توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القطاع المفخخ

  مصر اليوم -

القطاع المفخخ

بقلم - نبيل عمرو

عقب التفجير الضخم الذي أودى بحياة الشهيد رفيق الحريري، سرّب الفاعلون رواية أعلنوا فيها أن الفاعل شخص يدعى «أبو عدس»، يقطن في أحد مخيمات بيروت، وقد سخر الناس من هذه الرواية بفعل إفراطها في السذاجة واستغباء الآخرين.

وحكاية «أبو عدس» تشبه حكاية الفلاح العراقي الذي منتجه رجال الإعلام وصوروه مسقطاً لطائرة الأباتشي، على أنه دليل قطعي على هزيمة التكنولوجيا الأميركية أمام التصميم العشائري العراقي.

خطرت في بالي هذه الصور التي تنطوي على قدر من الكوميديا وأنا أتابع سيل الروايات الذي انهمر بعد دقائق من وقوع الانفجار الذي لم يقتل رئيس الوزراء الفلسطيني ولا مدير المخابرات.

من الذي فعلها؟ نظرية المؤامرة التي ازدهرت أنتجت روايات متعددة؛ فسلطة رام الله اتهمت حركة حماس، وسلطة حماس اتهمت إسرائيل، أما الذين يحبون توسيع الدائرة من أجل التميز، فقد أوجدوا صلة بين التفجير واجتماع واشنطن الذي دعا إليه البيت الأبيض لمعالجة مأساة غزة.

وبين هذه المقولات التلقائية، تناثرت مقولات متعددة حول صلة «داعش» أو «النصرة» أو من على شاكلتهما من التشكيلات الإرهابية التي يشاع أنها تعمل في غزة.

يبدو لي أنه لن يصل أحد إلى نتيجة حاسمة؛ ذلك أن المناخ في غزة، وحدّة الاستقطاب بين القوى المتصارعة على أرضها الضيقة، يجعلان من المستحيل معرفة الحقيقة، وحتى لو عرفت ولو بمحض الصدفة، فإن استفحال نظرية المؤامرة سوف يطمسها، فكل شيء في هذه الحالة موظف للأجندات وليس للحقائق المجردة.

إذن لنتوقف عن سؤال «من الفاعل؟» الذي لا طائل من ورائه، لنعالج الآثار المترتبة على هذا التفجير مع مراعاة التوقيت الذي أتى فيه.

كان الوفد المصري يتابع جهوده الصبورة لمعالجة قضية الانقسام، دون الإفراط في التفاؤل بإحراز تقدم ولو طفيف، وحين وقع الانفجار، واندلعت الاتهامات المتبادلة، انتقلت حكاية المصالحة من الاستعصاء إلى الاستحالة، ووقعت الجهود المصرية بين تجاذبين إضافيين أكثر حدة وتأثيراً من كل التجاذبات السابقة.

لم تعد مسألة المصالحة مسألة رواتب وتوافق وتدرّج في تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها، فبعد الانفجار صارت الحكاية المركزية «من يسيطر بصورة كاملة لا فراغات فيها على الأمن».

وبعد الانفجار كذلك، تعززت نظرية الرئيس محمود عباس بأنه لا مصالحة دون إخضاع كل السلاح الموجود فوق الأرض وتحتها للسلطة الشرعية، وفي توضيح لموقفه استعان بظاهرة «حزب الله» في لبنان، مؤكداً وملتزماً برفض استنساخها في فلسطين.

جرت محاولات للتخفيف من حدة اشتراط محمود عباس، باعتماد مبدأ: «نبدأ بالأسهل لنصل إلى الأصعب»، وظهر قبول نسبي لهذا المبدأ، فبضعة ملايين من الدولارات قد ترطب الأجواء وتفتح الأبواب المغلقة.

حين وقع التفجير انقلبت المعادلة، ولربما تزحف بآثارها التدميرية على مستقبل العلاقة بين غزة والضفة، وعادت للتداول من جديد حكاية «دولة في غزة مع شبه دولة في الضفة»، وربط ذلك بصفقة القرن قيد الإعداد.

لم تخلُ غزة يوماً من انفجارات، ولم ينشغل الناس كثيراً بأمر «من الذي فعل هذا التفجير ولماذا».

في غزة سيطرة أمنية مطلقة لحماس، بمعنى أنه لا أحد ينافسها في هذا الأمر، إلا أن فجوات كثيرة تتخلل المنظومة الأمنية، ما جعل القطاع كله أشبه بقنبلة مفخخة ذات صواعق متعددة، وبوسع أي لاعب على أرضها الضيقة أن يضغط على الصاعق الذي بحوزته إذا كان التفجير يخدم أجندته.

هذا هو الوضع في غزة، وفي حالة من هذا النوع يصبح السؤال «من الفاعل؟» ثانوياً جداً في المعادلة، ولا نستغرب أن يظهر «أبو عدس2» أو أن يقع أمر أفدح يأخذ الاهتمام إلى مكان آخر.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع المفخخ القطاع المفخخ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon