توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زورق نتنياهو يرتطم بالصخور!

  مصر اليوم -

زورق نتنياهو يرتطم بالصخور

بقلم - نبيل عمرو

تعّود بنيامين نتنياهو الإبحار في مياه هادئة. ومنذ أول مرة صار فيها رئيس وزراء إلى آخر مرة، كان الفوز في معاركه هو القاعدة، والخسارة هي الاستثناء، وعلى الرغم من أن فوزه أو خسارته كانا بأصوات قليلة، فإنه بعد أن يتسلم مهام منصبه يقدم نفسه لإسرائيل والعالم على أنه رئيس وزراء الجميع.
ولم يكن بوسع معارضيه إلا أن يتعاملوا معه على هذا الأساس، انتظاراً لجولة انتخابات جديدة، قد تؤدي إلى الإطاحة به.
ظلت الأمور هكذا على مدى الولايات الخمس، وكل من راقب رحلته السياسية توصل إلى اقتناع بأن الرجل هو الأقوى على مستوى إسرائيل كلها، وهو الملك الساحر على مستوى معسكره، وهو الرجل الذي يُستقبل في عواصم العالم على أنه الجدير بأن توقَّع الاتفاقات معه.
وسبحان مغير الأحوال، ففي فترة قصيرة تحسب بالأسابيع، لم يعد نتنياهو المألوف هو نتنياهو الحالي، ولم تعد المياه الهادئة التي وفرت لزورقه إبحاراً سلساً ومضمون الوصول إلى المحطة التي يريدها هادئة بالفعل. وإذا بربان الزورق يجد نفسه في قلب إعصار لم يسبق أن واجه مثله، ولا حتى ما هو أقل منه بكثير، وفي مجمع صخور صلبة لا قبل لزورقه بتجنب الارتطام بها.
فإذا بالملك الساحر رئيس الوزراء الأطول عهداً حتى من بن غوريون مؤسس الدولة، يضطر إلى الانتقال من بيته الذي يبعد كيلومترات قليلة عن المطار بمروحية شرطة، لاستحالة مرور سيارته من جموع المتظاهرين ضده، ولأول مرة على مدى العمر الطويل في رئاسة الوزراء، يتجمع آلاف أمام سفارات الدول التي يزمع زيارتها، لتوجيه رسالة مفادها: «هذا الرجل لا يمثلنا، فلا تستقبلوه»، ولأول مرة ينحدر من مكانة الملك الساحر إلى مجرد رئيس لتجمعه، ويقال عنه إنه ألعوبة بيد من يملكون القدرة الحقيقية على الإطاحة به من داخل ائتلافه.
حين قدَّم رئيس الدولة إسحاق هيرتسوغ مبادرته بالحل الوسط للأزمة المستمرة والمتصاعدة، وعنوانها التغييرات في القضاء وتقويض الديمقراطية، رفضها نتنياهو بعد دقائق من صدورها، غير أن ما قاله لتبرير رفضه يشير إلى اعتراف مباشر بمكانته المتراجعة في الدولة العبرية؛ حيث قال: «إن مبادرة هيرتسوغ تمثل نصف الشعب الإسرائيلي»، ما يعني أنه لم يعد باستطاعته القول إنه رئيس وزراء إسرائيل كلها!
إن أي رئيس وزراء لا يقتنع بنفسه ولا يُقنع، إلا إذا تم تتويجه في البيت الأبيض، وها هو التتويج التقليدي يتعثر، وهذا أنتج معضلة متعبة للرجل، دفعته إلى الاحتجاج بطريقة تخلو من المهابة والاعتداد، فقد منع وزراء حكومته من زيارة واشنطن قبل أن يزورها هو. ذلك يختلف كثيراً عن زمن سابق، حين كان البيت الأبيض يستعجل زيارته، وحين كان يلقي خطاباً أمام الكونغرس غير آبه بتحفظات البيت الأبيض على تجاوزاته.
السيد نتنياهو توغل في أزمة كبرى، الجديد فيها أنها بجملتها وتفاصيلها من صنع يديه. فما إن استسهل الارتماء في أحضان أقطاب اليمين المتشدد ليصل إلى رئاسة الوزراء، حتى بدأ يدفع ثمن استسهاله من لحم إسرائيل الحي، ذلك أن أقطاب ائتلافه تجاوزوا كثيراً حدود ما كان يستطيع وما لا يستطيع، فها هم يحشرونه في مجمع الصخور وفي لجة الإعصار، فهم لم يعودوا يريدون مجرد امتيازات هو قادر على منحها، ولا مجرد مناصب وموازنات كما كان الأمر عليه سابقاً؛ بل إنهم يريدون تغيير أساسات الدولة وهويتها، على أن يكون هو «البلدوزر» في أمر خطير كهذا.
لقد وصلت الأمور إلى ما هو أبعد بكثير مما كانت تصل إليه الأزمات الكبرى في إسرائيل. لم يعد ما يجري مجرد أزمة داخلية، فها هي تمتد إلى خارج إسرائيل، ليس فقط بفعل التظاهرات التي تستقبل نتنياهو في أي عاصمة يزورها؛ بل في أمر لم يكن ليحدث من قبل، مثلاً:
الاتحاد الأوروبي يناقش الأزمة، ومستقبلو نتنياهو يتحدثون معه في أمرها، وواشنطن لا تكتفي بالضغط الرقيق؛ بل تصعِّد مواقفها وكأن أزمة إسرائيل تندلع في أهم أولوياتها.
كان المخرج المأمول هو ما سيأتي به رئيس الدولة المفترض أنه أحد أهم رموز وحدتها، وحين يتخذ نتنياهو وائتلافه موقفاً ليس متحفظاً عليها؛ بل معادياً، فهذه واحدة من أعتى وأصلب الصخرات التي يرتطم بها زورقه، ولا أحد يعرف حتى اللحظة مصير الزورق وربانه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زورق نتنياهو يرتطم بالصخور زورق نتنياهو يرتطم بالصخور



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon