يُنظر إلى رون دى سانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، على نطاق واسع على أنه وريث الرئيس دونالد ترامب المؤكد، وأكبر منافس له فى الوقت ذاته.
ولا يعرف أحد ما يفكر فيه حاكم ولاية فلوريدا بخصوص مستقبله السياسى، ويبلع دى سانتيس 44 من العمر، وأمام تطلعاته السياسية الكثير من الوقت لترجمة أحلامه لواقع سياسى.
يؤمن أصدقاء دى سانتيس أن من أهم أحلامه الوصول للبيت الأبيض وقيادة أمريكا، ويرون أن صغر سنه النسبى يمنحه فرصا متعددة للوصول للرئاسة على العكس من أغلب نظرائه ومنافسيه الجمهوريين.
دى سانتيس يخوض الآن غمار حملة لإعادة انتخابه حاكما لولاية فلوريدا لفترة ثانية، فى وقت تزداد فيه التكهنات حول احتمالات دخوله الانتخابات الرئاسية القادمة، إما منافسا للمرشح الجمهورى القوى دونالد ترامب، أو حتى نائبا لترامب فى سعيه للظفر بفترة حكم ثانية تعيده للبيت الأبيض، على أن ينتظر هو حتى انتخابات 2028 الرئاسية كمرشح للحزب بعدما يكون خدم نائبا للرئيس لأربع سنوات.
لا تزال منافسات الترشح التمهيدى لانتخابات 2024 الرئاسية على بعد أكثر من عام ونصف، ولم يعلن دى سانتيس ترشحه أو سعيه للرئاسة، لكنه لم يستبعد ذلك أيضا. وفى مقابلة أجريت معه أخيرا على قناة فوكس نيوز، لم يرفض فكرة الترشح للرئاسة، حتى لو كان ذلك يعنى أنه عليه أولا التغلب على ترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى.
وفى مقابلة حديثة مع شبكة نيوز ماكس المحافظة، قال ترامب إنه ينسجم مع دى سانتيس ولم يستبعد أن يكون حاكم فلوريدا زميله فى الترشح حال ترشح الرئيس السابق مرة أخرى للبيت الأبيض فى عام 2024.
يتجنب دى سانتيس الظهور وكأنه يستعد لمواجهة ترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى لعام 2024 وإثارة غضب الرئيس السابق.
وأظهر استطلاع للرأى أجرته كلية إيمرسون الشهر الماضى أن ترامب لا يزال مرشحا مفضلا بشكل واضح على أى منافسين محتملين آخرين على ترشيح الحزب الجمهورى لعام 2024. وأظهر الاستطلاع حصوله على 55٪ من دعم من الناخبات والناخبين الجمهوريين، بينما جاء دى سانتيس فى المرتبة الثانية بنسبة 20٪.
• • •
يأمل أنصار دى سانتيس فى أن تعرقل نتائج تحقيقات حادثة 6 يناير واقتحام أنصار ترامب الكونجرس محاولة ترامب السعى لخوض انتخابات 2024. وكانت كاسيدى هاتشينسون، وهى مساعدة سابقة فى البيت الأبيض، قد أكدت أمام لجنة التحقيق أن الرئيس السابق ترامب وبعدما عرف أن مجموعة من أنصاره قد سلحوا أنفسهم بالبنادق، طلب إزالة أجهزة الكشف عن المعادن.
وفاجأت صحيفة «واشنطن إكزامينر» المحافظة قراءها بنشر افتتاحية عقب إدلاء هاتشينتسون بشهادتها جاء فيها أن «ترامب غير مؤهل لأن يكون فى أى مكان بالقرب من السلطة مرة أخرى»، واختتمت الافتتاحية بأن «ترامب عار، ولدى الجمهوريين خيارات أفضل بكثير لقيادة الحزب فى عام 2024. لا ينبغى لأحد أن يفكر بخلاف ذلك، ناهيك عن دعمه، مرة أخرى».
شهدت قبضة ترامب على الناخبات والناخبين الجمهوريين بعض التراخى أخيرا، وعكست نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب للتأهل لانتخابات الكونجرس فى عدد من الولايات مؤشرات متباينة لتأييد ترامب بين أنصار الحزب الجمهورى. ودفع ذلك بالكثير منهم لسؤال أنفسهم عما إذا كان من الأفضل العثور على مرشح يتبنى آراء الرئيس السابق دونالد ترامب، ولا يمتلك سلبياته وفظائعه وفضائحه فى الوقت ذاته.
• • •
بدأ بزوغ نجم دى سانتيس بعدما عرفت أمريكا إغلاقات واسعة بسبب تفشى وانتشار فيروس كورونا مند بدايات 2020، إذ بادر دى سانتيس بتخفيف القيود المفروضة على الشركات والمدارس فى تحدٍ للمبادئ والتوجيهات الفيدرالية، وأقال كذلك مسئولين محليين سعوا إلى الحفاظ على الالتزام بفرض ارتداء أقنعة الوجه.
كما سن ديسانتيس العديد من مشاريع القوانين المحافظة التى نالت رضاء الحزب الجمهورى والأعضاء المستقلين، منها منع المعلمين والمدرسين من مناقشة الهوية الجنسية مع الأطفال الصغار.
يجادل بعض أعضاء الحزب الديمقراطى بأن دى سانتيس سيكون منافسا أفضل لأنه، على عكس ترامب، لن يهدد أسس الديمقراطية الدستورية فى أمريكا.
وقال الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهورى مايكل ستيل «الكثير من الناس يريدون دفن ترامب وإرثه فى قبر، لكن دونالد ترامب لا يزال فوق الأرض. إنه لا يزال يمشى على الأرض ولديه الكثير من النفوذ السياسى مع الناخبين داخل الحزب أكثر مما قد يرغب الناس فى الاعتراف به».
• • •
لا يعرف الكثير عن مواقف دى سانتيس الخارجية، لكن من المؤكد أنه يتخذ مواقف مشابهة لترامب خاصة فى دعمه غير المحدود لإسرائيل ورفضه الاتفاق مع إيران والتشدد مع الصين.
فى أكتوبر 2017، تحدث دى سانتيس فى مؤتمر لجماعة أمريكية يمينية متطرفة، وقال إن المسلمين المتدينين لا يمكن أن يكونوا أمريكيين مخلصين. ومنذ انتخابه كنائب جمهورى فى مجلس النواب عام 2012، ترأس اللجنة الفرعية للأمن القومى وقدم دى سانتيس مشروع قرار لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، واعتبر دى سانتيس أن «جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدا عالميا كبيرا ويجب أن تصنفها إدارة دونالد ترامب رسميا كجماعة إرهابية». وعلى الرغم من قرب دى سانتيس من الرئيس ترامب، لم يكتب لسعيه أى نجاح، وذكر أنه تلقى مقاومة من موظفى وزارة الخارجية الأمريكية الذين اتهمهم بالتعاطف مع وجهات النظر العربية.
كما قدم دى سانتيس قانون «المساءلة الفلسطينية» عام 2013 وطالب من خلاله بوقف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية حتى تعترف رسميا بحق إسرائيل فى الوجود كدولة يهودية، وأن تقطع جميع العلاقات مع حركة حماس.
بعد انتخابه كحاكم لولاية فلوريدا عام 2018، تعهد دى سانتيس بأن يكون «الحاكم الأكثر تأييدا لإسرائيل فى أمريكا».