توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«فتح» و«حماس»... القطبية المتراجعة

  مصر اليوم -

«فتح» و«حماس» القطبية المتراجعة

بقلم: نبيل عمرو

في مقالة سابقة نشرت في «الشرق الأوسط»، تحدثت عن الرسائل التونسية التي أفرزتها المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية، والتي تقدم فيها مرشحان خارج إطار القطبية التي نشأت بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، والتي هي لمجرد التذكير قطبية «النهضة» و«نداء تونس».
لم أقل صراحة إن الرسائل التونسية بدت لي موجهة لقطبي الساحة الفلسطينية «فتح» و«حماس» اللذين ما زالا ينامان على حرير الولاء الشعبي التلقائي لهما مناصفة، وإلى الأبد. التراجع الملحوظ رغم ادعاءات نفيه اعترى القطبين اللذين يسيطران على الحياة السياسية الفلسطينية: «فتح» في الضفة، و«حماس» في غزة.
«فتح» مؤسسة الحركة الوطنية الفلسطينية الحديثة، وصانعة التمثيل الفلسطيني الوحيد والذي لا يناقش، عبر «منظمة التحرير»، تعاني من ظواهر أضعفت وبصورة ملحوظة حضورها الجماهيري داخل الوطن، مع بروز لظاهرة لم تكن موجودة من قبل، وهي المنافسة المتعددة الأوجه على التمثيل الفلسطيني داخلياً وخارجياً، من خلال مؤتمرات حاشدة ترفع شعار إصلاح «منظمة التحرير»، بينما هدفها المباشر، وإنْ لم يكن معلناً، هو إقصاء «فتح» عنها، واستبدال تشكيل مختلف بها، تكون «حماس» ومن يدور في فلكها عموده الفقاري.
تدرك قواعد «فتح» ومعظم كادرها، بمن في ذلك من يحتلون مواقع متقدمة، أن أحد أسباب تراجع نفوذ «فتح» هو اشتداد الصراع الداخلي فيها، وهو صراع تعمق وانتشر في زمن السلطة ووظائفها وامتيازاتها على نحو لا سياسة فيه، وهذا كما بدا جلياً هو آخر أنواع الصراعات الداخلية.
في بداية التراجع، أظهرت الانتخابات الأخيرة التباساً في أمر النفوذ؛ إذ وفق نظام النسبية، أي القوائم، توازت «فتح» و«حماس» في الأصوات، مع فوارق ضئيلة، لا تكاد تذكر، غير أن الكارثة الماحقة حلت بـ«فتح» في انتخابات الدوائر؛ حيث وبفعل صراعها الداخلي الشرس، وتنافسها مع ذاتها، خسرت دوائر بكاملها، باستثناء اختراقات محدودة لم تؤثر على أغلبية «حماس» المتفوقة في المجلس التشريعي. ويا للمفارقة! فالمجلس الذي خسرته «فتح» هي من أسسته ورعت انتخاباته الأولى والثانية.
لقد أهدرت «فتح» فرصاً ثمينة لتحسين أوضاعها وترميم بنيانها، منها مؤتمران عامان، إنْ لم أقل أسهمت نتائجهما في تراجع المكانة والنفوذ، فلم تقدم جديداً إيجابياً على صعيد بنية الحركة ومؤسساتها وحضورها، كما أضاعت فرصة انعقاد المجلس الوطني بدعوة منها ورعاية مباشرة لكل شؤونه جملة وتفصيلاً؛ إذ يجمع أعضاؤه قبل المراقبين، أثناء انعقاده وبعد انفضاضه، على أنه لم يقدم شيئاً على صعيد تطوير النفوذ أو وقف تراجعه. وتكرست ظاهرة أن الخارجين من إطار «المنظمة» أكبر وأفعل من الباقين فيها، هذه الحال لا بد أن تتغير.
أما «حماس»، فحدث ولا حرج. لقد دخلت الحركة الإسلامية تجربة السلطة من بوابة أوسلو التي رفضتها، وخوّنت «فتح» التي أقدمت عليها، وكان أن ثبَّتت «حماس» سلطة مطلقة على جزء من الوطن، ولا أخالها بقادرة على الدفاع عما فعلت خلال فترة هذه السلطة الطويلة الأمد؛ حيث تكرس انقسام الوطن، وتراجعت الحياة من كل جوانبها ومستوياتها في غزة. ولا مغالاة حين يقال إن حياة الغزيين في عهد حكم «حماس» كانت أسوأ مما مر على القطاع منذ الأزل. ورغم ذلك فإن ثقة، لا أراها في محلها، يظهرها قادة «حماس» بشأن حتمية إعادة انتخابهم، كقطب لا غنى عنه في الحياة الفلسطينية. فعلى ماذا يعاد انتخابهم؟!
تجربة جديدة يمكن أن تطور النظام السياسي الفلسطيني، هي فتح الانتخابات القادمة دون الاعتماد المطلق على الاستقطاب الحزبي. فتحها ترشحاً وانتخاباً لكل الفلسطينيين، ومن يفوز بثقة الشعب هو الأجدر بقيادته. وبالتأكيد سيفوز فتحاويون كثر، وحمساويون كذلك، ومستقلون أكثر.
إن الاعتماد على المؤسسات الحزبية لاحتكار تشكيل القوائم وإصدار الأوامر لملايين الناخبين للتصويت، كما لو أنهم خلية حزبية، هو أمر لم يعد واقعياً، ولا الناس في وارد الاستجابة لأوامر وتوجيهات قادة تنظيمات يعتبرون الجمهور مجرد رصيد جاهز لتلقي أوامرهم، والتصويت دون نقاش لهم.
الانتخابات القادمة، إنْ حدثت، وأضع خطوطاً تحت «إن حدثت»، ستفضي إما إلى تجديد في النظام السياسي الفلسطيني، وهذا ما يحتاجه الوطن والمواطن والقضية الوطنية، وإما أن تكون استنساخاً لقطبية متراجعة، يكفي إلقاء نظرة على ما أنجزت خلال العقود الماضية لمعاقبتها في صندوق الاقتراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فتح» و«حماس» القطبية المتراجعة «فتح» و«حماس» القطبية المتراجعة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon