توقيت القاهرة المحلي 03:41:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانقسام الفلسطيني... الوسطاء يحجمون!

  مصر اليوم -

الانقسام الفلسطيني الوسطاء يحجمون

بقلم:نبيل عمرو

بذلت مصر جهودا حثيثة قادها بدأب وتصميم وصبر المغفور له الوزير عمر سليمان، وازدهر خط القاهرة – رام الله – غزة، بحركة نشطة لمبعوثين على أعلى مستوى بحيث لم يبق فلسطيني ذو صلة بالانقسام إلا وجرى التشاور معه، بصرف النظر عن حجمه ومدى نفوذه، ولمرات عدة جمعت القاهرة كل الفصائل، والعديد من الشخصيات المستقلة لمناقشة سبل الخروج من الانقسام، وأعد الخبراء المصريون المتمكنون من أدق تفاصيل الحالة الفلسطينية، أوراق عمل لم تترك شاردة ولا واردة إلا وتطرقت إليها، ووضعت خططا عملية لدمج القوى المنقسمة في إطار وحدوي جامع عنوانه العام منظمة التحرير والسلطة الواحدة، ومحتواه العملي التطبيقي، ترتيبات محكمة خصوصا على الصعيد الأمني، والدمج التدريجي للقوات والمهمات والمسؤوليات، وكيفية فتح معبر رفح، الرئة الغزية الوحيدة، التي تأثرت كثيرا بمغادرة القوة الدولية المتفق على دورها في أمر الدخول والخروج، ومن يتموضع في المعبر ومن يحرسه بحيث تقرر توزيع القوات المسؤولة بدقة تجنبا للاحتكاكات، ولتوفير تنقل منتظم لأهل غزة ذهابا وإيابا.
كل ذلك - وكثير غيره - جرى بحثه في مصر، والاتفاق عليه والاحتفال بإنجازه.
غير أن ما كان يحدث بعد كل فعالية أدتها مصر، هو ذلك الاختلاف الكلي بين حسابات الحقل ومحصول البيدر، فإذا بكل ما اتفق عليه، ينسى لمجرد عودة كل طرف إلى أرض الانقسام، من دون أن تتاح أي إمكانية جديدة لتطبيق الذي اتفق عليه أو حتى بعض منه، والأمر في هذه الحالة لا يتوقف عند نقطة معينة بل يتراجع على نحو يتعمق فيه الانقسام ويتحول إلى انفصال كما تتحول فعاليات إنهائه إلى حالة مستحيلة تجعل المتدخلين الرئيسيين، وأهمهم مصر، يقتربون من اليأس كما لو أنهم حيال مأزق لا مخرج منه.
في لقاء تقويمي صريح كان موضوعه... لماذا كل هذا الفشل؟ رغم الجهود الجبارة التي تبذل ورغم إجماع أطراف الانقسام على حجم الخطورة الناجمة عن استفحاله، أفصح المغفور له عمر سليمان عن كلمة السر: «إن السبب هو غياب الرافعة الفلسطينية – الفلسطينية، التي من دون وجودها لا أمل في نجاح أي جهة أخرى، مهما بلغت قوة نفوذها».
وهذا يعني أن الدور الأساسي ينبغي أن يكون للفلسطينيين فيما بينهم، وما على الآخرين إلا تقديم المساعدة والرعاية وتوفير المكان إذا ما تسبب الاحتلال في منع قادة ومسؤولين من الوجود بحرية على أرض الأزمة، وفي جهود الحل.
بعد ما يزيد على خمس عشرة سنة من الانقسام وأكثر من مائة محاولة من قبل الوسطاء لإنهائه، بقي الوضع على حاله، وتكرس عمليا وجود شرعيتين في بلد واحد، وشعب واحد، ينتظره مصير واحد، شرعية في رام الله تسمى «الرسمية أوالدستورية»، وفي غزة تسمى شرعية الأمر الواقع، وهذا أنتج حالة متفردة لا مثيل لها في أي زمان ومكان، وهي أن السلطة في رام الله معارضة في غزة، والسلطة في غزة معارضة في رام الله، ذلك لم يكن حالة عابرة بل تكرس بوصفه حالة دائمة.
لم يبقَ بلد إلا ودخل في وساطة لإنهاء الانقسام، ولم ينج متدخل من فشل كان في غنى عنه، وأخطر ما في الأمر أن القوى السياسية الفلسطينية من صانعة الانقسام، قيدت نفسها بنفسها ولم يعد بوسعها فعل شيء سوى الانتظار قرب الهاتف، لعل متدخلا جديدا أو قديما يدعو القوم إلى ضيافة.
كل الذين تدخلوا أو توسطوا كانوا من ذوي النيات الحسنة ممن لهم مصلحة في إغلاق الجرح الفلسطيني النازف. والأمر بعد كل ما حصل صار بحاجة إلى إعادة النظر في كيفية التدخل والوساطة، فمن يرغب في ذلك فليقل للفلسطينيين اتفقوا فيما بينكم أولا، وبعد ذلك لكم منا كل ما يوفر تطبيقا لما تتفقون عليه.
ولأن علة العلل تكمن في تركيبة الطبقة السياسية الفلسطينية التي تنتمي كلها إلى زمن مضى، فلا مناص من أن يساعد كل حريص «ولو بالنصح» على تجديد هذه الطبقة، ليس بالاستنساخ ولا بالتواطؤات بل بذهاب الجميع إلى صندوق الاقتراع، فمن خلاله تتوحد الشرعيات في واحدة ويضع الفلسطينيون أقدامهم على أول الطريق المفضية إلى وحدتهم التي من دونها يتراجع وينهار كل شيء. وحين ينجح الفلسطينيون في ترميم نظامهم السياسي وتوحيد شرعيتهم، ينجح ذوو النيات الحسنة في مساعدتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانقسام الفلسطيني الوسطاء يحجمون الانقسام الفلسطيني الوسطاء يحجمون



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon