توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل: توزيع أدوار أم فقدان سيطرة!

  مصر اليوم -

إسرائيل توزيع أدوار أم فقدان سيطرة

بقلم - نبيل عمرو

في حالة الاشتعال التي تشهدها القدس، وخصوصاً المسجد الأقصى، بدا جلياً أن في إسرائيل من يحتاج إلى اشتعال كهذا.
ذلك من خلال الاستعدادات لذبح القرابين في حرم المسجد، الذي يمثل بالنسبة للفلسطينيين، والمسلمين عموماً، ذروة التعدي.
وكذلك سلوك الشرطة الإسرائيلية تجاه المصلين، الذي اتسم بمبالغة مفرطة، حيث اعتقلت المئات، في سياق حملة شرسة أدّت إلى تفريغ المسجد من المصلين، ووضع قيود صارمة تخفض أعدادهم التي تصل إلى مئات الألوف، ليس في رمضان فقط، وإنما على مدار السنة.
وما يؤرق السلطات هو الاحتشاد الفلسطيني في المسجد الذي لا يقتصر على فلسطينيي القدس، بل يشارك فيه قادمون من كل مدينة وقرية فلسطينية في الضفة والـ48. والمؤرق هنا ليس الجهد المضاعف الذي يترتب على أجهزة الأمن بمختلف أفرعها، وإنما ما ينطوي عليه الاحتشاد من رسائل ومدلولات تبدد الزعم الإسرائيلي بأن القدس هي العاصمة الموحدة لإسرائيل، فأي «عاصمة موحدة» يحتلها الجيش وقوات الأمن كما لو أنها جبهة قتالية، وتحتوي مئات ألوف الفلسطينيين الذين يعيشون داخلها وحولها، وفيها تجمع المقدسات التي تهفو إليها أفئدة الفلسطينيين جميعاً، عن قرب وعن بعد.
معضلة القدس، وإن كانت الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تطويقها أو معالجتها بقمع الفلسطينيين وضبط حضورهم حتى التقليل منه، تؤذي الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين وحيثما وجدوا، إلا أنها المكان الأكثر إشهاراً للفشل الإسرائيلي سياسياً ومعنوياً وحين يكون وضع «العاصمة الموحدة» على هذه الشاكلة، فمن يصدق الزعم الإسرائيلي بأنها العاصمة الأبدية، وأن السيطرة عليها لمدة تربو عن نصف قرن ألغت الحضور الفلسطيني الدائم والقوي فيها، أو أنه جعل العالم يعترف بكونها عاصمة، وليست للفلسطينيين حقوق سياسية ووطنية وتاريخية ودينية وثقافية فيها.
الاشتعال الراهن، الذي تتحمل المسؤولية المباشرة عنه الدولة العبرية بأكملها، وليس مجرد مستوطن أو رجال شرطة، أظهر بخلفياته وأداء الأدوار فيه واقع الدولة، وحالة الفوضى التي دبت في جميع مكوناتها، وهذه بعض المؤشرات الواضحة على ذلك.
الحاخام الأكبر لإسرائيل أصدر بياناً حرم فيه اقتحام اليهود للأقصى في عيد الفصح، بما في ذلك ذبح القرابين فيه، ولا يستبعد أن يكون فعل ذلك بتوصية حكومية من نتنياهو بالذات، كي يتفادى إدانات دولية، حتى من قبل أصدقاء إسرائيل جراء فعلة كهذه.
المستوطنون لم يأبهوا بتحريم الحاخام المفترض أنه ملزم لكل اليهود، فتدافعوا للاقتحام حتى إنه وضعت جائزة مالية لمن يتمكن من ذبح القرابين في باحات المسجد.
الشرطة الإسرائيلية لم تمس مستوطناً واحداً، وربما أدت بعض المشاهد الدعائية، إلا أن جهدها الأساس انصرف إلى اقتحام المسجد والاعتداء على المصلين واعتقال مئات منهم واقتيادهم إلى مراكز التحقيق بغرض إخافتهم وإخافة غيرهم كي يقاطعوا الصلوات، ويصبح الحشد قابلاً للسيطرة والاحتواء. وعلى وهج الاشتعال الذي نقلته جميع شاشات التلفزة ليشاهده العالم كله، ظهر نتنياهو ليمارس لعبته المفضلة، وهي الحديث عن التهدئة، وكأن العالم سيصدق براعة اللغة على حساب فداحة الفعل.
وللإجابة عن سؤال العنوان... هل ما يجري من سلوك إسرائيلي يبدو في ظاهره متناقضاً هو توزيع أدوار أم فقدان للسيطرة؟؟
إنه الحالتان معاً.
توزيع الأدوار يظهر في الازدواجية الصارخة التي تؤديها الشرطة، فمن جهة هي تحمي المستوطنين بجميع أنشطتهم، ومن جهة أخرى تنكل بالفلسطينيين على النحو الذي شاهده العالم، وذلك تحت مقولة فقدت صدقيتها، وهي توفير الأمن والهدوء.
أما فقدان السيطرة، فالحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نتنياهو، يفترض أنها صاحبة القرار الملزم لجميع من يقع تحت مسؤوليتها، إلا أن الأمر لم يعد كذلك، فكل مكون من مكونات الحكومة يأخذ على عاتقه تنفيذ أجندته الخاصة بيده، ذلك أن الذين يؤدون العمل على الأرض هم وزراء، ولكل منهم مرجعيته الخاصة به... أما الحكومة فهي مجرد غطاء يتدثرون به، و«شرعية» تستخدم لتمرير أجنداتهم.
ما يحدث الآن... لا حل له، لا بالمسكنات الموضعية، ولا بالقمع الشرس، فما يجري ليس مجرد صراع بين شرطة ومصلين، إنه صراع على الحاضر والمستقبل لشعب وبلد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل توزيع أدوار أم فقدان سيطرة إسرائيل توزيع أدوار أم فقدان سيطرة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon