذ الفصائل، كبيرها وصغيرها، فإن عدم بلورة بدائل من خارجها يجعل من قراءة النتائج أمراً مشكوكاً في دقته، غير أن عاملاً حاسماً تبلور وتكرس، وهو أن الخوف منها سينتج كارثة فيما لو أدى إلى إلغائها، لأن الحالة الفلسطينية ساعتئذ ستدخل المرحلة المقبلة بكل متغيراتها واستقطاباتها بلا مصداقية لقيادتها، وبلا ثقة بأي شيء عند شعبها، ولا بدعم إقليمي ودولي لجمودها... إذن رغم كل الاعتبارات لا بد من المجازفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفصائل ووحدة الخوف الفصائل ووحدة الخوف



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon