توقيت القاهرة المحلي 15:42:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحقيقة الغائبة!

  مصر اليوم -

الحقيقة الغائبة

بقلم : د.محمد الرميحي

تغيب الحقيقة عن شريحة واسعة من الناس (غفلة أو تعمداً)، وهي الحقيقة المعروفة في كل زمن، أنه في الحروب أول ما يسقط من ضحايا هي (الحقيقة)، فأي صراع بين البشر، المصلحة هي التي تتفوق على الحقيقة، وليس الصراع في غزة وحولها استثناء، فهناك حقائق غيبت، بسبب مصالح ظاهرة أو خفية لأطراف الصراع أو محاولة تجهيل للعامة.

 

المشهد المعروض أمامنا هو مشهد محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وهي المحكمة التي أنشئت عام 1945، بعد الحرب العالمية الثانية من المنتصرين، بسبب الفظائع الإنسانية التي ارتكبت، وخاصة من دول المحور، كأول محكمة قادرة على محاكمة الدول المتهمة بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وهناك فرق بينها وبين محكمة الجنايات الدولية، التي أسست عام 2002، فالأولى تحكم بين الدول، وتقدم الدعاوى أمامها باسم الدول، ولا تصدر مذكرات اعتقال، بينما محكمة الجنايات تحكم على الأفراد مرتكبي الجرائم في حق الإنسانية، أنشئت بعد تطور الصراعات البينية في داخل الدول في النصف الثاني من القرن العشرين، ومن حقها إصدار مذكرات اعتقال لأشخاص قاموا بتلك الجرائم، كمثال رواندا والبوسنة.

يخلط بعض المعلقين العرب بين أمور تبدو أنها بديهية، ولكن دون توضيحها يسهل تضليل العامة، ومن ليس له دراية بالشأن القانوني والدبلوماسي، فما إن بدأت محكمة العدل عملها منذ أيام، بعد أن قدمت دولة جنوب أفريقيا شكوى موثقة ضد جرائم الحرب التي تقوم بها إسرائيل في غزة، حتى انبرى البعض إلى لوم الدول العربية عن (تقاعسها) عن المبادرة بذلك، والفرق هنا أن قوة الادعاء تأتي من أن المشتكي ليس له علاقة مباشرة، إلا العلاقة الإنسانية، أما أي دولة قريبة متضررة، فإن شكواها أضعف بكثير من تلك الدولة التي ليس لها علاقة مباشرة غير العلاقة الإنسانية.

تلك واحدة، أما الثانية فإن العجب أن تقوم عاصفة من النقد ضد مصر، على أنها لم تفتح معبر رفح أمام المساعدات الدولية، وقد كان ذلك ادعاء محامي إسرائيل أمام المحكمة، ومن الطبيعي أن يكيل المدافع في أي قضية (التهم على الآخرين أو ينسب القصور إلى الآخرين) كما حدث في دفاع محامي إسرائيل، العجب أن كثيرين أخذوا ذلك الادعاء على أنه حقيقة، فانهالت التهم على مصر دون تبصر، وما قاله المحامي بعيد عن الحقيقة، لأن معبر رفح من جهة تابع لمصر، وذلك حقيقة، إلا أن دخول المساعدات يخضع دون استثناء إلى الموافقة الإسرائيلية، تحت تهديد أن أي شاحنة لا تخضع للتفتيش، سوف تقصف، ويتعطل التفتيش أياماً وتمنع بعض السلع من الدخول، مثل أنابيب الأوكسجين، وبل حتى الثلاجات العادية، وكل شيء تعتقد إسرائيل أنه قريب للاستعمال الحربي، رغم هذه الحقيقة المعروفة، ورغم أن بين إسرائيل وغزة أكثر من معبر بري يمكن دخول الإغاثة من خلاله، إلا أن المحامي (كأي محامٍ آخر) أراد أن يبعد التهم، باتهام آخرين، ذلك معروف، غير المنطقي أن يتسلم البعض من العرب تلك التهم، ويعتقدوا بصحتها، والسؤال إذاً لماذا لا يعتقدون بصحة كل ما قاله المحامي عن إسرائيل من ترهات!

البعض يعجب أيضاً من دخول الدولة الألمانية للدفاع عن أعمال إسرائيل في غزة، من الطبيعي أن تفعل الدولة الألمانية ذلك، بسبب ما رسب في الضمير الألماني من عقدة، رسختها الدعاية الإسرائيلية لسنوات طويلة وعمقتها الأفلام والكتب الغربية، وخاصة الأمريكية، من أعمال بشعة لدولة الرايخ الألماني تجاه اليهود، وكانت تلك الأعمال، كما يعرف كثيرون، موجهة لكل الأقليات، ولكن تلك الأقليات نسيت، وبقيت عقدة الهولوكوست، ولعل الفزعة الألمانية تكفير لما حدث في السابق، وتذكير بأن ما تم فعله في اليهود، تقوم الدولة العبرية بفعل مشابه له وإن اختلفت الأساليب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحقيقة الغائبة الحقيقة الغائبة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 13:18 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon