توقيت القاهرة المحلي 09:22:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية

  مصر اليوم -

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية

بقلم : عبد الرحمن شلقم

سنة 1969، كانت عام التداعي الكبير والسريع في ليبيا. الولايات المتحدة ألقت أضواءها الدبلوماسية والأمنية والعسكرية على ما يجري في البلاد، التي لها بها قاعدة عسكرية تعد من أكبر القواعد العسكرية الأميركية خارج التراب الأميركي. السفير الأميركي لدى ليبيا في أواخر العهد الملكي، ديفيد نيوسوم، كان له وجود متحرك في ليبيا، وربطته علاقات قوية مع كامل الطيف السياسي الليبي، وارتبط بعلاقات مباشرة مع الملك إدريس السنوسي وولي عهده الحسن الرضا السنوسي. رؤساء الحكومات الليبية، بمن فيهم من غادر المنصب، توالت لقاءاته بهم. كل ما سمعه في اجتماعاته العديدة والطويلة مع كبار السياسيين أرسله السفير إلى وزارة الخارجية الأميركية في وثائق طويلة تحتوي على تفاصيل ما قال وما سمع. الدبلوماسي الراحل نبيل محمد حميمة جمع عدداً كبيراً من تلك الوثائق وترجمها إلى اللغة العربية، ونشرتها «دار الرواد الليبية» حديثاً.

الوثائق الأميركية التي أُفرج عنها، حملت صوراً حية عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في ليبيا. الصراع الصامت بين الأشخاص القياديين في البلاد كان له صوت خاص يتحرك في دوائر المثقفين والمعنيين بما يجري في البلاد. الأحزاب ممنوعة ومجرمة منذ الاستقلال، والنقابات نشاطها محدود جداً، والمجتمع المدني لم يترعرع بعد. شخصيات معدودة دخلت المعترك السياسي بعد الاستقلال، ومنهم من كان عضواً في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، أو تولى حقيبة وزارية، كان بعض هؤلاء هم من يلاحق خفايا الصراع السياسي أو يلاحقه. تضمنت الوثائق التي أرسلتها السفارة الأميركية في ليبيا إلى وزارة خارجيتها أسماء الشخصيات السياسية الليبية التي تخوض في ميدان الخلاف السياسي. كان التوتر وعدم اليقين والخلاف العام وسط السياسيين هو ما وسم عام 1969 منذ بدايته إلى نهايته التي طوت صفحة المرحلة الملكية.

أهم الشخصيات في المشهد السياسي كان بالطبع الملك إدريس السنوسي، الذي بلغ من العمر عتياً، وصار زاهداً في الحكم، وبعد اغتيال أقرب المقربين له وأخلص المخلصين، رئيس ديوانه إبراهيم الشلحي، هجر مدينة بنغازي وأقام في مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، واعتاد أن يقضي شهوراً طويلة خارج البلاد في فصل الصيف للعلاج والاستجمام.

ولي العهد الحسن الرضا السنوسي، يقيم في مدينة طرابلس، ويزور من حين إلى آخر مدينة بنغازي. لم يندمج في تفاصيل الحياة السياسية في البلاد، ولم يكن الملك على تواصل مباشر معه. كان الملك ينوي تغيير نظام الحكم إلى النظام الجمهوري، وعقد اجتماعات لمناقشة هذا الأمر، لكنه واجه معارضة قوية من أطراف وشخصيات فاعلة في البلاد.

أسرة إبراهيم الشلحي، خصوصاً أولاده البوصيري وعمر وعبد العزيز، كانوا بمثابة أبناء الملك إدريس الذي لم ينجب، وفضلهم على جميع أبناء العائلة السنوسية.

صار الحديث عن مصير النظام الملكي في حالة وفاة الملك، وتحركات أبناء إبراهيم الشلحي، خصوصاً العقيد عبد العزيز، وهو من هو في قيادة الجيش الليبي، صار حديث النهار والليل في كل أنحاء البلاد، وبين رجال كل البعثات الدبلوماسية. موقف عائلة الشلحي السلبي من ولي العهد الحسن الرضا السنوسي كان حديث السياسيين والقريبين منهم.

الوثيقة رقم2 بتاريخ 31-1-1969 من السفارة الأميركية طرابلس إلى وزارة الخارجية. المكان منزل محمد بن عثمان الصيد رئيس الوزراء الليبي السابق، والسفير الأميركي والمترجم. الموضوع خلافة ولي العهد ومؤامرات معارضيه.

طلب بن عثمان من السفير زيارته بمنزله بمرافقة مترجم فقط. وتطرق إلى سبب طلبه الاجتماع مباشرة. تؤكد الأحداث في الأشهر القليلة الماضية احتمال وجود مؤامرة تُحاك منذ فترة طويلة ضد الملكية في ليبيا. تحدث بن عثمان في هذا الاجتماع عن العقيد عبد العزيز الشلحي والعقيد عون رحومة. وعن اغتيال العقيد العيساوي سنة 1962 وعزل نوري الصديق عن رئاسة الأركان سنة 1968. وقال الصيد إن هناك مؤامرة تحاك ضد ولي العهد.

وثيقة رقم3

الموضوع ولي العهد. الحضور عبد الحميد البكوش، سفير ليبيا لدى فرنسا والسفير الأميركي. تحدث البكوش عن لقاءاته بولي العهد، وقال من المهم أن يؤكد على دعم قوات إقليم برقة له. وعرض البكوش مجموعة من الأفكار التي طرحها على ولي العهد. وتضمنت الوثيقة ما عبر عنه البكوش من ضرورة دعم ولي العهد، وجملة من الملاحظات عن أبناء الشلحي.

الوثيقة الرابعة..20-31969 الحاضرون: ولي العهد والسفير الأميركي. المواضيع:

زيارة ولي العهد إلى المغرب العربي، موقف الولايات المتحدة من الخلافة، زواج الشلحي من ابنة مازق. التهديد الذي يشكله الجيش الليبي. الجمهورية العربية المتحدة. رؤية ولي العهد. رحلة فرنسا وتركيا. عبّر السفير عن دعم بلاده للنظام الملكي في ليبيا، وخلافة ولي العهد. ذكر ولي العهد أسماء أشخاص يؤيدون تحول البلاد إلى النظام الجمهوري، لكن غالبية الليبيين يرفضون ذلك. تناول الاجتماع الحديث عن عائلة الشلحي وزواج عمر من ابنة حسين مازق. تحدث ولي العهد أيضاً عما يشكله الجيش من تهديد، وكذلك عن التأثير المصري في ليبيا، لكن ذلك ضعف بعد هزيمة يونيو. وأكد على انتهاج نفس سياسات الملك إدريس عند توليه عرش البلاد.

الوثيقة السابعة.. بتاريخ 17-5-1969

السفير الأميركي مع الملك إدريس..

المواضيع:

أخبار الفضاء، الشباب الليبي، المعتدلون العرب والفدائيون، السفير الأميركي الجديد لدى ليبيا، القصة غير الحقيقية عن طائرات البوينغ، زيارة الملك القادمة لليونان، عمر الشلحي، أم كلثوم، قاعدة هويلس. تحدث الملك والسفير عن مهام عمر الشلحي كمستشار للملك، وعن زواجه من ابنة حسين مازق. لاحظ السفير أن الملكة فاطمة التي كانت معهما في الاجتماع لم تعلق عند الحديث على عمر الشلحي. وجرى الحديث عن أم كلثوم وملاحظات الملكة فاطمة عن تكبرها، وحب الملك للموسيقى الكلاسيكية، وعلى سبيل المثال البجعة وفالتز فيينا.

وثيقة رقم 8 من السفارة بطرابلس إلى وزارة الخارجية بتاريخ 2-6-1969

الموضوع: عائلة الشلحي ونفوذها

1.. آل الشلحي والملك إدريس، العائلة الملكية غير الرسمية.

أعضاء عائلة الشلحي، صعود آل الشلحي، معضلة الملك: اغتيال الشلحي، العلاقة مع رؤساء الوزارات، موقف الملك: غض النظر. موقف الملك الثقة، موقف الملك المحاباة، أكثر آل الشلحي شهرة، الشلحي تجار النفوذ. عمر الشلحي. لطيفة الغماري. الشلحي العسكر، العقيد عبد العزيز الشلحي، العقيد عون رحومة. رئيس هيئة الأركان السنوسي شمس الدين السنوسي. الفساد في الجيش وقوة الشلحي المتزايدة. (قائمة المواضيع التفصيلية طويلة، وكلها حول آل الشلحي). أعتقد جازماً أن هذا التقرير المفصل الذي أرسلته السفارة الأميركية في ليبيا إلى وزارة الخارجية الأميركية هو أهم وأخطر تقرير أرسل إلى واشنطن من طرابلس، قبل ثلاثة شهور من إسقاط النظام الملكي. كان استيلاء عائلة الشلحي على السلطة في ليبيا بدعم من الملك إدريس أمراً معلوماً ومحسوماً. لكن السلطة كانت ملقاة على قارعة المجهول، سنرى من تمتد يده القوية لأخذها بعد أشهر قليلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية أيام ليبيا الرَّخوة في وزارة الخارجية الأميركية



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon