توقيت القاهرة المحلي 22:38:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن لا نشبه الآخر!

  مصر اليوم -

نحن لا نشبه الآخر

بقلم : د.محمد الرميحي

كثيراً ما جال بخاطري سؤال هو، هل قيمة التسامح خارجة عن نطاق الثقافة العربية، أم أنها هناك مهملة في الصف الخلفي من ثقافتنا، وتستبدل في عصرنا بالكراهية؟

كثير منا يبني رأيه عن شخص (رجل أو امرأة) من خلال الشكل فقط، فإن كان مظهره كرجل ملتحياً، أو امرأة محجبة، يتم إصدار الحكم عليه أو عليها من خلال الشكل، فقد يكون رجلاً يوثق به للبعض، أو تكون نقية طاهرة، وللبعض الآخر شخصية تثير الشكوك، وعلى العكس من ذلك فإن كان الرجل حليقاً والمرأة سافرة، قد يراه البعض أو يراها غير ذي ثقة، ويرى آخرون أنه الرجل أو المرأة التي تستجلب الثقة. كلا الحكمين معياريان من الخارج قد يوصلان إلى نتائج سلبية.

في التراث الأدبي العربي، (الرجال مخبر لا مظهر) وكذلك النساء، فلا يجوز التسرع في إعطاء أحكام معيارية لأشخاص من خلال المظهر الخارجي، وقد جاء القرآن بتقريع لمثل هذا النوع من الأحكام في قوله تعالى: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى)، رغم هذا التوجيه العظيم، إلا أن الثقافة السائدة لم تستوعبه، لذلك جاء في الشعر العربي باب (الهجاء) أو (المديح) المرسل من أكثر الأبواب غنى، مقارنة بالثقافات العالمية الأخرى.

فنسمع شاعراً يقول (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)، وآخر يقول (غض الطرف إنك من نمير، فلا كعباً بلغت ولا كلابا)، وهو موقف قيمي خاطئ، يسفح قيمة المساواة، وقيمة (أنت ما تفعل وليس من أي أب أتيت) وننسى قول شاعر آخر (ضعاف الأسد أكثرها زئيراً... وأصرمها اللواتي لا تزير).

إذا نظرنا إلى الصورة بشكل أوسع، فإن الكثير من الصراعات حولنا التي نشهدها اليوم هي انطباعات قد تكون خاطئة عن الآخرين وتحمل كراهية غير مبررة، بعضنا لا يتورع أن ينسب خصالاً سلبية لجنسية معينة، أو خصالاً إيجابية لجنسية أخرى، ذلك تعميم ذميم على الجماعات وعلى الأفراد. فإن كان لك تجربة سلبية مع فرد من جنسية معينة، فإن تعميم سلوك تلك الشخصية على جميع أفراد مجتمعه ليس خاطئاً فحسب، ولكنه ظالم أيضاً، والعكس صحيح إن كان لك تجربة إيجابية مع جنسية معينة، فتحفّظ عن التعميم، تحوطاً، فقد تجد، وهو الأساس، الصالح والطالح في كل مكان.

لقد أخذ ذلك التعصب الكريه مجتمعات إلى صراعات طويلة، وإلى مواقف طائفية وعرقية ولغوية، وأيضاً لونية، وتم تعميم الرذائل بسبب المعتقد أو اللون أو حتى اللغة، وكثيراً ما نسمع نصائح من البعض إن كنت في مدينة غربية متعصبة، عليك ألا تتكلم العربية في مكان عام مع رفيق لك، لأن ذلك يثير حفيظة آخرين بمجرد أن يسمعوا مفردات لغتك، من هنا أصبح الحديث عن الإسلاموفوبيا كمثال أو عن اليهودية أو المسيحية أو السيخية أو البهرة، أو الهندوسية أو أي ديانة أخرى، حديثاً يقبل من البعض مقروناً بكراهية تلقائية.

شرور الصراعات التي حولنا والحروب الأهلية بجانب دوافعها السياسية، تغطى وتسوق عرقياً ومذهبياً وطائفياً ودينياً، لأن تلك العوامل هي الأكثر إثارة للتعصب، وينساق كثيرون وراءها طوعاً لحرب الأهل والجيرة والمواطنة، وتتمثل أمامنا في الحرب الضروس في السودان، وفي اليمن وليبيا وسوريا وغيرها من بلداننا التي نُكبت بجرثومة التعصب، من هنا فإن الدعوة إلى فكرة التسامح، وأن الآخرين لا يشبهوننا بالضرورة، يدعونا إلى التفكير بأهمية بحث تدريس منهج التسامح في مدارسنا، والتأكيد على أن البشر مختلفون، ولكن أيضاً متعاونون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن لا نشبه الآخر نحن لا نشبه الآخر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon