توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف حدث ما حدث في إسرائيل؟

  مصر اليوم -

كيف حدث ما حدث في إسرائيل

بقلم:نبيل عمرو

حقاً إن إسرائيل مكان الغرائب والعجائب، وأغرب ما فيها نظامها السياسي، الذي يسمح لصاحب أعلى عدد مقاعد في البرلمان بأن يذهب إلى المعارضة مهزوماً، ويأتي بصاحب أقل عدد منتصراً ورئيساً للوزراء، وهذا ما حدث في الانتخابات السابقة.
وفي إسرائيل كذلك أنتجت الانتخابات الأخيرة معادلة قلما يحدث مثلها في مكان آخر، وهي أن من أطاحوا رئيسَ الوزراء في دورة سابقة أعادوه محمولاً على الأعناق في دورة لاحقة، والمقصود هنا من شكلوا حكومة «التغيير» لبيد – جانتس، ومن وصف ببيضة القبان منصور عباس.
كيف حدث ذلك؟
حكومة التغيير تفوقت في الانتخابات السابقة على ائتلاف نتنياهو بصوت واحد، وفي منتصف ولايتها هرب منها من هرب، وبقي من بقي وصار التعادل هو سيد الموقف ما أملى الذهاب إلى انتخابات خامسة.
نتنياهو الذي من دون رئاسة الوزراء لم يعد يرى للحياة طعماً لم يُضِع دقيقة واحدة ولا صوتاً واحداً إلا وحشده في معركة العودة، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة دون أن يوظفها في معركته المصيرية لاستعادة العرش.
وباقتدار معروف عنه نجح في جمع صفوف معسكره العميق «اليمين»، وبالقدرة ذاتها عمل داخل معسكر الخصوم مستفيداً من هشاشة علاقاته التحالفية وحدّة التنافس الداخلي بين أطرافه، فانقسمت العرب إلى ثلاث شظايا، وعجز آخر من تبقى من اليسار عن التوحد، فهبطت مقاعد حزب العمل وشطبت ميريتس بعد أن أهدرت ما يربو على مائة وثلاثين ألف صوت، وخرجت قائمة التجمع العربية مهدرة كذلك ما يربو على مائة وعشرين ألف صوت، ولم ترتفع نسبة التصويت في الوسط العربي بالقدر الذي ارتفعت فيه في الوسط اليهودي، وكل ذلك قدم لنتنياهو الفوز على طبق من ذهب. لم يكن فوزاً عادياً تطلع فيه إلى أغلبية صوت واحد، بل فوز صارخ وفّر له تشكيل حكومة بأغلبية مريحة قوامها العضلة اليمينية الصلبة كما وفّر له تبديد قوى الخصوم وتعقيد إمكانية نشوء تحالف فعال ضده.
ما حدث ما كان ليحدث لو لم يفعل خصوم نتنياهو ما فعلوا على مدى سنة من حكمهم، فقد أظهروا ركاكة في القيادة وعجزاً عن الإفلات من إرث نتنياهو، فاعتمدوا منه ما أظهرهم كما لو أنهم ظِلٌ له وليسوا بديلاً عنه. تساوقوا مع طروحاته لحل القضية الفلسطينية باعتماد صيغة الحل الاقتصادي بديلاً عن السياسي، وزايدوا عليه في القتل والقمع، حتى سجلت سنة حكمهم أعلى منسوب دم نزف من أجساد الفلسطينيين في غزة والضفة، ولم يتمايزوا عنه في الموقف والسياسة تجاه السلطة الفلسطينية فقاطعوها مثله بصورة مطلقة، وعرضوا عليها ما كان يعرضه نتنياهو «أنتم مجرد وكيل أمني لنا» ما يتجاوز كثيراً حدود التنسيق المحدد في الاتفاقات التي لم يتبقَ منها غيره.
الدجاجة التي باضت ذهباً في قن نتنياهو كانت الطريقة التي تعامل بها الوسط العربي مع الانتخابات، مع أن الحسابات البسيطة والدقيقة والمجربة أشارت إلى إمكانية أن يكون قوة الحسم المضمونة ضد نتنياهو ويمينه الخطر.
لقد أخطأ العرب مرتين، الأولى حين لم يحشدوا إمكاناتهم التصويتية بما يقترب من النسبة التي حشد بها اليهود... صحيح أنها ارتفعت نقاطاً عدة عما كانت تشير إليه الاستطلاعات، إلا أن كثافة التصويت اليهودي غير المسبوقة حيدت هذا الارتفاع؛ إذ بدا عديم الفاعلية، أما الخطأ الآخر فحين خاضت القوى السياسية العربية معركتها الانتخابية باذلة الجهد الأكبر في تنافسها الداخلي؛ إذ هبط مستوى الخطاب وصار الهدف الظاهر إثبات تفوق كل تشكيل على منافسه، وأمر كهذا لا يصلح في الواقع إلا على صعيد المباهاة.
أخيراً... أغلق فصل الانتخابات الخامسة على تناقص متزايد للتمثيل العربي في الكنيست وتفتيت متزايد للائتلاف المناوئ لنتنياهو، ومنح مكانة أعلى وأعمق للقوى التي تريد استئصال الحالة العربية في إسرائيل من جذورها.
وبقوة التأثير ذاتها في الاتجاه الحكومي العام ضد الفلسطينيين وسلطتهم وكيانهم وحقوقهم في الضفة والقطاع والقدس.
ما حدث في إسرائيل ووفق مقياس المفاضلة بين السيئ والأكثر سوءاً، أن السيئ فشل والأكثر سوءاً فاز، وما يدعو للأسف حقاً أنَّ للعرب في الداخل إسهاماً كبيراً في ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف حدث ما حدث في إسرائيل كيف حدث ما حدث في إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon