توقيت القاهرة المحلي 11:35:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشتاء.. فى قلوب الشعراء

  مصر اليوم -

الشتاء فى قلوب الشعراء

بقلم - بهاء جاهين

 «ينبئنى شتاء هذا العام أننى أموت وحدى/ ذات شتاء مثله, ذات شتاء».

بهذه النغمة الحزينة يفتتح صلاح عبد الصبور أغنيته التى أهداها للشتاء فى مفتتح الكراسة الأولى من ديوانه الأجمل «أحلام الفارس القديم», ويستطرد:

«ينبئنى هذا المساء أننى أموت وحدى/ ذات مساء مثله, ذات مساء».

إنها نغمة لآلة شجية موسيقية مفردة, كالناى, وكشعر عبدالصبور فى المجمل: تنهدات نفس مسّها الشجا أو أرهقها الحزن والغربة بالمعنى الواسع والمُركب لكلمة غربة. بينما فى بعض رباعيات وقصائد صلاح چاهين يتخذ الشتاء أبعاداً جماعية أو شمولية فلسفية, مثل رمزيته فى الرباعية التالية:

دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت/ وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت/ وحاجات كتير بتموت فى ليل الشتا/ لكن حاجات أكتر بترفض تموت.. عجبى!!

هنا جدل دياليكتيكى بين قهر الشتاء وفصل الربيع الكامن فى قلبه ينتظر. ويمتزج الشجن الفردىّ والقهر الجماعىّ فى قصيدة «موال البرج» التى كتبها فؤاد حداد فى معتقل الواحات فى الخمسينيات, حين أرعشه البرد وأنهكه الجوع والحنين إلى الإلف البعيد فقال:

ما لوش عراوى اللى عاوز يشبك الوردة/ قال الولد رجّعوا الوالد إلى الوالدة/ بينى وبينِك بلد واحنا ف بلد واحدة/ دول أربعين ضلع واللا أربعين جلدة/ واللا نبات طفل من بز الشجر مقصوف/ جعان وبردان لا ينفعنى عسل ولا صوف/ ولا صبر موصوف يقومنى وانا بارِك/ ولا يِداوينى غير طرحِك وجُمّارِك/ يا بنت ياللى سمارِك سُخْن وافريقى/ جمّعت قلبى وكنتى ف قلبى وف ريقى/ فرّقت قلبى.. ونابِك كل تفريقى..

هذا الحنين البدائى إلى دفء الأنثى يذكرنا بقصيدة فى منظومة تنويعات چاهين الشتائية, تتشابه مع معزوفات عبد الصبور المنفردة وتتناجى مع محبوبة تشبه محبوبة حداد فى قدرتها على قهر جبروت الشتاء:

الريح عوى/ قلبى اتنطر, قلبى اتلوى/ الشمس تلج اصفر شعاعها صاروخ هوا/ الضلمة تلج اسود كتير/ ألوف ألوف القناطير/ خبينى فى شعورك يا بتّ/ أحسن عروقى اتخشبت/ شعرك خِشن زى الحِرام الصوف يا بت/ خبينى فيه م الزمهرير/ ونيمينى فى السرير..

ويمضى صلاح عبد الصبور فى رحلته المرتعدة إلى قلب الباطن الثلجىّ, فيواصل فى نفس الأغنية:

.. وأن أعوامى التى مضت كانت هباء/ وأننى أقيم فى العراء/ ينبئنى شتاء هذا العام أن داخلى/ مرتجف بردا/ وأن قلبى ميت منذ الخريف/ قد ذوى حين ذوت/ أول أوراق الشجر/ ثم هوى حين هوت/ أول قطرة من المطر/ وان كل ليلة باردة تزيده بُعدا/ فى باطن الحجر/ وان دفء الصيف إن أتى ليوقظه/ فلن يمد من خلال الثلج أذرعه/ حاملة وردا..

وفى قصيدة مكتوبة فى نفس التوقيت تقريباً, يستدفئ صلاح چاهين بالجموع فى أغنيته للربيع التى سماها «غنوة برمهات»:

وعلى العشش/ وعلى الحوارى الغواط/ يا قلبى لما تروح/ ما تروحش لا بلبل ولا وطواط/ روح زى ما انت: قلب.. له ألف عين/ وألف ودن وألف ألف لسان/ ازحف ببطنك ع الزلَق, ع البلاط/ ولو فى شهر القهر طوبة الجبان..

وبعد, فهذا بعض من كثير يضمه ديوان الشتاء العربىّ, ولا مجال للاستطراد, ولكن بقى أن نقول: تتعدد المواهب وطبائع النفوس والشتاء واحد؛ وتختلف رِعشات القلوب والبرد واحد. وحتى إن غلب الحزن بعض المغنين, فإن الغناء- مجرد الغناء- انتصارللحياة, وزقزقة تعد بموسم الدفء القادم لا محالة.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء فى قلوب الشعراء الشتاء فى قلوب الشعراء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon