توقيت القاهرة المحلي 11:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الحب وفنونه.. فى مائة قصيدة»

  مصر اليوم -

«الحب وفنونه فى مائة قصيدة»

بقلم-بهاء جاهين

من ضمن الإصدارات المهمة للمركز القومى للترجمة كتاب بهذا العنوان يجمع مختارات ضخمة من الشعر الفرنسى تربو على مائة قصيدة بقلم المترجم المبدع الأستاذ الدكتور حمادة إبراهيم[ الطبعة الثانية- 2009]. وقد اختار المترجم لمختاراته عنواناً ذكياً يشد القارئ, وفى الوقت نفسه يعبِّر عن طبيعة هذه المختارات, بل وطبيعة الشعر والإبداع عموماً؛ فلا إبداع يخلو من الحب, بفنونه أى أنواعه المختلفة, كما حرص الدكتور حمادة إبراهيم فى مقدمته الجميلة أن يوضحها لنا ويعددها: فإضافة للمعنى الشائع, وهو الحب الغراميّ بين رجل وامرأة, هناك الحب الإلهيّ ؛ وهناك حب الطبيعة؛ وحب الوطن؛ والحب العائلي؛ وحب الإنسان للإنسان أو التعاطف الإنساني؛ وحب الشعر والإبداع ؛ وحب الحياة نفسها. وقد اعتمد د. حمادة إبراهيم على هذه الأنواع أو الفنون المختلفة فى تبويب مختاراته, إلا أنه يلفتنا فى مقدمته أننا قد نجد فى قصيدة واحدة أنواعاً وفنوناً متعددة من الحب. ومن أكثر القصائد احتشاداً بتلك الفنون من الحب- وغيرها مما لم يخطر على بال المترجم, لكنها بالتأكيد شغلت شاعراً سمَّى مجموعة أشعاره كلها أزهار الشر- تلك القصيدة التى اختارها لبودلير بعنوان البَرَكة, والتى تحتدم فيها ألوان شتَّى متناقضة متصادمة من الحب تصطف فى جيشين متطاحنين: فهناك فى جانب, حب الخالق للمخلوق والمخلوق للخالق, وحب المرأة والطبيعة والشعر والجمال والإبداع؛ وفى الجانب الآخر حب الذات, وحب الشر والتحطيم, وحب تعذيب المحبوب, وحب الشاعر وتقديسه للألم.. فى قصيدة غنية وطويلة نسبياً اخترتها لجمالها الفائق ولتعبيرها عن موضوع المختارات التى أبدع المترجم فى نقلها من الفرنسية؛ وهذا ليس جديداً عليه, فقد استمتعت من قبل بترجمته للأعمال الكاملة للكاتب المسرحى الرومانى يوجين يونسكو فى مجلدين ضخمين. والآن إلى قصيدة بودلير. يبدأ الشاعر قصيدته بنقيض الحب؛ بنموذج متطرف وشاذ للكراهية؛ كراهية الأم لمولودها: «حينما خرج الشاعر إلى هذا العالم المنكود/../ لوحت أمه بقبضتها نحو السماء/ مذعورة تصب اللعنات متوسلة مستعطفةً: آه, لماذا لم أنجب سرباً من الأفاعي/ بدلاً من أن أقوم على تغذية هذا المخلوق الشائه؟!».. أما الشاعر فيستجير بالحب الإلهى وجمال الطبيعة التى خلقها الله, حين يقول: «ولكن الطفل المعقوق المنبَت/ راح يسكر من ضوء الشمس/ فى كفالة مَلَك خفيّ/../ أما الملاك الذى يرعاه فى طوافه/ فكان يبكى إذ يراه سعيداً كطائرٍ فى غابة». لكن بودلير المهووس بفكرة الشر, والذى كان يعانى دون شك من شعور بالاضطهاد, سرعان ما يرتد لنوع قاتم من الحب يفوق فى شره الكراهية, فيقول عن أصدقائه: «أما سائر من يكنون له الحب فجعلوا يتربصون به/../ ويمارسون عليه قسوة القلب/ وفى الخبز والنبيذ المخصص لغذائه/ خلطوا الرماد والبصاق القذر»... ثم ينتقل لزوجته, وإلى نوع كريه آخر من الحب, هو حب الذات إلى حد تأليهها: «أما زوجته فراحت تصيح فى الساحات قائلةً: مادام يحبنى حتى العبادة/ فسأتبع معه طريق المعبودات القدامي/ وأعيد طلاء جسدى بالذهب/../ ثم أنزع من أحشائه هذا القلب/ كطائر غضٍّ يرتعد ويرتجف».. ثم يرتد الشاعر مرة أخرى، كالبندول, إلى أحضان البركة الربانية ورحمة الإبداع الشعري, فينهى قصيدته وقد انتصر على أعدائه وعلى الشر الأرضيّ بالأمجاد الشعرية السماوية: «نحو السماء, حيث رأت عينه عرشاً رائع المنظر/ رفع الشاعر الخاشع عينيه المتضرعتين/ والأنوار الهائلة؛ أنوار قريحته المستنيرة/ تحجب عنه منظر الجموع الغاضبة: تباركتَ ربي, تمنح الألم, دواءً إلهياً لآثامنا».

نقلا عن الأهرام القاهرية 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحب وفنونه فى مائة قصيدة» «الحب وفنونه فى مائة قصيدة»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon