توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل... انتصار مؤقت للسنوار وحصار دائم لعباس

  مصر اليوم -

إسرائيل انتصار مؤقت للسنوار وحصار دائم لعباس

بقلم - نبيل عمرو

الانقسام الفلسطيني المتكرس الذي بلغ مرحلة اللاحل، وتدهور الوضع العربي في زمن الربيع الكارثي الذي لا يعرف أحد على وجه الدقة متى سيتوقف، منح إسرائيل ميزة الحركة الفاعلة عبر الفراغات الفلسطينية والعربية والإقليمية، التي تتسع أمامها بصورة دراماتيكية غير مسبوقة.
على الصعيد العربي والإسلامي والأفريقي، فقد دخلت إسرائيل مرحلة القنوات التي تسبق السفارات، ولا يهمها إن بقيت القنوات سرية كما كانت منذ زمن، أو خرجت إلى العلن، مع أنها تفضل ذلك، إلا أن القنوات بكافة أشكالها ومسمياتها ومجالات اختصاصها تكفي وتزيد، بل ربما تكون أكثر مما تحلم إسرائيل.
أما بالنسبة للفلسطينيين، فقد بلغ العمل الإسرائيلي على جبهتهم مرحلة فيها ترف منح الانتصارات لقسم منهم، ومنح الحصار الخانق للقسم الآخر، وعلى عكس ما يقول المنطق البديهي... فللسنوار الانتصار ولمحمود عباس الحصار.
ما حدث في غزة خلال الأسابيع الماضية، وكما تجمع الصحف الإسرائيلية، بما في ذلك صحف اليمين، رفع حركة «حماس» التي كانت تعاني ما تعانيه تحت ضغط الأوضاع المتردية في غزة، والخشية على مصيرها من خلال حرب واسعة تشن عليها.
ما حدث فعلاً رفع السنوار إلى مرتبة البطل الشعبي فلسطينياً، والشريك المعتمد إسرائيلياً، والرقم الذي لا يمكن تجاهله عربياً ودولياً.
هذا أنعش روح «حماس» ومنحها قوة معنوية كادت تفتقدها في مرحلة ما قبل التهدئة الأخيرة، وطوّر حساباتها الفلسطينية فصارت تطالب بما كانت تخشاه قبل وقت قصير وهو الانتخابات العامة، التي يرى فيها من سيطر عليهم شعور الانتصار، مجالاً مضموناً للفوز وتوسيع النفوذ ليشمل الوضع الفلسطيني كله.
وفي الوقت الذي وجدت «حماس» نفسها ترتقي إلى مرتبة أعلى وأفعل من كل النواحي، لا تجد إسرائيل ما تقدمه للمعتدل الشرعي محمود عباس سوى مزيد من حصار حالته السياسية والشعبية، فكل يوم تعلن عن مشروعات استيطانية عملاقة، وكل ساعة تقدم براهين عملية على أن سلطة عباس فعلاً بلا سلطة كما قال هو أكثر من مرة، وذروة ما وصلت إليه الأمور هذه الأيام ذلك التجريف الفظ لرجال «فتح» في القدس، حيث المعتقلات الإسرائيلية تستقبل أعلى المستويات الفتحاوية من خلال المحافظ غيث ومعه عشرات الكوادر الذين كانوا بالأمس شركاء السلام وحراس الاعتدال الوطني، ولا أحد يعرف ما هي الخطوات التالية ضد الذين كانوا ولا يزالون التعبير الأكثر وضوحاً عن التمسك بالقدس الشرقية كعاصمة لدولتهم المنشودة، وليس غيرهم ومن معهم من رفاقهم من الفصائل الأخرى من يعمل رغم الإمكانات القليلة لصد الاجتياح الإسرائيلي للقدس الشرقية، والوقوف في وجه الدمج المبرمج للمدينة ومواطنيها الفلسطينيين في سياق ترتيبات يجري تطبيقها، ويظن الإسرائيليون أنها ستضع القدس الكبرى التي هي بمساحة خُمس الضفة الغربية في جيبهم وإلى ما لا نهاية.
إذن... فإن التعامل الإسرائيلي مع غزة على قاعدة منح انتصارات ربما تكون سطحية واستعراضية ومؤقتة، ومع الضفة بمزيد من إضعاف السلطة الوطنية وإحراجها وتضييق الخناق عليها بما يؤثر سلباً على ثقة المواطنين الفلسطينيين بها وحتى بجدواها، كل ذلك وبالتأكيد يتم في سياق سياسات مدروسة هدفها إحكام السيطرة على الفلسطينيين في الضفة وغزة على حد سواء، ولكل مكان تكتيكاته المختلفة عن المكان الآخر؛ فـ«حماس» - غزة التي ترفع شعار المقاومة ومارسته في الفترة الأخيرة على نحو أزعج إسرائيل وأرغمها ولو تكتيكياً على تقديم بعض التسهيلات، «حماس» والحالة هذه تجد نفسها مضطرة إلى التوغل في تسويات أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو تحسين الأوضاع المعيشية في القطاع، وذلك موضوعياً وتلقائياً يتم على حساب وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية ووحدانية الشرعية السياسية التي تمثلها منظمة التحرير.
أما في الضفة، حيث القلق الشعبي يتسع ويتزايد في ظل عدم قدرة السلطة على صد الإجراءات الإسرائيلية المتسارعة في القدس وغير القدس، وكثرة الحديث بين الناس العاديين وعلى مستوى كثيرين من رجالات السلطة بأن في البلاد سلطة بلا سلطة، كل ذلك سيؤدي لو لم تُحسن الطبقة السياسية الفلسطينية في غزة والضفة معالجة الوضع بدءاً بإنهاء الانقسام وتقوية السلطة والمنظمة عبر مؤسسات فاعلة، بما في ذلك إشراك الشعب الفلسطيني في تحمل مسؤولياته عبر انتخابات عامة ترمم المؤسسات المهملة والمتداعية الشرعية، وتضاعف القدرات على المواجهة، دون فعل ذلك فإن ما يجري الآن سيؤدي حتماً إلى وضع مصير الجميع في قبضة إسرائيل التي تتعامل مع الفلسطينيين وفق منطق وموازين الوضع الداخلي والانتخابي تحت سقف إسرائيلي منخفض يؤثر على المصير الفلسطيني ربما وبلا مبالغة في التشاؤم على مدى عقود.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل انتصار مؤقت للسنوار وحصار دائم لعباس إسرائيل انتصار مؤقت للسنوار وحصار دائم لعباس



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon