توقيت القاهرة المحلي 06:28:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل والسلطة... وعرين الأسود

  مصر اليوم -

إسرائيل والسلطة وعرين الأسود

بقلم:نبيل عمرو

بينما كنت أفكر في اختيار موضوع مقالتي، استمعت إلى الخبر الأول الذي بثته الإذاعة الإسرائيلية، والذي تمت صياغته وقراءته على طريقة جاءنا الآن ما يلي...
«إن قوة مشتركة من جميع أجهزة الأمن الإسرائيلية تمكنت من اعتقال أحد النشطاء البارزين في التشكيل الفلسطيني الجديد... عرين الأسود».
منذ بدء الأحداث العنيفة التي وقعت بداية في مخيم جنين وامتدت إلى نابلس والشمال، واتسع امتدادها ليشمل الوسط والجنوب، تردد مصطلح «عرين الأسود» على نطاق واسع، حتى أنه غطى بفعله وما يقال عنه على حوارات لمّ الشمل التي جرت في الجزائر؛ ما جعل هذا التشكيل الجديد أهم حديث على مستوى الرأي العام، حتى قيل ولو من قبيل التندر إنه أحال فصائل منظمة التحرير إلى التقاعد.
من الخصائص المستنتجة من هذا التشكيل الجديد، أنه تجسيد تنظيمي أولي لمن كانت إسرائيل تسميهم الذئاب المنفلتة، الذين كانوا يقومون بعمليات عسكرية مؤثرة ولكن على عاتقهم الخاص، فهم ليسوا امتداداً لتشكيل تقليدي منظم، وليسوا موحدي الانتماء لفصيل محدد ما وضع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بكل أذرعها في حيرة من أمرها؛ إذ لا مرجعيات محددة يجري الاتصال بها أو الحديث معها لمعالجة الظاهرة واحتوائها. وما زاد الحيرة الإسرائيلية وأظهر عجز أجهزتها الأخطبوطية عن التبشير بإنجاز حاسم بشأنها أن ما كانت تسمى الذئاب المنفلتة تطورت لتصبح تشكيلاً منظماً أسسته فكرة. وشكّل الفراغ الأمني والسياسي في الضفة والقدس حاضنة مواتية وفّرت له شعبية غير متوفرة لأي فصيل تقليدي.
وحاضنة كهذه تخيف إسرائيل؛ إذ إنها محفز نشط لتطور التشكيل ومضاعفة فاعليته ولو بالتقليد والمحاكاة.
أنتج الفراغ حالة حرب متقطعة ومتفاوتة الحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ فالاجتياحات الإسرائيلية تتواصل وتنتج تنكيلاً مروعاً في حياة الفلسطينيين، مدن كبرى كنابلس تحت الحصار، ومخيم كبير كشعفاط داخل طوق محكم يجعل الدخول إليه والخروج منه عذاباً لا ينجو منه أحد. والمكان الذي لا يُحاصر ولا تغلق مداخله ومخارجه في عموم الضفة؛ فالمداهمات الليلية والنهارية كفيلة بتحويل الحياة فيه إلى جحيم مستمر.
وضع كهذا ينتج رد فعل يجعل من السعي الإسرائيلي لاجتثاثه نوعاً من الجري وراء السراب، وهذا ما اعترف به كثير من جنرالات إسرائيل ومثقفيها وصناع الرأي العام الذين لا يكفّون عن تذكير القيادة السياسية بأن مواصلة حكم شعب آخر لن ينتج غير هذا.
العجز الإسرائيلي عن إنهاء الظاهرة أو احتوائها يبرر بعذر أقبح من ذنب، فالحكومة التي تتعرض لانتقادات لاذعة على الفشل والتقصير تلقي باللوم على السلطة الفلسطينية التي لا تقوم «بواجبها» في سياق التنسيق الأمني ولا تكف عن القول بأنها سلطة فاقدة للسيطرة مع أن فقدان السلطة لأبسط مبرر لوجودها هو من صنع إسرائيل ذاتها، التي ما تركت وسيلة لإذلال السلطة وإفقادها هيبتها أمام مواطنيها إلا وفعلته، وآخر ما حرر في هذا الأمر أن الحكومة الإسرائيلية وجهت للسلطة الفلسطينية رسالة توبيخ شديدة اللهجة لمجرد زيارة رئيس وزرائها محمد أشتية بيت عزاء كان يوجد فيه «إرهابيون»!
إسرائيل لا تنكر عجزها، والفصائل تجاهر بحيادها في الحرب الدائرة الآن؛ إذ يكتفي بعضها بمباركة العمليات من دون تبنيها. والسلطة واقعة بين شقي الرحى، فلا هي جاهزة لتطوير أدائها الأمني على النحو الذي يرضي إسرائيل، وبالمقابل يضاعف سخط شعبها، ولا هي بمنأى عن دفع الأثمان المادية والمعنوية الناجمة عن التنكيل الإسرائيلي بها وبشعبها.
وضع كهذا تعترف إسرائيل بما ينتج منه، فما كان يسمى بالأمس القريب الذئاب المنفلتة صار يسمى اليوم عرين الأسود، وبدلاً عن أن تستوعب إسرائيل الدرس الذي عمره عشرات السنين والتي هي عمر الرفض الفلسطيني للاحتلال ولكل الصيغ المعتمدة لإدامته بما في ذلك الرشى الساذجة، تواصل صبّ الزيت على النار لتزيده اشتعالاً أو لتكثف جمره الكامن تحت الرماد.
كلمة السر في العجز الإسرائيلي تفصح عنها عبارة يزداد معتنقوها في إسرائيل كل يوم... إلى متى سنواصل حكم شعب آخر؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل والسلطة وعرين الأسود إسرائيل والسلطة وعرين الأسود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon