توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانتخابات الفلسطينية... إن جرت

  مصر اليوم -

الانتخابات الفلسطينية إن جرت

بقلم: نبيل عمرو

أجرى الفلسطينيون انتخاباتٍ عامة ورئاسية مرتين؛ الأولى حين كانت عملية أوسلو طازجة وتبشّر بتحقيق وعود كبيرة، وكان ياسر عرفات الرافعة المعنوية لها، من خلال ترشحه للرئاسة بالتزامن مع العامة.
«حماس» لم تشارك في الانتخابات الأولى، إلا أنَّها لم تقم بحملة قوية ضدها. ولأول مرة في التاريخ صار لدى الفلسطينيين برلمان منتخب ورئيس كذلك. أما انتخابات المرة الثانية، فقد اختلفت عن الأولى في عدة أمور، منها أنَّ الرئاسية سبقت التشريعية، وذلك بسبب وفاة الرئيس عرفات، أما التشريعية فكان الجديد فيها أنَّها جرت وفق نظام انتخابي مختلف، وبمشاركة من «حماس» وبقية الفصائل التي لم تشارك في الأولى.
لست هنا في معرض التأريخ لتجربتين انتخابيتين حتى أغوصَ في تفاصيل ودلالات ما حدث وما لم يحدث، فالأجدى أن أعالج أمرَ الانتخابات الثالثة التي أُعلن أكثر من مرة عن الاقتراب من إجرائها، وفي لحظة وكالموت بالسكتة القلبية يتوقف الحديث عنها، وغالباً ما نسمع ونقرأ تنظيراً لخطورة إجرائها.
سنوات تأرجح فيها الفلسطينيون بين الأهواء المتقلبة لوجهاء الطبقة السياسية المتحكمة في القرار والمصائر، ذلك بفعل إخضاع مبدأ الانتخابات ليس لقوانين ملزمة، وإنَّما لمصالح وجهاء الطبقة السياسية. فمن يراها ملائمة له يتحدّث عن أهمية إجرائها اليوم أو غداً، ومن لا يراها كذلك لا يعدم ذرائع لجعلها رجساً من عمل الشيطان يتعيَّن اجتنابه.
في الجولة الأخيرة التي كانت محطة إسطنبول أكثرها اقتراباً من الاتفاق على إجرائها، حدث أن تلاشت الآمال وظهر «الفيتو» وتمَّت تغطيته بتفضيل انتخابات منظمة التحرير المستحيلة على الانتخابات الممكنة. لم تكن التغطية منطقية، ويبدو أنَّ أصحاب «الفيتو» اكتشفوا ركاكة الذريعة، وظهرت لديهم معطيات تملي حسابات مختلفة، فتغير الموقف، وتلقى عباس رسالة من هنية، وكان ردّه الأولي الترحيب بها، والشروع الفوري في إجراء مشاورات مع رئيس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور حنا ناصر، للبت في أمر المراسيم التي تجيزها وتحدد مواعيدها.
في فلسطين يوجد مصطلح ثابت يستخدمه الناس والمحللون السياسيون كلما ورد ذكر الانتخابات: «إن حدثت».
إذن، فإنَّ التجربة جعلت من الانتخابات الفلسطينية مجال شك وارتياب، حتى قيل: لن نصدق أنَّ الانتخابات جرت إلا في اليوم التالي، ولن نصدق كذلك أن نتائجها ستكون سارية المفعول.
هنالك ترجيح ربما يكون رغائبياً، بأن الانتخابات الثالثة ستحدث، والسبب هو الضغط الخارجي الذي تجسّد بكثرة الحديث ومن جهات مهمة، بأنَّ السلطة الفلسطينية باتت منتهية الصلاحية، ما حمل رسمييها على تقبل فكرة إجرائها ربما كنوع من إنقاذ ما يمكن إنقاذه. أما «حماس» فلا أعرف على وجه الدقة أسباب تقلبها بين ثلاثة مواقف خلال شهور قليلة: الموافقة ثم التحفظ ثم الموافقة، مع أنَّ التقلب هذا جاء من دون تغيير يذكر في الوضع السياسي وغيره، ولا أصدق أن قدوم بايدن له أثر في قرارات الطرفين.
الانتخابات الثالثة (إن جرت) فسوف تكون اختباراً يفترض أن يكون حاسماً لأحجام القوى السياسية المسيطرة على الحالة الفلسطينية. ولقد ظهر اجتهادان في أمرها: الأول من يريدونها انتخابات حقيقية شفافة تعددية ديمقراطية، تجسد تطويراً حقيقياً للنظام السياسي المتكلس وفاقد الفاعلية، والثاني مشترك بين الخائفين على نفوذهم. والمشترك هنا هو الدخول في قائمة واحدة تشبه في واقعها ودوافعها حالة «التحضين» التي يلجأ إليها الملاكمون للتمتع باستراحة قصيرة، ليستأنفوا بعدها قتالهم الشرس.
القائمة الواحدة يبدو أنها ليست محل إجماع أو حتى أغلبية لدى «حماس» و«فتح»، فهي غير منطقية وغير مقنعة؛ بل إنها لو نُفذت فستكون مجرد تحايل على الانتخابات، وجعلها مجرد غطاء لاستنساخ الواقع القائم الذي مله الفلسطينيون وأصدقاؤهم، وكل من يرغب في التعاطي مع قضيتهم.
دعونا ننتظر قليلاً لنرى ما إذا كانت الانتخابات الفلسطينية ستجري فعلاً، أم أنَّها ستجد ذرائع لعدم إجرائها. ففي حال صدور المرسوم الملزم بالمواعيد وسائر الأمور المتعلقة بها، يصبح ضرورياً الحديث عن شرط نجاحها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، ولذلك مقال آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الفلسطينية إن جرت الانتخابات الفلسطينية إن جرت



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon