توقيت القاهرة المحلي 12:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسئلة عربية غائبة في محفل فيينا

  مصر اليوم -

أسئلة عربية غائبة في محفل فيينا

بقلم : عبد الرحمن شلقم

الجولة السابعة في حلبة فيينا تجمع قوى العالم، الضاربة في جهد توقف لعدة شهور من أجل فكّ الاشتباك بين إيران والولايات المتحدة. المشروع النووي الإيراني هو العنوان الذي يتحلّق حوله الحاكم والخصم، ولكل عضلاته وقفازاته في ملاكمة سياسية ومالية، لا تغيب عنها رياح تتضارب بقوة من أكثر من اتجاه. الجغرافيا هي التراب الذي يحرك آلة المواجهة بين التكوينات السياسية والاجتماعية.
منذ سيطرة الثورة الإيرانية على الحكم في طهران، تحرك الصدام بين دولة الإمام الفقيه والولايات المتحدة مبكراً. اندفع الشباب الإيراني واحتجز الدبلوماسيين الأميركيين في السفارة الأميركية بطهران، وقام الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بعملية عسكرية لتحرير الرهائن. فشلت العملية العسكرية الأميركية، لكنها أسست لمرحلة عداء، تنتج وقودها دون توقف، رغم تغير القيادات في كلا البلدين. النظام الإيراني تبنى مبكراً مشروعاً ثورياً عابراً لحدود بلاده يتحرك بعجلات دينية طائفية مسلحة بالمال والآيديولوجيا المجنزرة.
قفزات إيرانية هزَّت منطقة الشرق الأوسط وحركت ارتداداتها الهواجس والمخاوف الدولية.
انطلقت الثورة الإيرانية بقوة إلى خارج حدود بلادها، واخترقت دولاً في المنطقة العربية ونجحت في تأسيس مكونات عسكرية في 4 دول منها، تحولت إلى قوى سياسية متحكمة في بلدانها، ولم تُخفِ تبعيتها وولاءها لطهران. قفزة موازية قامت بها إيران، وهي شروعها في امتلاك أسلحة غيّرت التوازن العسكري في المنطقة كلها، الصواريخ والطائرات المسيرة والترسانة البحرية العسكرية التي تتحرك في الخليج العربي مهددة الملاحة الدولية. المشروع النووي الإيراني كان الانفجار السياسي والأمني الذي حرّك الدوائر السياسية الإقليمية والدولية. فرضت الولايات المتحدة، وبدعم من مجلس الأمن الدولي، عقوبات مالية ثقيلة على إيران، تجاوزت 1600 عقوبة، وغرقت إيران في ضائقة مالية خانقة دفع ثمنها الشعب الإيراني. الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومعها الاتحاد الأوروبي وألمانيا، عقدت سلسلة من الاجتماعات في فيينا، ومعها إيران. المفارقة الغريبة هي غياب الجانب العربي عن هذا المحفل العالمي الذي يعمل لإيجاد حل لمعضلة تهدد السلم والأمن الدوليين كما يقولون، لكن الطرف الذي يطاله التهديد الإيراني بشكل مباشر هو الخريطة العربية، بل فعل فعله فيها، وما زال يتحرك ويتمدد، ويدفع ملايين من العرب في العراق وسوريا ولبنان واليمن ثمنه جوعاً ونزوحاً وهجرة ودماً وتقسيماً وتغييراً في النسيج الاجتماعي.
تنادَى الأقوياء إلى فيينا، بمن فيهم ألمانيا، الدولة غير العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي.
الغائب الأكبر هو ممثل العرب، الذين يدفعون ثمن الحاضر والقادم من مجال الفعل والتهديد الإيراني. في الجولة النمساوية السابعة، تجثم على مائدة المفاوضات الساخنة معطيات جديدة، تجعل منها معركة غير باردة، وكل طرف تحركه مصالحه وهواجسه ومخاوفه. إيران أرسلت وفداً مالياً وليس نووياً أو صاروخياً، هدفها الأساسي هو فكّ قيود العقوبات الأميركية التي أنقضت ظهرها، وترفع ورقة السلاح النووي في وجه الوفد الأميركي الذي لا يجلس مع المفاوضين على الطاولة ذاتها، وتراجع أميركا عن اتفاق سنة 2015 الذي وقّعته إدارة أوباما مع إيران وألغاه الرئيس السابق دونالد ترمب. الصين وروسيا لهما مصالح تجارية كبيرة في إيران، لكن العقوبات الأميركية عليها تطال كل من يقترب من أسواقها، ولهما حساباتهما السياسية والأمنية الخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، وإن أبدت كل من الصين وروسيا شيئاً من التعاطف مع إيران، فإن ذلك لا يعني تأييداً لها، قدر ما هو نفور من السياسات الأميركية في المنطقة. الأطراف الأوروبية الثلاثة، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بينها ما يجمع وما يفرق مواقفهم في جوانب تجارية وأمنية وعسكرية أيضاً. إسرائيل هي الغائب الحاضر في فيينا، ولها على مائدة المفاوضات من يتحدث باسمها، ويعبر عن تخوفها وتهديداتها التي تعلنها إيران بأصوات قادتها السياسيين والعسكريين. وشعار «الموت لإسرائيل» الذي يرتفع في إيران تستعمله وسائل الإعلام الإسرائيلية وجماعات الضغط المؤيدة لها في أميركا وأوروبا مادةً للتعبئة ضد مشروعها النووي. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصاعد شكواها وانتقادها للنشاطات النووية الإيرانية ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى عالٍ والتوسع في تشغيل منظومة الطرد المركزي المتطورة، والتضييق على مفتشي الوكالة بما يخالف قواعد البروتوكول الإضافي الذي وافقت عليه إيران. الملف الإيراني أضيفت إليه أوراق كثيرة لم تكن في ذلك الذي جرى الاتفاق عليه بينها وبين الولايات المتحدة سنة 2015؛ حيث جرى في مفاوضات الجولة السابعة في فيينا طرح موضوع الصواريخ الإيرانية والتمدد الطائفي المسلح في عدد من الدول العربية.
غياب الصوت العربي في فيينا يشكل ثقباً كبيراً في جدار الأمن العربي، وخاصة البلدان التي تعاني من التدخل الإيراني الذي ألحق أضراراً كارثية بعدد منها، حيث تصرُّ إيران على مواصلة مشروعها التوسعي المسلح بالمال والآيديولوجيا الطائفية والطائرات المسيرة والصواريخ التي تدفع بها من دون توقف إلى الميليشيات العميلة لها. العرب هم الأكثر تضرراً من المشروع الإيراني، ممن يجلسون حول مائدة المفاوضات النمساوية. الملف العربي الغائب تملؤه أسئلة عن الحاضر والقادم، وفيه نواقيس تهدد وجود كيانات عربية كثيرة.
المشروع الإيراني في المنطقة له أهداف أوسع من قضية أسلحة الدمار الشامل الإيرانية التي تشكل الهاجس لأميركا ومن معها، فما موقف القوى الكبرى تجاه هذا المشروع الكبير والخطير؟ هل إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران ورفع عنها الحظر المالي أو جزء منه، تنفض ليالي الأنس السياسي في فيينا، ويبقى الذراع الإيراني يفعل ما يريد في المنطقة العربية موظّفاً أمواله التي ستعود إلى خزائنه ليمول بها مشروعه الكبير في أرض العرب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة عربية غائبة في محفل فيينا أسئلة عربية غائبة في محفل فيينا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon