توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القطاع المفخخ

  مصر اليوم -

القطاع المفخخ

بقلم - نبيل عمرو

عقب التفجير الضخم الذي أودى بحياة الشهيد رفيق الحريري، سرّب الفاعلون رواية أعلنوا فيها أن الفاعل شخص يدعى «أبو عدس»، يقطن في أحد مخيمات بيروت، وقد سخر الناس من هذه الرواية بفعل إفراطها في السذاجة واستغباء الآخرين.

وحكاية «أبو عدس» تشبه حكاية الفلاح العراقي الذي منتجه رجال الإعلام وصوروه مسقطاً لطائرة الأباتشي، على أنه دليل قطعي على هزيمة التكنولوجيا الأميركية أمام التصميم العشائري العراقي.

خطرت في بالي هذه الصور التي تنطوي على قدر من الكوميديا وأنا أتابع سيل الروايات الذي انهمر بعد دقائق من وقوع الانفجار الذي لم يقتل رئيس الوزراء الفلسطيني ولا مدير المخابرات.

من الذي فعلها؟ نظرية المؤامرة التي ازدهرت أنتجت روايات متعددة؛ فسلطة رام الله اتهمت حركة حماس، وسلطة حماس اتهمت إسرائيل، أما الذين يحبون توسيع الدائرة من أجل التميز، فقد أوجدوا صلة بين التفجير واجتماع واشنطن الذي دعا إليه البيت الأبيض لمعالجة مأساة غزة.

وبين هذه المقولات التلقائية، تناثرت مقولات متعددة حول صلة «داعش» أو «النصرة» أو من على شاكلتهما من التشكيلات الإرهابية التي يشاع أنها تعمل في غزة.

يبدو لي أنه لن يصل أحد إلى نتيجة حاسمة؛ ذلك أن المناخ في غزة، وحدّة الاستقطاب بين القوى المتصارعة على أرضها الضيقة، يجعلان من المستحيل معرفة الحقيقة، وحتى لو عرفت ولو بمحض الصدفة، فإن استفحال نظرية المؤامرة سوف يطمسها، فكل شيء في هذه الحالة موظف للأجندات وليس للحقائق المجردة.

إذن لنتوقف عن سؤال «من الفاعل؟» الذي لا طائل من ورائه، لنعالج الآثار المترتبة على هذا التفجير مع مراعاة التوقيت الذي أتى فيه.

كان الوفد المصري يتابع جهوده الصبورة لمعالجة قضية الانقسام، دون الإفراط في التفاؤل بإحراز تقدم ولو طفيف، وحين وقع الانفجار، واندلعت الاتهامات المتبادلة، انتقلت حكاية المصالحة من الاستعصاء إلى الاستحالة، ووقعت الجهود المصرية بين تجاذبين إضافيين أكثر حدة وتأثيراً من كل التجاذبات السابقة.

لم تعد مسألة المصالحة مسألة رواتب وتوافق وتدرّج في تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها، فبعد الانفجار صارت الحكاية المركزية «من يسيطر بصورة كاملة لا فراغات فيها على الأمن».

وبعد الانفجار كذلك، تعززت نظرية الرئيس محمود عباس بأنه لا مصالحة دون إخضاع كل السلاح الموجود فوق الأرض وتحتها للسلطة الشرعية، وفي توضيح لموقفه استعان بظاهرة «حزب الله» في لبنان، مؤكداً وملتزماً برفض استنساخها في فلسطين.

جرت محاولات للتخفيف من حدة اشتراط محمود عباس، باعتماد مبدأ: «نبدأ بالأسهل لنصل إلى الأصعب»، وظهر قبول نسبي لهذا المبدأ، فبضعة ملايين من الدولارات قد ترطب الأجواء وتفتح الأبواب المغلقة.

حين وقع التفجير انقلبت المعادلة، ولربما تزحف بآثارها التدميرية على مستقبل العلاقة بين غزة والضفة، وعادت للتداول من جديد حكاية «دولة في غزة مع شبه دولة في الضفة»، وربط ذلك بصفقة القرن قيد الإعداد.

لم تخلُ غزة يوماً من انفجارات، ولم ينشغل الناس كثيراً بأمر «من الذي فعل هذا التفجير ولماذا».

في غزة سيطرة أمنية مطلقة لحماس، بمعنى أنه لا أحد ينافسها في هذا الأمر، إلا أن فجوات كثيرة تتخلل المنظومة الأمنية، ما جعل القطاع كله أشبه بقنبلة مفخخة ذات صواعق متعددة، وبوسع أي لاعب على أرضها الضيقة أن يضغط على الصاعق الذي بحوزته إذا كان التفجير يخدم أجندته.

هذا هو الوضع في غزة، وفي حالة من هذا النوع يصبح السؤال «من الفاعل؟» ثانوياً جداً في المعادلة، ولا نستغرب أن يظهر «أبو عدس2» أو أن يقع أمر أفدح يأخذ الاهتمام إلى مكان آخر.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع المفخخ القطاع المفخخ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon