توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا... بين نيران الحلفاء والخصوم

  مصر اليوم -

سوريا بين نيران الحلفاء والخصوم

بقلم: نبيل عمرو

في لعبة القوى التي تتحكم في الأزمات والحروب، استعان النظام السوري السابق بروسيا وإيران، لمنع انهياره تحت ضغط المعارضة التي اجتاحت البلاد، حتى بدا كأن النظام لم يتبق له من سلطة سوى جيوبٍ قيد الحصار وحتمية الانهيار.

لعبت روسيا وطيرانها الفعّال الدور الحاسم؛ ليس فقط في منع انهيار النظام، بل ساعدته على مد سلطته إلى معظم الجغرافيا السورية، من درعا جنوباً، إلى دمشق في الوسط، وحلب في أقصى الشمال.

أمّا إيران وميليشياتها فقد لعبت دوراً فعّالاً على الأرض، مكّنت قاسم سليماني من التجوال بصولجان المارشالية على أنقاض حلب المدمَّرة، معلناً سقوطها كواحدة من مدن وعواصم أسقطها في بلاد العرب.

لم يكن إنقاذ النظام آنذاك من السقوط بلا ثمن، بل كان ثمنه باهظاً، اكتشف السوريون متأخراً فداحته، حين ذكّرهم الإيرانيون بحجم الدَّين المتراكم عليهم، والذي جاوز الثلاثين مليار دولار قابلة للزيادة، إضافة إلى تغلغل الميليشيات في الحياة السورية، ما بدا أنه احتلالٌ دائم. أمّا الروس الذين حصلوا، ولأول مرة في التاريخ، على قواعد عسكرية في أهم بلدان العرب، فقد صاروا شركاء مباشرين في تقرير مصير البلد داخلياً وخارجياً وسياسياً.

كانت فاعلية الوجود الإيراني والروسي قويةً ومتنامية، ذلك قبل التسونامي الرهيب الذي أنتجته عملية «طوفان الأقصى»، والرد الإسرائيلي عليها.

وعلى الرغم من نأي النظام السوري بنفسه عن أي تدخلٍ عسكري مباشر على جبهات الحرب السبع آنذاك، لكنه دفع أثماناً باهظة لمجرد الوجود الإيراني على أرضه، ولكون الجغرافيا السورية صارت الممر البري، وحتى الجوي للسلاح الإيراني، الذي تدفّق بكثافة على «حزب الله»، ما عرّض الجيش السوري ومرافق البلاد إلى تدمير انتقائي دوري قامت به إسرائيل بأقل قدر من الرد الفعّال عليه.

دمجت إسرائيل الفاتورة السورية بالإيرانية و«حزب الله»، ما حيّد القوة العسكرية الروسية عن تقديم أي دعمٍ جديٍّ للنظام، بفعل حرص الروس على علاقاتهم القوية مع إسرائيل، وعدم التورط في أي مستوى من الاحتكاك الحربي معها.

منذ اتساع الحرب على غزة، وامتدادها حتى إيران، كان عدّاد الخسارة السورية يعمل بتصاعدٍ كارثي، على نحو صار فيه الوجود الإيراني على الأرض السورية عبئاً على الشعب والنظام والدولة، وهنا فقَدَ التدخل الإيراني مزاياه، إذ تحوَّل من حماية مفترضة للنظام، إلى توريط سوريا في تلقي عصف حربٍ يهدد كيانها وسيادتها ومصالحها الأساسية، إذ أصبحت شريك خسارة ليس إلا.

الدمج الإسرائيلي للفاتورة الإيرانية بالسورية واللبنانية جعل من الدولة السورية الهدف التالي، بعد حسم القتال على الجبهة اللبنانية، وإخراج إيران من فعالياته. في السياق المنطقي للحرب التي توشك على التوقف في غزة، ولو على هيئة وقفٍ متدرجٍ لإطلاق النار، وتوقفها على جبهة «حزب الله»، كان المرشح البديهي لتصفية الحسابات الإسرائيلية هو سوريا، التي أعلن نتنياهو بلاغه الأول عنها، حين حذّر بشار الأسد مباشرة وصراحةً من اللعب بالنار.

إلا أن المفاجأة غير المتوقعة في أي تقدير مسبق هي أن تندلع الحرب على سوريا من شمالها، والتي أنتجت مفاجأة أقوى تجسّدت بالسقوط السريع لحلب وحماة ودرعا والسويداء، ووصول الميليشيات متعددة الجنسيات إلى العاصمة دمشق وإسقاط النظام. فما آلت إليه الأمور كان وقوع سوريا بين نيران الخصم التركي الذي تبنَّى هجوم الميليشيات، حتى صار الناطق الرسمي باسم «فتوحاتها»، وبين نار التهديدات الإسرائيلية الدائمة، ونار ضعف الحلفاء وانهيار قدراتهم على الحماية والدعم، حتى انهارت قوات النظام.

يضيق المجال عن إحصاء أخطاء النظام في إدارة الموقف منذ البدايات المبكرة للاستعانة بالروسي والإيراني، وأخطائه في معالجة الوضع الداخلي في البلاد، باستنساخ القديم في حكم الجديد، وعدم استثماره في الانفتاح العربي الشامل عليه.

لا تزال سوريا، وستظل إلى أجلٍ غير مسمى، واقعة بين نيران الحلفاء والخصوم، إلا إذا بقيت مساحة لمَخرج عربي يبدو غامضاً حتى الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا بين نيران الحلفاء والخصوم سوريا بين نيران الحلفاء والخصوم



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon