توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قلب نتنياهو وقلب إسرائيل

  مصر اليوم -

قلب نتنياهو وقلب إسرائيل

بقلم - نبيل عمرو

بعد نزهة عائلية، قضاها بنيامين نتنياهو على شاطئ بحيرة طبريا، ألمّت برئيس الوزراء وعكة صحية، أصابت قلبه المثخن بالهموم، ما تطلّب زرع جهاز لتنظيم عمله، وبفعل ذلك توقف قلب الدولة لساعات، تم خلالها تأجيل اجتماع مجلس الوزراء. ومن أجل التخفيف من وقع الحالة الصحية على الرأي العام في إسرائيل، لم يُسمَّ قائم بأعمال رئيس الحكومة، ما أعطى انطباعاً بأن الحالة لا تتطلب ذلك، إلى أن أُدخل المستشفى مرة ثانية، وسُمِّي شريكه في مجازفة إصلاح القضاء، ياريف ليفين، قائماً بالأعمال، ولم يفت نتنياهو وهو تحت الرقابة الطبية أن يعلن أنه سوف يغادر المشفى في غضون ساعات للالتحاق بـ«الكنيست»، للتصويت على أحد أهم البنود الإشكالية في مشروع إصلاح القضاء، والمسمى ببند «المعقولية» الذي حين إقراره في «الكنيست» للقراءة الثانية والثالثة، ستدخل الأزمة الكبرى في إسرائيل منعطفاً جديداً، يقدر بأنه الأشد خطورة على الدولة، وليس على الحكومة والائتلاف الذي تتكون منه.

قلب نتنياهو الذي سيعمل بمنظم، يشبه قلب إسرائيل المثقل بهموم لم تنفع معها حتى الآن لا حقن التقوية ولا الإجراءات العلاجية، ولا شك في أن قلب نتنياهو يبدو أفضل حالاً من قلب الدولة الذي يزداد اضطراباً مع كل يوم يمر، وآخر مظاهره إضراب الطيارين عن التدريب، وتهديد آلاف منتسبي أفرع القوات المسلحة وأجهزة الأمن ممن هم في الخدمة والمتقاعدين بأنهم سيصعِّدون تمردهم إذا تمادى ائتلاف نتنياهو في لعبته، وامتنع عن وقف التصويت على بند «المعقولية» في عملية إصلاح القضاء.

حكاية الطيارين ومنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، رغم خطورتها المباشرة على أمن الدولة وجاهزية العمل هجوماً ودفاعاً، تأتي في المرتبة الثانية بعد احتمال قيام «الهستدروت» بإضراب شامل، ما يعني شللاً تاماً في الحياة العامة بكل جوانبها، مستذكرين ما حدث قبل أسابيع قليلة، حين انضم «الهستدروت» للاحتجاجات، ووقع الشلل الرهيب الذي أرغم نتنياهو على تأجيل التصويت؛ خصوصاً أنه اضطر للانتقال من منزله إلى مطار بن غوريون الذي يبعد عشرات الكيلومترات براً بمروحية عسكرية، لتعذر مروره إلى المطار، وذلك حدث لأول مرة معه، وربما مع غيره من رؤساء الحكومات!

بيت الشعر الجاهلي الذي يقول بعضه: «فنجهل فوق جهل الجاهلينا» يبدو تماماً كما لو أنه الوصف الأدق لتعامل الحكومة والمعارضة مع الأزمة الكبرى والمستمرة، فلا المعارضة التي تمتطي صهوة الشارع والاحتجاجات المتسعة كماً ونوعاً في وارد التراجع ولو خطوة إلى الوراء، خشية تفسير تراجعها على أنه بداية استسلام وخيانة للشارع، ولا الائتلاف –حتى الآن– في وارد الخضوع لطلبات المعارضة، ليقينه بأن الخضوع هذه المرة سيقود إلى خسارة المعركة، وفيما بعد خسارة الحكم.

قلب نتنياهو الذي أوجدت التكنولوجيا المتقدمة منظماً له، تحمّل من الأزمات والتحديات ما لم يتحمله غيره ممن سبقوه في الجلوس على سدة الحكم، حتى صارت سيرته القيادية مقترنة بالمعارك الشرسة، تارة من داخل بيته السياسي «الليكود»، وتارة أخرى من حلفائه الأساسيين، من التشكيلات اليمينية التي وصلت به إلى أن يكون ائتلافه معهم على علاتهم، أمراً مصيرياً بالنسبة له، دون إغفال أزماته الصامتة والمعلنة مع الإدارات الأميركية، بدءاً من أوباما وحتى بايدن، والتي تخللتها فترة استراحة قصيرة، حين صعد ترمب إلى سدة الحكم لينتج «صفقة القرن» التي أودعت الأرشيف، وربما إلى إشعار آخر!

الأزمة الكبرى في إسرائيل مرشحة لمزيد من التفاقم والاستعصاء، ولم تعد مجرد أزمة داخلية بين حكومة ومعارضة، وبين شارع وبرلمان؛ بل امتدت لتتجاوز حدود الدولة، وأهم ما تقيم إسرائيل وزناً له هو العلاقة التحالفية مع الولايات المتحدة، والتي فيها بعد خاص، يتصل بالجيش وأجهزة الأمن.

حتى الآن، يبدو أن لا جدوى من النداءات الأميركية الداعية إلى تنازلات متبادلة تؤدي إلى تفاهمات واسعة حول عملية إصلاح القضاء، وصلته الوثيقة بالديمقراطية وجودة الحكم، بما في ذلك دعوة رئيس الدولة قبل؛ بل وبديلاً عن رئيس الوزراء، إلى البيت الأبيض والكونغرس.

لقد فشلت الإدارة رغم تدخلاتها المباشرة في الأزمة منذ نشوئها، ورغم تهديداتها المبطنة وأحياناً الصريحة، بالإقدام على ما يخيف إسرائيل حقاً، وهو إقدام الولايات المتحدة على إعادة تقويم العلاقة معها.

أخيراً... حصل قلب نتنياهو على منظم فعال يملك قدرة على تنظيم عمله، إلا أن الذي لم يُخترع بعد هو ذلك المنظم الذي يحتاجه قلبُ الدولة، وهي في عمق أخطر وأطول أزمة تعاني منها منذ تأسيسها، إلى ما لا يُعرف متى تنتهي وعن ماذا ستسفر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلب نتنياهو وقلب إسرائيل قلب نتنياهو وقلب إسرائيل



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon