بقلم - محمد المنشاوي
أنصح الرئيس المصرى خلال زيارته لواشنطن الأسبوع القادم بالقيام بزيارتين من شأنهما إنجاح زيارته للعاصمة الأمريكية. وبالطبع ستشمل الزيارة برنامجا وجدولا تقليديا لا يختلف كثيرا عن جدول وبرنامج الزيارة التى قام بها الرئيس قبل عامين لواشنطن، وهو ما لا يختلف بدوره عن كل الزيارات الرئاسية السابقة التى قام بها الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
النصيحتان هما أن يقابل الرئيس السيدة أبريل كورلى، وعلى الرئيس القيام بزيارة متحف «ملكات مصر» بمتحف ناشيونال جيوجرافيك بوسط واشنطن.
***
هل يتذكر أحد السيدة أبريل كورلى؟ أبريل كورلى هى بطلة رياضية واستعراضية أمريكية أصيبت فى الصحراء الغربية قبل ثلاثة أعوام بالخطأ عندما تواجد الوفد السياحى الذى كانت ضمنه فى منطقة محظورة أمنيا، ما أدى لحادث قصف خطأ لقافلة سياحية نتج عنها مقتل 12 شخصا منهم صديقها رافايل بجارانو، نتج عن الحادث إصابات خطيرة لأبريل فى كتفها ورقبتها وذراعها وأضلاعها، ولا تزال تعانى من تبعات الإصابة حتى اليوم. ولا تستطيع السيدة أبريل العمل ولا ممارسة الرياضة وفقدت حاسة السمع، وطالبت الحكومة المصرية بتعويض مالى قدره 15 مليون دولار، ولكنها لم تتلق إلا عرضا تعويضيا مصريا قيمته 150 ألف دولار، وهو ما لا يفى حتى بتكلفة الرعاية الصحية التى تلقتها كما يقول محاميها. وللمرة الأولى منذ عودتها للولايات المتحدة ستزور السيدة أبريل واشنطن الأسبوع القادم أثناء زيارة الرئيس المصرى للعاصمة الأمريكية من أجل زيادة الضغط على الكونجرس كى يضغط من جانبه على الحكومة المصرية لدفع التعويض المالى المطلوب.
وتطالب أبريل، ويدعمها فى ذلك عدد متزايد من أعضاء كبار من أصحاب النفوذ بالكونجرس، الحكومة الأمريكية بمنع إتمام صفقة عسكرية حتى يتم تعويضها. مقابلة الرئيس المصرى للسيدة أبريل ستكون خطوة خارج صندوق التفكير التقليدى، وستقطع الطريق على جهود تستهدف إحراج الرئيس خلال تواجده بواشنطن، وقد يكون التزام القاهرة بتعويض السيدة أبريل بصورة مرضية قرارا صائبا خاصة مع تصميم باتريك ليهى السيناتور الديمقراطى من ولاية فيرمونت على حل القضية بعدما جمد العام الماضى تلقى القاهرة لـ 300 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقاهرة على خلفية هذه القضية.
وصعد ليهى موقفه وطالب وزارة الدفاع الأمريكية مؤخرا بوقف إمداد مصر بطائرات الأباتشى المروحية الهجومية طبقا لعقد قيمته مليار دولار بين الطرفين، ويحل موعد تسلمها قريبا.
لم تألف الدبلوماسية المصرية التعامل بطريقة مباشرة مع أزمات عابرة هنا وهناك فى علاقات القاهرة وواشنطن فى السنوات القليلة الماضية، وأتصور أن إقدام الرئيس المصرى على مثل الخطوة من شأنه المساهمة فى إنجاح الزيارة وتركيز الإعلام الأمريكى والكونجرس على موقف جديد مختلف من جانب الحكومة المصرية.
***
من ناحية أخرى تتصادف زيارة الرئيس المصرى لواشنطن مع احتفاء العاصمة الأمريكية بملكات مصر فى العصور الفرعونية من خلال معرض تستضيفه مؤسسة ناشيونال جيوجرافيك ويستمر حتى نهاية شهر أغسطس القادم. ويقتصر المعرض على عرض تاريخ وتوابيت وتماثيل ومقتنيات الملكات الأهم فى التاريخ المصرى القديم. ووصف كتيب المعرض ملكات مصر الست التى يعرض لهن «بالأسطوريات» وأنه ومنذ «عدة قرون، كان ملوك مصر القديمة محور اهتمام العالم، أما اليوم فأصبح معروفا للعالم أن المرأة أيضا وصلت إلى سدة الحكم فى مصر القديمة أكثر مما كان يعتقد كثير من الناس». ويركز المعرض على الملكات الأهم فى التاريخ الفرعونى، ويضم المعرض ما يقرب من 300 قطعة أثرية من مقتنيات الملكات شغلت قاعة العرض الواسعة الواقعة بوسط العاصمة الأمريكية. يشهد المعرض فى المتوسط حضور ألف زائر يوميا أثناء أيام عطلة نهاية الأسبوع وما يقرب من 400 زائر أثناء أيام العمل، وستتضاعف هذه الأعداد مع انتهاء العام الدراسى مع حلول شهر مايو. ويخدم المعرض بصورة كبيرة الصورة الذهنية عن مصر وحضارتها وجاذبيتها السياحية. ويدعم المعرض الصورة الذهنية القوية عن نساء مصر وهو ما سمح بوصول خمس ملكات ليصبحن «فراعنة» على قمة الهرم السياسى المصرى القديم. ومن شأن زيارة الرئيس للمعرض «التى قد يمكن أن تستغرق وقت قصير بين 20ــ30 دقيقة»، أثرا كبيرا ويمكن أن يستغلها الرئيس فى حواراته مع الجانب الأمريكى لإبراز أهمية مصر القديمة والحالية.
***
تابعت عن قرب زيارات الرؤساء المصريين لواشنطن خلال عهد الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون والجمهورى جورج بوش والديمقراطى باراك أوباما وأخيرا الجمهورى دونالد ترامب. وتعرف الزيارات برامج وجداول مقابلات تقليدى لا يوجد به أى جديد. ويعتبر الجانب المصرى كل الزيارات الرئاسية السابقة ناجحة وأنها تمثل شهادة على إدراك واشنطن لأهمية ودور مصر الاستراتيجى والمهم فى سلام واستقرار الشرق الأوسط. قيام الرئيس المصرى بلقاء السيدة كورلى وزيارة متحف ناشيونال جيوجرافيك لن يؤثر إلا إيجابا على الزيارة. ومثلها مثل كل الزيارات السابقة ستدفع الزيارة افتتاحيات بعض الصحف الأمريكية للتركيز الناقد لتطورات الأوضاع السياسية الداخلية المصرية، وسيركز البعض الآخر على دور مصر فى خطط ترامب لتغيير خريطة الشرق الأوسط سواء من خلال صفقة القرن أو مشروع الناتو العربى، وسيتطرق البعض لمستقبل المساعدات العسكرية وطبيعتها، ولا جديد فى كل ما سبق. يمكن للقاهرة التأثير وبقوة على واشنطن أثناء الزيارة إذا تم التفكير خارج الصندوق وعدم الاكتفاء بالترتيبات الدبلوماسية التقليدية.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع