بقلم - علي بدوان
”.. في دلالات إضافية على ما يجري من نقاشات في “إسرائيل” بشأن بناء “العائق” مع قطاع غزة، أثارت مسألة بناء “العائق” كوسيلة للتصدي لأنفاق قطاع غزة التي أقامتها فصائل المقاومة الفلسطينية، سخرية الكثيرين في دولة الاحتلال، فقد كتب الصحافي “الإسرائيلي” جدعون ليفي المقرب من تيارات “اليسار الصهيوني” مستهزئا : “في المرة المقبلة التي ستطُلق فيها كبسولة أو بالون أطفال من قطاع غزة سيبدأ الجيش الإسرائيلي بالإعداد لبناء سقف من الحديد فوق القطاع.”
بدأت المصادر “الإسرائيلية” بالحديث قبل أيام قليلة، عن ما أسمته “الإنجاز الكبير في العمل الجاري لإتمام بناء الجدار الأرضي على حدود قطاع غزة بشكل كامل بعد أربعة أشهر من اليوم الأول للعام الجديد 2018″. فيما دعت العديد من المصادر الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال “الإسرائيلي” للإسراع باستكمال بناء العائق بين حدود فلسطين المحتلة عام 1948 وقطاع غزة.
الهيئة القيادية في جيش الاحتلال، كانت قد عارضت في البداية إنشاء العائق المؤلف من جدران من الخرسانة، بالرغم من العطاء والصرف المالي الذي تقدمت به وزارة جيش الاحتلال من أجل مشروع إقامة وإنجاز العائق. فهناك ضباط كبار في “الجيش الإسرائيلي” يعتقدون بــ”أنَّ تكلفة المشروع باهظة، ولن توفر خط دفاع كافٍ”. وفي المقابل أبلغ المستوى السياسي في “إسرائيل” المستوى العسكري أنه لا حدود للميزانية المخصصة لمحاربة الأنفاق، ومنذ نهاية الحرب عل القطاع في (عدوان 2014) حوّلت الحكومة “الإسرائيلية” لهذا الغرض أموالا هائلة من أجل امتلاك تكنولوجيا متقدمة وتجارب وعمليات هندسية، وإنجاز المشروع الضخم الحالي الذي يشمل إقامة جدران في عدة أماكن حول القطاع.
إنَّ من المنطقي القول بأن “العائق” لن يوفّرَ المُبتغى والمرجو منه مئة بالمئة، ولن يُشكّل حلولا ناجعة لما تريده القيادة العسكرية والأمنية “الإسرائيلية”، بل وهناك شكوك قوية تساور العديد من صناع القرار في دولة الاحتلال بأن “العائق” لن يشكّل سوى حماية معينة لمستعمرات غلاف غزة، وأنه لن يُشكّل حلا ناجعا وتاما. وهنا حَذّرَ عالم جيولوجيا ومستشار لرئيس أركان جيش “الاحتلال الإسرائيلي”، من أن فائدة الجدار “العائق” الذي تبنيه “إسرائيل” عند الشريط الحدودي مع قطاع غزة، وقسم منه تحت الأرض، وبعوائقه الإلكترونية، من أجل منع حفر أنفاق هجومية تمتد من القطاع باتجاه الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ستكون محدودة لفترة معينة.
ويرى معظم الخبراء العسكريين أن إقامة عائق للسيطرة على أنفاق المقاومة ومنع التسلل لن يحقق الأمن التام كما تريد القيادة “الإسرائيلية” لسكان المستعمرات المجاورة لقطاع غزة. ففي العُرف العسكري هناك أكثر من وسيلة للسيطرة على العوائق مهما كانت، وبإمكان المقاومة ذات الخبرة في هذا المجال أن تخترق أية تكنولوجية أو عوائق وحفر الأنفاق وصولا لأهدافهم العسكرية. وأغلب الظن، أن مهمة ووظيفة “العائق” لن تحقق الأمن لـ”إسرائيل” في تلك المنطقة، والهدف منها معنوي موجه للجبهة “الداخلية الإسرائيلية”. وتدرك “إسرائيل” أن العائق الذي أعلنت عنه أنه لن يحميها من المقاومة في قطاع غزة، وأكبر دليل على ضعف وهشاشة العوائق أيا كانت، فنحن أمام فشل جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة من حماية المستعمرات المقامة على أراضي الضفة الغربية.
وفي مجال نقد بناء “العائق” كانت إحدى الصحف الإسرائيلية قد قالت “إنّ أحدًا لم يتنبّأ للتكلفة الحقيقية للمشروع الأول من نوعه عالميا”، وتساءلت: “هل العائق ضرورة أم تبذير؟ فالعائق الذي سيحيط غزة بمسافة 65 كيلومترا، وبعمق عشرات الأمتار، هو المشروع الأكبر الذي يجري بناؤه حاليا في “إسرائيل”، ومن المُفترض أن يقدّم الحماية لسكان مستعمرة سديروت والتجمعات “الاستيطانية الإسرائيلية” في غلاف غزة. وتكشف الصحيفة إياها تفاصيل جديدة أغفلها الإعلام العبري في السابق، سواء بقصد أو دون قصد، فتؤكد “أنّ العائق ليس مشروعا ذكيا من الناحية الهندسية، حيث تقوم الحفّارات بالحفر في أعماق الأرض تم تزرع قضبان حديدية، يوضع فوقها الإسمنت المُسلّح” وفقًا للصحيفة العبرية. التي أضافت نقلا عن المُحلل “الإسرائيلي” نداف شليوف أنَّ شركة استشارات استراتيجية أجرت دراسات على المحاولات الأميركية لحراسة الحدود مع المكسيك منذ 1998 وحتى 2011، ونفّذت ثلاثة مشاريع لهذه الغاية بتكلفة مليار ونصف المليار دولار، وخلص إلى أنّ هذه المشاريع فشلت في تحقيق أهدافها بمنع عمليات التسلل.
وفي دلالات إضافية على ما يجري من نقاشات في “إسرائيل” بشأن بناء “العائق” مع قطاع غزة، أثارت مسألة بناء “العائق” كوسيلة للتصدي لأنفاق قطاع غزة التي أقامتها فصائل المقاومة الفلسطينية، سخرية الكثيرين في دولة الاحتلال، فقد كتب الصحافي “الإسرائيلي” جدعون ليفي المقرب من تيارات “اليسار الصهيوني” مستهزئا: “في المرة المقبلة التي ستطُلق فيها كبسولة أو بالون أطفال من قطاع غزة سيبدأ الجيش الإسرائيلي بالإعداد لبناء سقف من الحديد فوق القطاع، فيتم عزل غزة عن سمائها أيضا، حفاظا على أمن إسرائيل”. مضيفا قوله “باتت غزة هي القفص الذي تقوم إسرائيل بإغلاقه بإحكام وبشكل عنيف وأحادي الجانب، مثل كل إجراءاتها الأخرى ضد الفلسطينيين، بدءًا ببناء جدار الفصل العنصري على أراضيهم على امتداد الضفة الغربية وحتى المستوطنات”.
ففي عُرف الصحافي اليساري “الإسرائيلي” جدعون ليفي “إن إسرائيل تقوم بعمل غير إنساني يعمل على إحكام الطوق الكامل على القطاع، حيث تحبس إسرائيل ذاتها وراء مجموعة من الجدران تحت ذرائع ومسميات مختلفة: جدار الفصل والجدار الحدودي، الجدار السيئ والجدار الطيب، وجدار فصل في وجه الحفاة في مخيم الدهيشة، وقريبا سيكون جدار إلكتروني محيط بمدينة أم الفحم في منطقة المثلث كرد فعل على الإرهاب الذي يخرج منها”.
وبلغة جدعون ليفي الساخرة “سيقوم ببناء هذا الجدار عمال من مولدوفا وطالبي لجوء من إفريقيا وسيتم وضع أجهزة للرؤية وإطلاق النار، مع مجندات شجاعات يحصلن على المجد في الصحف بعد كل عملية قتل، وأيضا أقفاص كبيرة من الحديد مع أنابيب ضد الماء ومجسات للتحذير، وهو يستدرك قائلا، فقط هناك تحذير واحد ناقص في هذا الجهاز وهو التحذير من جنون الأجهزة، دونالد ترامب على حدود المكسيك وإسرائيل على حدود غزة، والجنون متشابه في الحالتين بشكل كبير”.
وعليه، إن الجانب المهم في موضوع “العائق”، وعلى الضفة المُتعلقة بالمعنى الإنساني، إنَّ قطاع غزة ومواطنيه من أبناء الشعب العربي الفلسطيني بات كالقفص المُغلق، ودولة الاحتلال تقوم بإغلاقه بإحكام بشكل عنيف وأحادي الجانب، مثل كل إجراءاتها ضد الشعب الفلسطيني، بدءا ببناء جدار الفصل العنصري على أراضيهم وحتى المستوطنات، والذي يتلوى كالثعبان على امتداد الضفة الغربية وعلى طول نحو 400 كيلومتر. وهنا ليس من الصعب تصوّر ما سيشعر به سكان قطاع غزة تجاه هذا الإغلاق المُتزايد والحصار المطبق عليهم. وليس من الصعب أيضا تصوّر “الدولة الإسرائيلية” التي تُبنى هنا، والتي تحيط نفسها بالجدران والأسوار في زمن انهارت وتنهار به الأسوار والجدران في كل مناطق العالم. هذه الخطوة مثل سابقاتها، لن تَحُلَّ أي مشكلة. والطريقة الوحيدة لمواجهة الواقع هي الاعتراف “الإسرائيلي” والأميركي العملي والحقيقي بحقوق الشعب العربي الفلسطيني الوطنية والقومية وحق في دولة مستقلة وعود لاجئيه، ونيل لحريته أسمة بكل شعوب المعمور، وبالتالي في زوال الاحتلال بشكل نهائي. حيث لا يوجد، ولن يكون هناك من حل آخر.
نقلا عن الوطن العمانيه