توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السعودية: دبلوماسية تبريد المراجل التي تغلي

  مصر اليوم -

السعودية دبلوماسية تبريد المراجل التي تغلي

بقلم - نبيل عمرو

قبل اندلاع الحرب الأوكرانية، وفي الزمن الذي سمَّيناه من دون تدقيق الربيع العربي. كان الشرق الأوسط، الساحة الأكثر اشتعالاً... حروب أهلية أتت بتدخلات عسكرية خارجية مباشرة، حتى استحقت الحالة أن توصف بالحرب الكونية التي لم تبقَ دولة قريبة أو بعيدة إلا وشاركت فيها مباشرة أو بالواسطة.
شعوب المنطقة والعرب بالذات، دفعت ثمناً باهظاً من الأرواح والدمار والنزوح، وقد وصلت الأمور في بعض «بلدان الربيع» إلى أن يتهددها التقسيم وفقدان مقومات الدولة؛ ما أنتج وضعا كارثياً... جعل من إعادة إعمار ما تهدم أمراً باهظ التكاليف، وصارت إعادة ملايين المهاجرين إلى ديارهم معضلة مزدوجة، يعاني منها المضيفون بالقدر ذاته من معاناة بلدانهم.
وفي المساحة الزمنية التي بدأت منذ انطلاق الشرارة الأولى في «الربيع» وحتى يومنا هذا... اضطرب الإقليم كله، وتصاعدت وتعقدت الخلافات البينية بين اللاعبين، فمن نجا من وقوع حرب على أرضه... راودته مخاوف مشروعة من جيرانه. وفي كل حال ابتعدت المخارج من الأزمات، إلى الحد الذي صار الإقليم منطقة تكاد تكون محروقة، مع تفاوت في الخسارات، حيث لا مكاسب لأي طرف.
أكثر الخاسرين هم أهل الشرق الأوسط من العرب، وحتى الذين لم تكن بلدانهم مسرحاً لحرب، فلا طمأنينة عندهم ما دام الاشتعال يضطرم على حدودهم ووراء أبواب بيوتهم.
على الصعيد العربي - العربي، جرت لقاءات وقمم، ومحاولات لإطفاء النيران المشتعلة، وكلها ابتلعتها دوامة الحروب ولم تحقق أي نتائج تذكر، وحتى القمم المفترض أن ترسم طريقاً للخروج من الأزمة الشاملة فقد اكتفت بمجرد الحفاظ على الصورة النمطية للنظام العربي دون أن تفعل شيئاً.
في علم الطب، لا ينصح بإجراء جراحة قبل إزالة الالتهاب.
وفي السياسة لا مؤتمر ينجح قبل تبريد المراجل التي تغلي، وهذا ما ينبغي أن يسبق أي قمة عربية، ومن دون ذلك فلا أمل بإحداث فرق عن القمم النمطية، التي يحتفل بها يوم افتتاحها، وتُنسى تماماً في اليوم التالي لانفضاضها.
بفعل الحرب الكونية، التي تعاقبت فصولها على منطقتنا.
تغيرت أمور كثيرة على صعيد العلاقات العربية - العربية، ولم تعد الأزمات مجرد اختلافات بين الدول العربية، ولا حتى بينها وبين إسرائيل كما كان الأمر عليه في القمم الكثيرة التي سبقت، بل دخل عليها البعد الإقليمي والدولي، الذي لم يعد مؤثراً عن بعد، بل أضحى شريكاً مباشراً في الأزمات وبداهة أن يكون شريكاً في المخارج.
مسألة التبريد يبدو أنها سائرة على خطها الصحيح، وهذا يوفر إمكانات جدية لنقل المنطقة من حالة الاضطراب والنزف والاحتراب إلى حالة من الوئام والسيطرة على الأزمات والحيلولة دون تفاقمها، وهذا ما تقوم به السعودية، وما تمضي عليه دبلوماسيتها الفعالة.
على الصعيد العربي – العربي، هنالك قمة وشيكة، ينتظر منها ألا تكون نمطية، أو مجرد دورية لحفظ ما تبقى من صورة النظام العربي، بل حدثاً سياسياً له ما بعده، وما يرتجى منه كثير وضروري ومهم، فالعرب في حاجة إلى وئام واستقرار علاقات، وهذا لم يعد أمراً مستحيلاً، ربما كان كذلك في زمن الاشتعال الشامل، أما الآن فالأمر أقل اشتعالاً وفرص اخماد الحرائق تتزايد من داخل البؤر ومن حولها.
نجاح القمة له شروط ترقى إلى مستوى المبادئ، أهمها جودة الإعداد المسبق، وهذا يجري بكفاءة وجرأة، وجودة جدول الأعمال حيث اختيار الأولويات على نحو يحتم الاتفاق عليها، وجودة آليات المتابعة، والوعي لمستوى التأثير المتبادل مع دول العالم.
إن شعور كل طرف عربي من أطراف القمة بأن مصالحه تتحقق بالانسجام مع مصالح الآخرين، وليس بالتصادم معها، سيكون أساس النجاح في المعالجة والخلاصات.
القمة العربية وبفعل المستجدات التي أتى بها «الربيع» الذي فتح البوابات على مصاريعها وبلا ضوابط لتدخلات خارجية مباشرة، لم تعد مجرد عربية - عربية، بل لا مناص من أن تُدعم بحضور إقليمي وحتى دولي، والسعودية أدرى بما يمكن أن يُفعل على هذا الصعيد، وحركتها النشطة والمقتحمة لبؤر الأزمات تشجع على اليقين بالنجاح...
القمة القادمة ستلتئم في بيئة غير مسبوقة، في مستوى وعمق التداخل مع دول وقوى الإقليم، وإذا كان تبريد المراجل التي تغلي يحمل مؤشرات على النجاح فما بعده يفترض أن يكون كذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية دبلوماسية تبريد المراجل التي تغلي السعودية دبلوماسية تبريد المراجل التي تغلي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon