توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف حدث ما حدث في إسرائيل؟

  مصر اليوم -

كيف حدث ما حدث في إسرائيل

بقلم:نبيل عمرو

حقاً إن إسرائيل مكان الغرائب والعجائب، وأغرب ما فيها نظامها السياسي، الذي يسمح لصاحب أعلى عدد مقاعد في البرلمان بأن يذهب إلى المعارضة مهزوماً، ويأتي بصاحب أقل عدد منتصراً ورئيساً للوزراء، وهذا ما حدث في الانتخابات السابقة.
وفي إسرائيل كذلك أنتجت الانتخابات الأخيرة معادلة قلما يحدث مثلها في مكان آخر، وهي أن من أطاحوا رئيسَ الوزراء في دورة سابقة أعادوه محمولاً على الأعناق في دورة لاحقة، والمقصود هنا من شكلوا حكومة «التغيير» لبيد – جانتس، ومن وصف ببيضة القبان منصور عباس.
كيف حدث ذلك؟
حكومة التغيير تفوقت في الانتخابات السابقة على ائتلاف نتنياهو بصوت واحد، وفي منتصف ولايتها هرب منها من هرب، وبقي من بقي وصار التعادل هو سيد الموقف ما أملى الذهاب إلى انتخابات خامسة.
نتنياهو الذي من دون رئاسة الوزراء لم يعد يرى للحياة طعماً لم يُضِع دقيقة واحدة ولا صوتاً واحداً إلا وحشده في معركة العودة، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة دون أن يوظفها في معركته المصيرية لاستعادة العرش.
وباقتدار معروف عنه نجح في جمع صفوف معسكره العميق «اليمين»، وبالقدرة ذاتها عمل داخل معسكر الخصوم مستفيداً من هشاشة علاقاته التحالفية وحدّة التنافس الداخلي بين أطرافه، فانقسمت العرب إلى ثلاث شظايا، وعجز آخر من تبقى من اليسار عن التوحد، فهبطت مقاعد حزب العمل وشطبت ميريتس بعد أن أهدرت ما يربو على مائة وثلاثين ألف صوت، وخرجت قائمة التجمع العربية مهدرة كذلك ما يربو على مائة وعشرين ألف صوت، ولم ترتفع نسبة التصويت في الوسط العربي بالقدر الذي ارتفعت فيه في الوسط اليهودي، وكل ذلك قدم لنتنياهو الفوز على طبق من ذهب. لم يكن فوزاً عادياً تطلع فيه إلى أغلبية صوت واحد، بل فوز صارخ وفّر له تشكيل حكومة بأغلبية مريحة قوامها العضلة اليمينية الصلبة كما وفّر له تبديد قوى الخصوم وتعقيد إمكانية نشوء تحالف فعال ضده.
ما حدث ما كان ليحدث لو لم يفعل خصوم نتنياهو ما فعلوا على مدى سنة من حكمهم، فقد أظهروا ركاكة في القيادة وعجزاً عن الإفلات من إرث نتنياهو، فاعتمدوا منه ما أظهرهم كما لو أنهم ظِلٌ له وليسوا بديلاً عنه. تساوقوا مع طروحاته لحل القضية الفلسطينية باعتماد صيغة الحل الاقتصادي بديلاً عن السياسي، وزايدوا عليه في القتل والقمع، حتى سجلت سنة حكمهم أعلى منسوب دم نزف من أجساد الفلسطينيين في غزة والضفة، ولم يتمايزوا عنه في الموقف والسياسة تجاه السلطة الفلسطينية فقاطعوها مثله بصورة مطلقة، وعرضوا عليها ما كان يعرضه نتنياهو «أنتم مجرد وكيل أمني لنا» ما يتجاوز كثيراً حدود التنسيق المحدد في الاتفاقات التي لم يتبقَ منها غيره.
الدجاجة التي باضت ذهباً في قن نتنياهو كانت الطريقة التي تعامل بها الوسط العربي مع الانتخابات، مع أن الحسابات البسيطة والدقيقة والمجربة أشارت إلى إمكانية أن يكون قوة الحسم المضمونة ضد نتنياهو ويمينه الخطر.
لقد أخطأ العرب مرتين، الأولى حين لم يحشدوا إمكاناتهم التصويتية بما يقترب من النسبة التي حشد بها اليهود... صحيح أنها ارتفعت نقاطاً عدة عما كانت تشير إليه الاستطلاعات، إلا أن كثافة التصويت اليهودي غير المسبوقة حيدت هذا الارتفاع؛ إذ بدا عديم الفاعلية، أما الخطأ الآخر فحين خاضت القوى السياسية العربية معركتها الانتخابية باذلة الجهد الأكبر في تنافسها الداخلي؛ إذ هبط مستوى الخطاب وصار الهدف الظاهر إثبات تفوق كل تشكيل على منافسه، وأمر كهذا لا يصلح في الواقع إلا على صعيد المباهاة.
أخيراً... أغلق فصل الانتخابات الخامسة على تناقص متزايد للتمثيل العربي في الكنيست وتفتيت متزايد للائتلاف المناوئ لنتنياهو، ومنح مكانة أعلى وأعمق للقوى التي تريد استئصال الحالة العربية في إسرائيل من جذورها.
وبقوة التأثير ذاتها في الاتجاه الحكومي العام ضد الفلسطينيين وسلطتهم وكيانهم وحقوقهم في الضفة والقطاع والقدس.
ما حدث في إسرائيل ووفق مقياس المفاضلة بين السيئ والأكثر سوءاً، أن السيئ فشل والأكثر سوءاً فاز، وما يدعو للأسف حقاً أنَّ للعرب في الداخل إسهاماً كبيراً في ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف حدث ما حدث في إسرائيل كيف حدث ما حدث في إسرائيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon