بقلم - نبيل عمرو
تابع العالم من على شاشات التلفزيون ثلاثة خطابات/ طلقات، لم يحمل أي منها ولو خيطاً رفيعاً من أمل بإمكانية وقف الانهيار المتسارع لعملية السلام على مسارها الفلسطيني الإسرائيلي.
الأولى أطلقها الرئيس محمود عباس، وأصابت في الصميم كل ما كان بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ إعلان أوسلو وحتى أيامنا هذه، فقد حسم عباس أمره ونعى في خطابه مرحلة بكاملها، فكل شيء تم خلال حقبة ما بعد أوسلو انقلب إلى عكسه، وكل أمل في سلام ولو غير عادل، تحول إلى يأس، وتجدد وإن بصورة أسخن وأعمق الصراع المزمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الطلقة الثانية جاءت من مسدس المندوب الإسرائيلي، الذي ألف تاريخاً غير حقيقي لمبادرات إسرائيلية حول السلام رفضها الفلسطينيون، وأكثر ما يلفت النظر في طلقة المندوب الإسرائيلي قوله «إن عباس لم يعد الحل بل هو المشكلة»..
وطلقة لفظية كهذه تشي باحتمالات طلقة من نوع آخر، وحكاية قتل عرفات لا تزال ماثلة في الأذهان وفي الواقع.
الطلقة الثالثة جاءت من السيدة نيكي هيلي، التي لم تؤكد انحياز الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل واستيطانها وديمومة احتلالها، بل أكدت الانحياز بأثر رجعي حين اعتبرت مرور قرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان خطيئة ارتكبتها الإدارة السابقة.
وهذا الذي حدث في مجلس الأمن لا بد وأن يضع إدارة ترمب أمام مفترق يتعلق بصفقة القرن، فإما أن تؤجل بعد كل هذه الانهيارات المروعة للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، والفلسطينية الأميركية، وإما أن تعرض في هذه الأجواء ومعجزة بالكاد تمنع احتراقها.
بعد الذي حدث بالأمس في مجلس الأمن من الذي سيتحدث عن عملية سلام تفاوضي، ومن هو ذلك الساحر الذي يقوى على إعادة البيت الذي انهار وصار كومة من ركام؟!
ثلاث معجزات يفترض أن تتحقق كي يصبح لكلمة عملية السلام بعض المصداقية والواقعية.
تغيير الإدارة الأميركية، وتغيير القيادة الإسرائيلية، وتغيير القيادة الفلسطينية، وكل واحدة من الثلاثة أصعب من الأخرى، وحتى لو حدث أن تكفل الزمن بتغيير الإدارات والقيادات، فكم سنة نحتاج لإنجاح محاولة جديدة.
لقد واكبت عملية السلام منذ أن كانت ثمرة لحرب الخليج والتي ولدت في مدريد واندمجت فيها بحكم الموقع منذ أن بُدئ بتطبيق اتفاقات أوسلو، وما زلت أتعرض للوم المعارضين على ما اعتبروه دوراً فعالاً في الترويج لاتفاقات محكوم عليها بالفشل، وحين استمعت إلى خطاب الرئيس محمود عباس وشكواه المريرة حول مآلات أوسلو، والمحاولة التي كانت جسورة في حينه، أيقنت أن سلاماً من أي نوع ومهما تساهل الفلسطينيون، فلن يتحقق. وكما قال بنيامين نتنياهو مطلوب من الشعب الإسرائيلي أن يظل حاملاً السلاح إلى ما لا نهاية، فإن كل فلسطيني الآن يقول سنظل حاملين مأساتنا إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه