توقيت القاهرة المحلي 18:19:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أطراف أزمة خاشقجى الأربعة

  مصر اليوم -

أطراف أزمة خاشقجى الأربعة

بقلم - محمد المنشاوي

يعد الكثيرون الأزمة الحالية المتعلقة بتصفية الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى داخل قنصلية بلاده قضية ثلاثية الأبعاد تتضمن المملكة السعودية وتركيا والولايات المتحدة. إلا أن هناك طرفا رابعا ليس أقل أهمية من الأطراف الثلاثة السابقين، ألا وهو صحيفة واشنطن بوست، التى اعتبرت خاشقجى «أحد أفراد عائلتها». 
الطرف الأول السعودية بسبب جنسية خاشقجى وبسبب اعترافها بمقتله داخل قنصليتها التى تتمتع بسيادة عليها على الرغم من وقوعها داخل الأراضى التركية. وتدرك المؤسسات الحاكمة فى الغرب، وفى الولايات المتحدة أن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان أصبح يتحكم فى مصير المملكة وقراراتها وتوجهاتها منذ صعوده السياسى السريع قبل عامين. ولا يتمتع ولى العهد الشاب بخبرات جادة حقيقية بالمعايير الدولية والسياسية، فقد ولد أميرا وتعلم كأمير وصعد السلم كونه النجل المفضل للملك، وليس لتمتعه بأى قدرات أو إمكانات استثنائية. وعلى النقيض من القادة السياسيين الشباب فى الغرب ممن هم فى مرحلة عمرية قريبة من سن بن سلمان، مثل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أو رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودر، لم يخض محمد بن سلمان أى انتخابات تنافسية، ولم يبذل العرق ليصعد سلما سياسيا خطوة خطوة وسط منافسات وصراعات. ومثلت جنسية خاشقجى، إضافة لعلاقاته الطيبة مع كثيرين من القيادات السعودية السياسية والإعلامية، إضافة لعلاقاته الكثيفة فى واشنطن بالكثير من الساسة والصحفيين والخبراء السياسيين منذ عمله بسفارة بلاده فى واشنطن قبل عقد من الزمان، أهمية مضاعفة للأزمة. وخاشقجى ليس من معارضى التشكيك فى شرعية منظومة الحكم السعودية، ولم يدع إلى الثورة، بل فقط كان يطالب بالإصلاح السياسى واحترام الحريات الأساسية.
***
الطرف الثانى هو تركيا، ومدينتها الأسطورية إسطنبول، تلك العاصمة التاريخية لآخر دول الخلافة الإسلامية، والعاصمة الاقتصادية لتركيا، والتى تتمتع بديمقراطية مقبولة على الرغم من انتهاكات واسعة للصحفيين وحرية النشر، سمحت بوصول حزب إسلامى إلى الحكم قبل أكثر من عشر سنوات. وتملك تركيا ثانى أكبر جيوش حلف شمال الأطلسى (الناتو) الذى تنتمى إليه، وتتمتع بنفوذ إقليمى واسع. وتُعرف تركيا بامتلاكها أجهزة أمنية واستخباراتية ذات كفاءة، بشقيها الإيجابى والسلبى. وتشهد علاقات تركيا المعقدة والمتشابكة والمتنوعة مع الولايات المتحدة والسعودية فترة اضطراب، من قبل الأزمة الحالية. ولخاشقجى علاقات جيدة بكثيرين من القيادات السياسية والإعلامية التركية، إذ تجمعهم خلفية سياسية إسلامية. 
وتدير تركيا أزمة خاشقجى بحرفية جيدة وتتحكم فى حجم التسريبات الإعلامية والخبرية المتواصلة، وترمى الكرة فى الملعب الأمريكى أحيانا وتقذفها على السعوديين فى أوقات أخرى، إذ إنها لا تريد أن تبدو الأزمة وكأنها أزمة بين السعودية وتركيا، بل تريدها أزمة بين السعودية والعالم وعلى رأسه الولايات المتحدة.
***
وتمثل الولايات المتحدة الطرف الثالث فى الأزمة الحالية، إذ اتخذ خاشقجى من واشنطن منفى اختياريا قبل أكثر من عام، وأقام فى شمال ولاية فيرجينيا. وعلى الرغم من عدم تمتعه بالجنسية الأمريكية أو بالإقامة الدائمة (الجرين كارد)، يعد الاعتداء عليه اعتداءً على أحد المقيمين فى الولايات المتحدة، وجدير بالذكر هنا التذكير بأن قيمة المقيم هنا تختلف عن قيمة المقيم فى دول الخليج. ويعرف الرجل واشنطن جيدا، إذ سبق له العمل فى سفارة بلاده فيها مسئولا عن ملفات الإعلام والعلاقات العامة، ومستشارا للسفير الأسبق تركى الفيصل، وسمح ذلك كله لخاشقجى أن يبنى شبكة واسعة من العلاقات. وبعد وصوله إلى واشنطن، أصبح كاتبا منتظما فى صحيفة واشنطن بوست، وأصبح ذا أهمية إضافية، إذ أصبح أحد المراجع الهامة لفهم التطورات السريعة التى تشهدها السعودية منذ وصول محمد بن سلمان إلى ولاية العهد. ولواشنطن وجود عسكرى وأمنى ومصالح مهمة مع السعودية، من هنا لا يتوقع أحد انهيار العلاقة الخاصة بينهما فى أى وقت قريب، إلا أنه من المؤكد أن المصالح المشتركة التى جمعتهما لأكثر من نصف قرن كأحد أركان السیاسة الأمريكیة فى المنطقة تخضع الیوم لاختبار قد لا يقدر النظام السعودى على اجتیازه إذا اختار الإبقاء على محمد بن سلمان كولى للعهد. وجاءت مواقف ترامب المتذبذبة وتصميم الكونجرس على معاقبة المملكة لتخلق أزمة حقيقية فى علاقات الرياض بأهم دول العالم.
**
منذ اللحظات الأولى لأخبار اختفاء خاشقجى، لعبت صحيفة واشنطن بوست دورا كبيرا فى إلقاء الضوء على القضية، وكان لتركيزها عليه بداية، كونه أحد كتابها، دور كبير فى دفع منافستها الأهم والأشهر «نيويورك تايمز» إلى تخصيص مساحاتٍ واسعةٍ لتغطية الموضوع. وتم إرسال عشرات من الصحيفتين إلى تركيا لمحاولة فك طلاسم عملية الاختفاء. وساهم تركيز واشنطن بوست على وجود «خطيبة تركية ومشروع زواج» فى مضاعفة البعد الإنسانى للتغطية. وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الاختفاء، لا تخلو صفحات الرأى والافتتاحيات والتقارير الإخبارية فى واشنطن بوست وغيرها من كبريات الصحف ومحطات التلفزيون من موضوع جمال خاشقجى. وساهمت واشنطن بوست فى الضغط على البيت الأبيض للتدخل فى القضية. وألقت واشنطن بوست اللوم على علاقة ترامب وصهره جاريد كوشنر الحميمة مع محمد بن سلمان، والتى يعتقدون أنها دفعته إلى التفكير خارج الصندوق، والإقدام على مغامرة جديدة غير محسوبة العواقب. وكان لتواجد محررة مقالات خاشقجى بالصحيفة، كارين عطية، دور مضاعف فى شخصنة قضية الاختفاء، إذ أصبحت رمزا للقضية ولا تمر ساعات إلا وتظهر منادية بالبحث عن حقيقة اختفاء خاشقجى وضرورة معاقبة المسئول أيا ما كان.
***
وبين هذه الأطراف الأربعة وما نعرفه وما لا نعرفه فيما يدور بينهما، أصبح خاشقجى رمزا عالميا لأشياء كثيرة وأفكار نبيلة عند أغلب دول العالم ومجتمعاته، منها «الحق فى التعبير» و«حرية النشر والانتقاد» و«سيادة القانون» و«ضرورة احترام القانون الدولى» وأخيرا «أمن الصحفيين وسلامتهم حول العالم».
كاتب صحفى يكتب من واشنطن
الاقتباس
منذ اللحظات الأولى لأخبار اختفاء خاشقجى، لعبت صحيفة واشنطن بوست دورا كبيرا فى إلقاء الضوء على القضية، وكان لتركيزها عليه بداية، كونه أحد كتابها، دور كبير فى دفع منافستها الأهم والأشهر «نيويورك تايمز» إلى تخصيص مساحاتٍ واسعةٍ لتغطية الموضوع.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطراف أزمة خاشقجى الأربعة أطراف أزمة خاشقجى الأربعة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon