توقيت القاهرة المحلي 07:35:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتفالات الانتصار على الإرهاب وتحالف الأقليات

  مصر اليوم -

احتفالات الانتصار على الإرهاب وتحالف الأقليات

بقلم: رضوان السيد

كان من سوء حظ زعيم «حزب الله» أنه وهو يريد المشاركة في احتفالات النصر بسوريا ولبنان على «الإرهاب»؛ جاءته قصة الطائرتين المسيرتين اللتين سقطتا بالضاحية على رؤوس الناس والمؤسسات الحزبية. لا أحد أقلّ من رئيس الجمهورية اللبنانية أراد التمهيد لخطاب الزعيم بالذهاب إلى أنّ الاستراتيجية الدفاعية التي تعهد في خطاب القَسَم إقرارها قد تأثرت بظهور الإرهاب، وهو يعني أنه صار هناك مبرر جديد للحزب للاحتفاظ بسلاحه وهو التصدي للإرهاب (السني) في لبنان بعد سوريا. وقد نسي الرئيس أنه سبق له في شهور رئاسته الأولى أنْ ذهب إلى أنَّ سلاح الحزب يبقى ضرورياً لأنّ الجيش ضعيف! وهكذا ماذا يبقى للجيش إذن ما دام سلاح الحزب ضرورياً للتصدي للعدو الإسرائيلي، وللتصدي للإرهاب معاً؟!
وما توقف الأسد عند ظواهر هامشية وتافهة مثل الغارات الإسرائيلية اليومية على ضواحي دمشق، وانصرف إلى احتفالات الانتصار، وتقبل التهاني. صحيفة «تشرين» الخالدة كتبت عن الدروس المستفادة من الحرب الكونية على نظام الأسد المتفوق في الحرب والسلم، أهم تلك الدروس إعادة النظر في الثوابت الثلاثة: ثابت العروبة، وثابت الوطنية السورية، وثابت الإسلام. أما ثابت العروبة في آيديولوجيا البعث فقد تبيَّن أنه لا فائدة منه، بل هو مضرٌّ جداً، إذ وقف أكثر العرب ضد نظام الأسدين الخالد، كما أن شعار القومية مزعجٌ للحلفاء الإيرانيين والروس. ومع أنّ أكثرية الشعب السوري مسلمة، لكنّ الإسلام مزعج أيضاً، إذ تبيَّن أن معظم الناس هؤلاء دواعش، كما أن الشعارات الدينية مزعجة لحلفاء النظام من الروس... والإيرانيين أيضاً، والذين تصدوا مع النظام للتطرف والإرهاب الديني. وقد يظن القارئ - وهكذا ظننتُ في البداية - أنّ الأمر سيرسو عند الكاتب (وهو مستشار وزير الإعلام) على الإبقاء على الوطنية السورية، وتسمية مملكة آل الأسد مثلاً: الجمهورية السورية. لا، لم يتوقف الكاتب عند الوطنية السورية، وقال إن فيها مبالغة، وهي مزعجة لإسرائيل التي قد تُسالِمُ النظام، وتعيد إليه الجولان إنْ صار بلا هوية من أي نوع!
مملكة آل الأسد، التي قتلت خلق كثير من شعبها، وهجّرت ولا تزال أكثر من عشرة ملايين، لا تحتاج إذن - بمقتضى دروس الحرب الضَروس - لا إلى شعبٍ ولا إلى هوية. وما رأى ذلك موظفو النظام وحدهم، بل رآه أهلُ المقامات الدينية المسيحية في سوريا بشتى طوائفهم، وعلى رأسهم أكبر الطوائف المسيحية هناك: الطائفة الأرثوذكسية! لقد اجتمعوا وبالطبع من دون طلبٍ من النظام، وقبل أربعة أيامٍ من احتفال نصر الله بالانتصار على الإرهاب في سوريا ولبنان، وأصدروا بياناً يهنئون فيه السيد الرئيس بالانتصار على الإرهاب، والمؤامرة الكونية، ويشكرونه فيه لأنه دافع عنهم وعن حرياتهم وعيشهم، وتمنوا للوطن في عهده بعد عهد أبيه دوام العز والعزة والازدهار، وقهر الأعداء، ونشر السلام الديني والثقافي. ولم ينسوا في خاتمة البيان الولائي الالتفات إلى مدنية الدولة والتسامُح وليس باعتبارهما مطلباً مأمولاً، بل باعتبارهما واقعاً متحققاً!
في احتفالات الأطراف المتحالفة بالانتصار في سوريا، هناك كلمتان حاضرتان في المشهد كلِّه حضوراً شديداً بيد أنّ أحداً لا ينطقُ بهما، وليس ذلك بسبب الخوف أو الخجل؛ فالذي يقتل الملايين ويهجّر الملايين مثل الأسد وجنوده وإيران وميليشياتها، لا يساوره الخجل أو الخوف. إنما الصمتُ عن التصريح بتحالُف الأقليات، علتُه عدمُ الاكتمال أو عدم الوثوق بالنجاح. أهل النظام السوري يقولون إنه لم يعد هناك شعبٌ سوري، والعائشون من الأكثرية الشعبية في ربوع حكمه إنما ينعُمون بأفضال الأسد في الإبقاء على حياتهم. وأرثوذكس سوريا وكاثوليكها وسريانها، وليس الآن، بل ومن سنوات، يعتقدون في معظمهم أنه لا حياة لهم إلاّ في ظلّ الحكم الأقلوي، وبخاصة بعد ظهور التطرف في أوساط الأكثرية السنية. وبعد دخول الروس (الأرثوذكس) لنجدة نظام الأسد، تجذر هذا الاعتقاد لديهم. والإيرانيون في العراق وسوريا ولبنان شجّعوا هذا الاعتقاد لدى الشيعة في البلدان الثلاثة، وبخاصة بعد أن صاروا هم مظلة الأنظمة الأقلوية، التي احتاجت ولا تزال إلى مساعدة «حزب الله» للبقاء في السلطة.
لقد كان التركيز في السنوات العشر الأخيرة، وعون وباسيل قبل نصر الله على مسألة الإرهاب. ولكي يمكن قياس النجاح والانتشار لهذه الدعوى والدعوة بتحويل البلدان والدول إلى مزارع أقليات أو تخرب، بل ينبغي قياس النجاح لدعوة تحالف الأقليات في التصاعد الهائل لشعبية التيار الوطني الحر في أوساط المسيحيين كما تدل عليه نتائج الانتخابات الأخيرة. هناك خُوافٌ من «السنة»، يشبه الإسلاموفوبيا بأوروبا والعالم. وبالطبع لا مستند له في الواقع، لكنه اليوم صار وعياً عالمياً، وفي كل بلدٍ من بلدان العرب فيه مسيحيون، هناك تيار أو تيارات تدعو إليه وتشجّع عليه، وفي لبنان هناك التيار الوطني الحر ولا يتجرأ سياسي مسيحي وازن على الخروج عليه حتى لا يتهم بمسيحيته. ولنتذكر أنه حتى نصر الله عندما أراد استنفار أنصاره للتدخل في سوريا ضد ثورتها ولم يجد حماساً، احتاج للقول إن هؤلاء «التكفيريين» إن لم يُقْضَ عليهم فإنهم سيغزون النجف وكربلاء وقُم ومشهد!
لماذا هذا التطويل والاستطراد؟ آيديولوجيا «تحالف الأقليات» تقوم مثل الفكرة الصهيونية على «الحل التاريخي والنهائي» المتمثل عند الصهاينة بإزالة الشعب الفلسطيني من طريق التهجير والاستعباد. وفي حالة أقلياتنا فإنّ التشيع الإيراني المنتشر الآن في العراق وسوريا ولبنان هو في حالة استقواء أو فائض قوة. أما الطائفيون أصحاب السيطرة والنفوذ، وأوساط معينة في الأقليات الأُخرى، فإنهم يتهيأون (في مقابل السلطة والنفوذ) للدخول في ذمة الإيراني القوي الذي يتقدم الصفوف في كسر شوكة الأكثرية المشردة الآن في جهات العالم الأربع. وقد ازدادت أعداد السنة بالعراق وسوريا ولبنان المستعدة للتبعية والالتحاق إما لتبقى على أرضها، وإما رجاء المشاركة في «حصة» السنة!
يحتفل النظام السوري بالنصر، وهو قد هجّر من جديد مليون (سني) سوري من أرياف حماة وحلب وإدلب. ويشاركه في الاحتفال زعيم الحزب، رغم تحليق الطائرات فوقه. ويقول له رئيس الجمهورية اللبنانية إنه يعتمد عليه في مكافحة الإرهاب، فيا للعرب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتفالات الانتصار على الإرهاب وتحالف الأقليات احتفالات الانتصار على الإرهاب وتحالف الأقليات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon