بقلم : محمد المنشاوي
بعد تردد طويل، أذعنت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى لمطالب فتح تحقيق رسمى بهدف بدء إجراءات سحب الثقة وعزل الرئيس دونالد ترامب المتهم بانتهاك الدستور. وتتمثل الاتهامات الموجهة لترامب فى سعيه الحصول على مساعدة دولة أجنبية، أوكرانيا، إيذاء خصمه الديمقراطى جو بايدن، النائب السابق للرئيس باراك أوباما الذى يخوض سباقا للحصول على بطاقة الترشيح عن الحزب الديمقراطى.
وقالت بيلوسى إن «تصرفات ترامب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه وخيانته لأمننا القومى وخيانته لنزاهة انتخاباتنا»، وأضافت «لذلك، أعلن اليوم أن مجلس النواب يفتح تحقيقا رسميا لعزل الرئيس».
وكان ترامب أعلن فى وقت سابق الثلاثاء أنه سمح بنشر فحوى المحادثة الهاتفية التى أجراها مع نظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى والتى يتهمه خصومه الديمقراطيون بأنه ارتكب خلالها تجاوزات يمكن إذا ثبتت أن تؤدى لبدء إجراءات فى الكونجرس لعزله. وينفى ترامب بشدة أن يكون قد ضغط على نظيره الأوكرانى لفتح تحقيق بشأن نجل بايدن مقابل تقديم مساعدة عسكرية أمريكية لأوكرانيا.
من يقدر على إقالة ترامب
طبقا للخبير القانونى بجامعة هارفاد آلان دورشفيتس، «فلا يحق لوزارة العدل أو أى جهات أخرى توجيه اتهامات جنائية للرئيس أثناء فترة حكمه»، ويوافق على هذا الرأى الكثير من الخبراء القانونيين. ولا يترك ذلك من الناحية النظرية إلا بديلا واحدا هو قيام الكونجرس بإقالة الرئيس حال ثبوت ارتكابه مخالفات قانونية كبيرة. ويمتلك مجلس النواب وحده سلطة بدء عملية إقالة الرئيس ترامب، لكن مجلس الشيوخ فى هذه الحالة يقوم بمهام أكبر إذ يعمل كهيئة محلفين وقاض فى الوقت ذاته، ويكون له القرار النهائى فى الموافقة أو رفض إقالة الرئيس.
ويعنى ذلك أن إجراءات عزل الرئيس يجب أن تبدأ من النواب الذى يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية 235 عضوا مقابل 200 للجمهوريين، لكنها لا تنتهى إلا بموافقة مجلس الشيوخ ذى الأغلبية الجمهورية المتمثلة فى 53 عضوا مقابل 47 للديمقراطيين. إلا أن إقالة الرئيس تتطلب أغلبية الثلثين أى 66 عضوا، وهو ما يصعب تصوره حتى الآن إلا إذا حدثت مفاجآت من العيار الثقيل. ويعتقد أن مجلس الشيوخ سيقف حجر عثرة فى أى تقدم فى عملية سحب الثقة من ترامب، إذ عبر رئيس الأغلبية الجمهورية السيناتور ميتش ماكونيل عن رفضه وقال: «ديمقراطيو واشنطن كانوا وما زالوا يسعون لوسيلة لإبطال نتيجة انتخابات 2016 التى خسروا فيها». أما زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب كيفين مكارثى فتعهد بمحاربة إجراءات عزل الرئيس وذكر نفس منطق السيناتور ماكونيل، إذ قال «ناسى بيلوسى ليست راضية عن نتيجة انتخابات 2016، هذه الانتخابات انتهت».
لم يسبق عزل أى رئيس أمريكى
منذ نشأة الولايات المتحدة قبل 240 عاما، جرت محاولات أربع لعزل الرئيس وانتهت جميعها بالفشل.
المحاولة الأولى: كانت عام 1840 ضد الرئيس جون تايلور، الذى خدمته نتيجة انتخابات التجديد النصفى للكونجرس وانتقال الأغلبية لحزب الرئيس وانتهت المحاولة سريعا.
المحاولة الثانية: استهدفت الرئيس اندرو جونسون عام 1868 بسبب إقالته لوزير الدفاع المحبوب آنذاك إيدموند سانتون. ومر قرار العزل بمجلس النواب إلا أنه لم يمر فى مجلس الشيوخ لحصوله على 65 صوتا فقط أى أقل بصوت واحد عن الأغلبية المطلوبة.
المحاولة الثالثة: بدأت عام 1973 كنتيجة لفضيحة ووترجيت، واختار الرئيس ريتشارد نيكسون الاستقالة عندما أيقن أن الأغلبية الديمقراطية تستطيع تمرير قرار عزله نظرا لتدنى شعبيته وصعوبة دفاع الجمهوريين عنه.
المحاولة الرابعة: جرت عام 1998 ضد الرئيس بيل كلينتون إثر تورطه فى علاقة جنسية مع مونيكا لوينسكى، إحدى المتدربات فى البيت الأبيض، وكذبه بشأن هذه العلاقة. ومرر مجلس النواب قانون العزل، إلا أنه فشل فى الحصول على أغلبية الثلثين فى مجلس الشيوخ. وارتفعت بعد ذلك شعبية الرئيس كلينتون بصورة كبيرة.
إجراءات العزل
الخطوة الأولى: أن يتم تقديم طلب لفتح تحقيق ببدء إجراءات عزل الرئيس
الخطوة الثانية: أن تمرر اللجنة القضائية بمجلس النواب قرار العزل بأغلبية بسيطة بين أعضائها الـ 41.
الخطوة الثالثة: أن ينتقل التصويت لكل أعضاء مجلس النواب الـ435، ويحتاج المرور أغلبية بسيطة.
الخطوة الرابعة: ينتقل القرار النهائى لمجلس الشيوخ الذى يعمل كهيئة محلفين بأعضائه المائة، ويمر القرار إذا حصل على أغلبية تفوق الثلثين أى 66 صوتا أو أكثر.