توقيت القاهرة المحلي 07:39:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوثائق الأمريكية.. ووثائقنا العربية

  مصر اليوم -

الوثائق الأمريكية ووثائقنا العربية

بقلم :محمد المنشاوي

اطلعت مؤخرا على حزمة من وثائق أمريكية عن حقبة مهمة من التاريخ العربى المعاصر بعدما رفعت وزارة الخارجية السرية عن مئات الوثائق والخطابات والرسائل والبرقيات ومحاضر جلسات، ومذكرات رسمية، تتعلّق بعملية التفاوض حول معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وعلى الرغم من مرور ما يقرب من أربعين عاما على تاريخ هذه الوثائق، فإننا لا نزال نحيا فى نفس الموضوعات التى تناولتها الوثائق سواء تعلق الأمر بالصراع العربى الإسرائيلى، أو بتعقيدات علاقة إيران بجيرانها العرب وبالولايات المتحدة، وقضايا الخلافات العلاقات العربية ــ العربية، والبحث عن حل مقبول لمعضلة قطاع غزة والضفة الغربية، ناهيك عن أزمة القدس وتطوراتها الدراماتيكية.

ويعد الكشف عن هذه الوثائق ما هو إلا عمل روتينى تقوم به الجهات الأمريكية الحكومية دوريا طبقا لقوانين تلزمها بذلك. وتنضم هذه الحزمة من الوثائق إلى آلاف الوثائق الأخرى التى رُفعت عنها السرية فى السنوات القليلة الماضية سواء من نفس الوزارة أو من جهات أخرى كالبيت الأبيض، أو وكالة الاستخبارات المركزية «سى آى إيه».

***
من خلال الاطلاع على الوثائق يظهر أنه وعلى الرغم من رفع السرية عنها وإتاحتها للعامة، إلا أنها تمتلئ بأجزاء لم تُرفع عنها السرية بعد، بضعة أسطر فى حالات عدة، ومقاطع كاملة فى حالات أخرى. ويلزم القانون رقم 13526، الخاص بالحصول على المعلومات الحكومية الأمريكية بالكشف الدورى عن الوثائق الحكومية الرسمية بعد مرور 25 عاما عليها، إلا أن القانون ذاته وفّر للحكومة تسعة استثناءات تمكنها من عدم النشر، وهذه الاستثناءات تتعلق بالحفاظ على حياة أشخاص ومصادر ممن تعاونوا سرا مع الولايات المتحدة. ومن الاستثناءات أيضا ما قد يكون لحماية طرق جمع معلومات وتجسس، أو أى وثائق قد تكشف عن طرق صنع أسلحة دمار شامل، أو تكشف عن انتهاكات أمريكية للقوانين أو المعاهدات الدولية. كذلك تشمل تلك الاستثناءات أى وثائق تكشف طرق التخطيط لعمليات عسكرية أو عمليات استخباراتية.

***
أخفت الوثائق هوية ومناصب مسئولين عرب تعاونوا مع واشنطن من أجل تحقيق أهدافها فى إنجاح مفاوضات كامب ديفيد. وكان من أهم ما استوقفنا فى الأجزاء التى لم ترفع عنها السرية وثيقة فى صورة مذكرة تقدير موقف صدرت من وكالة الاستخبارات المركزية بتاريخ 16 فبراير 1979 تحدثت عن تحدى «القوى الإسلامية» لخطوات السادات تجاه التوقيع على اتفاقية سلام مع إسرائيل، وتم حجب المعلومات والتحليلات المرتبطة بهذه النقطة.

ومن الوثائق المثيرة تلك التى ركزت على جهود واشنطن فى مفاوضات «الحكم الذاتى للفلسطينيين». ومن الوثائق المهمة التى تضمنتها هذه الحزمة مذكرة صدرت من وكالة الاستخبارات المركزية يذكر فيها أن الزعيم الفلسطينى، ياسر عرفات، أبلغ اللواء شوكت مدير المخابرات العسكرية المصرية حينها أنه لا يثق بالرئيس السادات، ويفضّل التفاوض المباشر مع واشنطن، وأن عليه إبلاغ السادات بذلك. وتؤكد «سى آى إيه» أن اللواء شوكت رفض أن يقول للسادات ما سمعه من عرفات، وفضّل أن يقول إن عرفات يعتقد أن لواشنطن حاجة فى مسعاه لإحلال السلام فى المنطقة، ولذا فهو لا يمانع فى التفاوض المباشر معها.

***
فصلت الوثائق لتوقع الإدارة الأمريكية انهيار نظام الرئيس السورى الراحل، حافظ الأسد، عام 1980 على خلفية تزايد التحديات أمام حكمه من جماعات سورية مختلفة. وطالبت برقية صدرت فى 19 سبتمبر 1980، بعنوان «مراجعة السياسة الأمريكية تجاه سوريا»، بضرورة الاستعداد لحماية المصالح الأمريكية فيما يبدو أنه «مستقبل غامض أمام سوريا». وأشارت البرقية إلى أنه وعلى الرغم من صعوبة تحديد عمر نظام حافظ الأسد، وإلى أى مدى سيستطيع البقاء، إلا أنه من الواضح أن «النظام يموت». وكشفت بعض البرقيات عدم تمسك الحكام العرب بإقامة دولة فلسطينية، وأشار محضر اجتماع عُقد فى البيت الأبيض يوم 17 يناير 1980 بين نائب الرئيس المصرى حينذاك، حسنى مبارك، والرئيس الأمريكى وقتها، جيمى كارتر. «وأكد مبارك أن قضية القدس هى الأهم عند القادة العرب، وذكر أن الأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود والملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود لا يعرفان إلا القدس. ولقد كان الرئيس السادات على حق عندما ذكر منذ أشهر قليلة ألا أحد من القادة العرب يريد دولة فلسطينية مستقلة. هم يخشون الفلسطينيين، ويخشون من النفوذ السوفييتى الذى سيتمدد داخل أى دولة فلسطينية».

***
تدفعنى تجربة الاطلاع الدورى على الوثائق الأمريكية إلى طرح تساؤل طرحه فى الماضى الكثير من الباحثين والمهتمين وسيطرح فى المستقبل كذلك، ويتعلق بالسؤال عن وثائقنا العربية. نحن دول وشعوب عريقة ذات تراث عريق به الكثير من الوثائق التى نستطيع من خلالها تفهم وتحليل والاستفادة من خبرة تاريخ مر بنا وعلينا بما يفيد الحاضر ويُعد للمستقبل. نعم هناك جهات رسمية تقوم بوظيفة التأريخ وجمع الوثائق، إلا أن وظيفتها شكلية بالأساس، إذ لا تتاح أى وثائق جادة مهمة للاطلاع عليها. تفاصيل تاريخنا العربى غير متاحة لنا، وليس من الجيد التعرف على أسرار وتفاصيل موضوع هام كمفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية من وثائق أمريكية أو إسرائيلية فقط. أين يوميات الرئيس السادات التى كتبها بخط يده، أين محاضر وبرقيات وزارة الخارجية المصرية من سفارتها بواشنطن وديوان الوزارة بالقاهرة، أين مذكرات وتعليمات مؤسسة الرئاسة لفريق التفاوض، أين خطابات ومراسلات ومداولات السادات مع فريقه التفاوضى.

قد يقول البعض إنها أسرار أمن قومي؟ نعم قد تكون كذلك لكن لفترة زمنية محددة قد تكون عشرين عاما، أقل أو أكثر قليلا. تاريخنا بما فيه من وثائق ملكا لنا ولشعوبنا وللأجيال القادمة التى من حقها أن تعرف كيف جرى ما جرى، وأن تعرف ذلك على لساننا ومن وثائقنا وليس على لسان ووثائق الآخرين.

ما تقوم به الأنظمة العربية فقط يتيح لنا وللآخرين فهم تاريخنا وتاريخ الصراع العربى الإسرائيلى من وجهة نظر إسرائيلية أو أمريكية فقط لأنها تفرج عن وثائقها للباحثين والمواطنين، وهذا الأمر لم يهدد الأمن القومى لهذه الدولة أو تلك، بل على العكس يزيدهما قوة بانفتاحهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوثائق الأمريكية ووثائقنا العربية الوثائق الأمريكية ووثائقنا العربية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon