توقيت القاهرة المحلي 12:57:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

  مصر اليوم -

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات

بقلم : عبد الرحمن شلقم

سبعة عقود عبرت على حدث ترك بصماته العميقة والبارزة في كيان المنطقة ومسارها. ليلة الثالث والعشرين من يوليو (تموز) سنة 1952. ضباط مصريون برتب صغيرة، يتحركون في تنظيم أُطلق عليه، تنظيم الضباط الأحرار. تمكنوا في ساعات قليلة من الاستيلاء على السلطة في عاصمة المملكة المصرية. اللواء محمد نجيب، الضابط المصري، كانت له رتبة عالية، واسم بارز بين كبار ضباط الجيش المصري، أشرق اسمه ورتبته العسكرية الكبيرة، في صباح ذلك اليوم، زعيماً للحركة العسكرية المباركة. لم ترشح أخبار في الأيام الأولى للحركة، حول الضباط الذين نفَّذوا الاستيلاء على السلطة، وأسقطوا الملك فاروق، ونفوه إلى خارج مملكته. مجلس قيادة الحركة ضم في البداية، 14 ضابطاً كانت رتبهم العسكرية بين الرائد والمقدم. المفكر والمخطط للحركة، كان الضابط الصعيدي المقدم جمال عبد الناصر. كان النظام السياسي الملكي المصري دستورياً برلمانياً، إلى حد ما، وللملك تدخلات تتَّسع وتضيق في القرارات المهمة. الوجود البريطاني حاضر سياسياً وعسكرياً، والإقطاع يفعل فعله اقتصادياً واجتماعياً. الأحزاب تلعب دوراً محسوباً في ظلّ العرش الملكي، والنفوذ البريطاني الفاعل. حزب الوفد لا يغيب إلا لكي يعود، وحركة الإخوان المسلمين، لها سيطرة سياسية قوية في المجتمع. في الأيام الأولى للحركة العسكرية، بدأت نواقيس سياسية وعسكرية، تضرب أبوابَ قيادة الحركة.

ضباط من القوة المدرعة، الفرسان أطلقوا صوت التمرد، وأجمعوا على معارضتهم بعض توجهات قادة الحركة المباركة. حركة الإخوان المسلمين باشرت تملي شروطها. وصل الخلاف إلى داخل قيادة القائمين بالحركة العسكرية. البكباشي جمال عبد الناصر، صنع البوصلة الثانية لقيادة حركته. أبعد مبكراً اثنين من قادة الحركة، والأبرز كان الضابط يوسف صديق الذي لعب الدور الحاسم في إسقاط النظام الملكي ليلة تحرك الجيش، بسيطرة قواته مبكراً على قادة الجيش جميعاً. تحركت الأحداث بسرعة، ودبَّ الخلاف بين مجلس القيادة العسكري. اللواء محمد نجيب صدَّق فعلاً أنه هو قائد الحركة، ومن بين الضباط من أصرَّ على العودة إلى الحياة السياسية الديمقراطية الحزبية، وكان أبرزهم خالد محيي الدين. الإخوان المسلمون بوجودهم القوي والواسع في الشارع المصري، أرادوا قيادة التحول.

البكباشي جمال عبد الناصر، مهندس الحركة ومؤسسها، صنَّف أعضاء مجلسه، وتمكَّن من تنفيذ أهدافه. إعلان الجمهورية، وقانون الإصلاح الزراعي والقضاء على الإقطاع، وإبعاد اللواء محمد نجيب، ثم تأميم قناة السويس، الذي أدَّى إلى العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والإسرائيلي. تضامن الشعب العربي مع الزعيم القومي الذي واجه أعداء الأمة العربية، واكتشف عبد الناصر قوةً لم يكن يعرف مداها. القومية العربية.

تولى من بقي مع عبد الناصر من أعضاء مجلس قيادة الثورة مناصبَ سياسية مختلفة. وزراء ورؤساء وزارات، ونواب لرئيس الجمهورية، باستثناء عضو واحد، هو أنور السادات، الذي عُيّن في البداية وزير دولة، من دون حقيبة وزارية. عاش في ظل من كانَ يسميه المعلم جمال عبد الناصر. السادات اقتحم العملَ السياسي الوطني مبكراً، ودخل السجن مرتين. في قضتَي اغتيال أمين عثمان، والتخابر مع الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية. عُزل من الجيش، وانضم إلى الحرس الملكي الحديدي بعد عودته إلى الجيش. ضمَّه جمال عبد الناصر إلى حركة الضباط الأحرار، رغم تحفظ بعض أعضاء الحركة؛ بسبب انضمامِه إلى الحرس الملكي الحديدي. السادات هو من ألقى البيان الأول للحركة بصوته الجهوري وتمكّنه من اللغة العربية.

قال خالد محيي الدين، عضو مجلس قيادة الثورة، في مذكراته، كان جمال عبد الناصر زعيماً، وكان أنور السادات داهية سياسياً. عندما عيّر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة أنور السادات، بأنه دخل السينما مع زوجته ليلة الثورة، وافتعل خلافاً مع شخص ما، وأصرَّ على تسجيل محضر في قسم الشرطة، ردَّ عليه السادات: أنا الوحيد بينكم الذي سُجن مرتين في قضايا سياسية.

جمال عبد الناصر وأنور السادات، هما عضوا مجلس قيادة ثورة 23 يوليو اللذان تولّيا رئاسة مصر، وخاضَا معاركَ رسمت خريطة مصر والمنطقة. حقَّق جمال عبد الناصر بعض الأهداف. القضاء على الإقطاع، وتأميم قناة السويس، وبناء السد العالي، ونشر التعليم المجاني، وتأسيس حركة عدم الانحياز، وأطلق تيار القومية العربية، ووحدة مصر وسوريا، لكن ضربات انكسار قاسية هوت على زعامتِه المصرية والعربية. كان أشدها هزيمة يونيو (حزيران) 1967. عيَّن عبد الناصر أنور السادات نائباً له في آخر سنواته. كانت مصرُ وكل العرب تحت ركام الهزيمة واليأس. السادات الذي لم يتولَ مركزاً مهماً من قبل. تمكَّن في ساعات من إزاحة حلقة السلطة القوية، مراكز القوى الناصرية، وخاض حرباً هَزمَ فيها إسرائيل، واسترد سيناء بدهائه السياسي، وجرأته العسكرية والوطنية. جمال عبد الناصر وأنور السادات، هما توأما يوليو الخالدان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات يوليو جمال عبد الناصر وأنور السادات



GMT 08:09 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

بديع المقرئين

GMT 08:07 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

كيف تميزت السعودية سياسياً؟

GMT 08:05 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 08:03 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

أوروبا والألسنة الحداد

GMT 08:00 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

الرياض عاصمة العالم... مرة أخرى

GMT 07:49 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مصادر الطاقة والأمن القومي البريطاني

GMT 07:43 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مقام الكرد

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon