توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة ورام الله... الرمزي والفعلي

  مصر اليوم -

غزة ورام الله الرمزي والفعلي

بقلم - نبيل عمرو

يخوض صديقي عزام الأحمد، معركة صعبة ليضع توقيعه على اتفاق التهدئة بين «حماس» وإسرائيل، الذي يحتمل أن ينجز خلال الأيام القادمة.

المصريون عرابو الاتفاق المحتمل، لا مانع لديهم من أن يوقع عزام لما لذلك من دلالات رمزية مهمة بالنسبة للسلطة التي تعترف القاهرة رسمياً بها، أو أن يوقع العاروري بوصفه يمثل الطرف المحارب الذي صنع المقدمات ومنطقياً أن يصنع الخلاصات.

إذن نحن في اللحظات الأخيرة حيال اقتتال بين الرمزي والفعلي، الرمزي يؤدي رسالة سياسية هي أن السلطة في رام الله ما تزال هي العنوان، وتوقيعها يعني الأفضلية على «حماس» التي مهما فعلت لا بد أن تقف خلفها، أما بالنسبة لـ«حماس» فإنها ترى في اتفاق التهدئة مع إسرائيل برهاناً قوياً لا ترغب في التخلي عنه، على أنها الفصيل الأول الذي يصنع الحدث ويستولي على خلاصاته، ولا لزوم لأن يتقدم الرمزي على الفعلي.

حين كتابتي هذه المقالة وكان ذلك قبل سويعات قليلة من انعقاد المجلس المركزي، الذي حولته المقاطعات إلى حالة إشكالية تصيب بالضرر شمولية تمثيل المنظمة... لم يكن تأكد بعد إغلاق ملف التهدئة على اتفاق موثق ولم يحسم بعد من الذي سيوقع؛ الرمزي أم الفعلي، ولم العجلة فغداً أو بعد غد سنرى ونعرف.

غير أن ما يتعين الانتباه له هو من الذي سيكسب أكثر من إغلاق ملف التهدئة، ومن الذي ستتعزز مكانته في اللعبة بعد إخراج الضغط الإسرائيلي المباشر عن الخط؟

لو تحققت البنود المسربة عن الاتفاق المعد فإن أول الرابحين هم المواطنون الغزيون، الذين دفعوا ثمن الحروب المتتالية إلى الحد الذي حرمهم من أبسط حقوق الآدميين في أي مكان على وجه الأرض، ذلك إن التهدئة ستؤمن لهؤلاء حياة أفضل لا نعرف حتى الآن كيف ستكون بالضبط، لأنه ووفق التجارب يوجد فرق بين الاتفاقات على الورق وتطبيقاتها على الأرض. إلا أن الرهان المنطقي يتجه إلى أن الأمور على الصعيد الشعبي والإنساني ستكون أفضل أو هكذا يؤمّل، بعد إنجاز اتفاق التهدئة أو الهدنة الطويلة الأمد، ستكون «حماس» أقدر من السلطة على الاستفادة من الحدث، خصوصاً أن إسرائيل وأميركا، وهما اللاعبان المؤثران في الشأن الإسرائيلي الغزي، غيرتا موقفيهما تماماً من «حماس»، فلم يعد إقصاؤها عن الحكم في غزة مطلباً كما كان من قبل، ولم يعد تسلم سلطة رام الله الشرعية مفاتيح غزة جميعاً شرطاً للتعامل، وما تراه «حماس» الأكثر أهمية أنها في هذا الوضع الجديد ستحتفظ بسلاحها بحيث تستطيع استخدامه عند الضرورة، وغالباً في أمر تثبيت النفوذ داخل غزة والساحة الفلسطينية عموماً، كل ذلك تراه «حماس» وتتعامل معه حاضراً ومستقبلاً على أنه ترجيح من جانب الأطراف المهمة لشرعية الأمر الواقع التي كرستها «حماس» في غزة على الشرعية القانونية والسياسية التي تجسدها السلطة في رام الله، وهنا بوسعنا الاستنتاج بأن «حماس» ربما لن تقيم وزناً حاسماً للرمزية إذا ما ضمنت تواصل نفوذها الفعلي وتطوره على الأرض.

ستؤدي «حماس» دورها في اللعبة القادمة على ملف المصالحة بوضوح أكثر من السابق، ستطلب حصة أكبر في منظمة التحرير مستفيدة من المقاطعات التي أضعفت المجلس الوطني في دورته الأخيرة وأضعفت المجلس المركزي أكثر في دورته الحالية، ومستفيدة كذلك من توقعاتها حول نتائج اتفاق التهدئة على الصعيد الشعبي، وستعرض أي تطور إيجابي في حياة الناس على أنه إنجاز لها ربما يؤدي إلى تحسين العلاقة المضطربة بينها وبين الجمهور الغزي، وستراهن حتماً على أن ذلك سيعظم رصيدها الانتخابي بعد أن كان مشكوكاً فيه تحت وهج النار والحصار وفشل الإدارة، وعلى عكس ما يتوقع خصوم «حماس» فإنها ستستفيد من التهمة الموجهة لها على أنها تتعاون مع الأميركيين والإسرائيليين وغيرهم لتنفيذ صفقة القرن، إذ إنها ستقدم الضريبة الكلامية برفض الصفقة وتحصل على تمكين سياسي كانت محرومة منه في أمر الحديث معها كقوة مقررة في الشأن الفلسطيني.

ربما يكون هذا الاستنتاج أولياً وغير ناضج بالقدر الكافي، إلا أنه ينطوي على رسالة شديدة الوضوح بشأن كيفية صناعة المواقف وبلورتها، فمن خلال ما يجري تقول «حماس» للجميع إنها وإن كانت تسمي نفسها حركة المقاومة الإسلامية وحركة الممانعة على جغرافية فلسطينية ضيقة إلا أنها قبل ذلك وبعده حركة براغماتية تقدم الأرقام على الشعارات والنفوذ الفعلي على الرمزيات.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة ورام الله الرمزي والفعلي غزة ورام الله الرمزي والفعلي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon