توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكويت.. هيبة القانون وكرامة المواطن

  مصر اليوم -

الكويت هيبة القانون وكرامة المواطن

بقلم : د.محمد الرميحى

بعد أربع وعشرين ساعة من اليوم ستذهب جموع المصوّتين في الكويت، رجالاً ونساءً، إلى صناديق الانتخاب، في تجرية أصبح لها الآن أكثر من ستين عاماً، شهدت النجاحات والإخفاقات، وكأي حملة انتخابية يختلط فيها الهوس الجماعي بقليل من التفكير المتأني، عاشت الكويت الأسابيع الأخيرة. وهي ظاهرة ليست مقصورة على الكويت، إلا أن هناك رأياً عاماً في الكويت، بعضه معلن وآخر صامت، مفاده أن التجربة تحتاج إلى إصلاح الاعوجاج، وأن المسيرة تتعثر تعثراً مرضياً لا يرضاه أي عاقل لوطنه. على سبيل المثال لا الحصر، فإن عدد الاستجوابات الوزارية منذ بدأت التجربة البرلمانية في الكويت، حتى الاحتلال العراقي عام 1990، كانت فقط أربعة عشر استجواباً، وقفز الرقم منذ عودة البرلمان بعد التحرير إلى العام الماضي إلى 134 استجواباً، أي في المتوسط خمسة استجوابات كل عام، والاستجواب في الكويت يعني تعطيل العمل الحكومي في ذلك المرفق، وأيضاً يعني (في الغالب) الضغط لتحقيق مصالح لها علاقة بعنوان عام هو الفساد، إذا قبلنا أن مفهوم الفساد هو استخدام سلطة لتحقيق مصلحة، عدا التكالب، في الغالب، على تحويل الدولة إلى شبه مزرعة، ويعني أيضاً في الغالب استقالة الوزير!

الموضوع لا يخص الكويت فقط، ولكن أيضاً نجد من المؤسسات العالمية من يهتم بما يحدث عندنا، فعلى سبيل مثال آخر، نشرت مجلة "الديموقراطية" وهي مجلة أميركية تصدر منذ بداية القرن وتعنى بالظواهر الديموقراطية في العالم، مقالة شبه استفزازية في عددها الصادر في آذار (مارس) 2024 بعنوان "هل يكون المجلس المنتخب الكويتي القادم آخر المجالس المنتخبة؟"، رغم ذلك العنوان الذي قد يكرهه البعض، إلا أن المجلة وضعت إصبعها على المواجع التي يشعر بها الكثير من المواطنين في الكويت، فتكرار حل المجالس المنتخبة هو ظاهرة في عمومها غير صحية. وتسرد المجلة المتوافرة على الشبكة الدولية العديد من المظاهر التي تجعل من افتراضها أمراً قريباً إلى التحقق، على رأس تلك المظاهر خرق الدستور رغم قسم العضو المنتخب قبل أن يمارس عمله، على احترامه، وكما حدث أخيراً فإن انتقاد النطق السامي للأمير، والذي قرر الدستور أن ذاته مصانة، هو خرق فاضح للدستور، وقد أدى مباشرة إلى حل المجلس السابق. وقد كان النطق السامي لسمو الأمير قد أشار اإلى أن السلطتين التنفيذية والتشريعية قد أضرتا بمصالح البلاد والعباد، ولم يكن ذلك التصريح إلا تعبيراً عمّا يحسه أغلب المواطنين.

لم تعد تجربة الكويت تجربة تاريخية، كما عمل الآباء، بل تحولت إلى "دراما تاريخية". اعتمد بعضهم على أن الصوت العالي والمزايدة هما اللذان يجمعان الأصوات، ونمت ظاهرة مرضية في التكتلات القبلية والأسرية والطائفية والحركية. كل يرغب في تنفيع الشريحة التي تناصره أو ينتمي إليها، حتى وإن أدى ذلك إلى خرق القانون وتشتيت أموال الدولة وتفويت الفرص، وبالتالي إلى جمود في العمل الوطني وانسداد في العمل السياسي، حتى توهم بعضهم أن الديموقراطية مطلوبة شكلاً لذاتها، وليست طريقاً ووسيلة لتقديم الأفضل إلى الجمهور العام.

أسباب هذا الانسداد الذي أدى إلى التسيب والتساهل والتفريط بالمصالح العليا لعموم الناس كثيرة، وهي معروفة لكل من له تجربة أو متابع، لدرجة أن مقالة مجلة "الديموقراطية" صرحت، وليس فقط لمحّت، بأن الجمهور العام قد أنف من تلك الممارسة، وبأنها عطلت الانطلاقة الكويتية المأمولة، في بلد تختزن أرضه سادس احتياطي عالمي من النفط.

التركة ثقيلة، ولكن الواضح أن القيادة الكويتية الجديدة، الأمير مشعل الأحمد، ورئيس الوزراء محمد صباح السالم (مع حفظ الألقاب) لديهما من العزم والتصميم ما يحقق إصلاح الاعوجاج المشاهد والمتذمر منه من كثير من النخب الكويتية.

مع مجموعة من الزملاء استمعنا الخميس الماضي إلى الخطوط العريضة لمشروع للإصلاح يعتمد على عدد من المؤشرات، بعض عناوينها العامة "لا إفراط ولا تفريط في هيبة القانون وكرامة المواطن، والتعامل مع المجلس التشريعي بحسب نصوص الدستور وما تقتضيه المصلحة العامة"، ومن العناوين الأخرى "القضاء على الفساد، كبيره قبل صغيره، مشاريع اقتصادية كبرى تخدم الجيل القادم، واقتصاد يعظم الفرص الاقتصادية ويشرك القطاع الخاص، وترشيد عمل الدولة بالاعتماد على الرقمنة بدلاً من ثقل البيروقراطية، وتجويد التعليم العام والخاص وتطويرهما ليفيا بالحاجات المستجدة في المجتمع، وتقوية العلاقات وتحصينها مع الجوار الخليجي، وحسن الجوار مع الآخرين، والحفاظ على النسيج الاجتماعي الكويتي متماسكاً وبعيداً عن العطب، وتمتين أواصر الإخاء في ظل القانون والمساواة بين المواطنين، وتقديم الكفاءة على أي عنصر مرجح آخر في تسكين الوظائف العامة وخلق رأي عام منسجم بعيد عن التحيزات".

تلك بعض العناوين لعودة المسيرة إلى طريقها الطبيعي، ومن أجل ذلك فإن الناخب والناخبة الكويتيين إن جاءا إلى صندوق الانتخاب يوم 4 نيسان (أبريل)، وهما محملان بكل التحيزات التي بثتها بعض الأصوات في الحملة الانتخابية، نكون قد عدنا إلى الخطأ السابق، أما إذا تخلصا من تلك التحيزات وهما يضعان الورقة في الصندوق ونصب أعينهما تحقيق المصلحة العامة، نكون قد أنقذنا المسيرة، وحافظنا على السلم الاجتماعي.

قد يكون ذلك مطلباً عسيراً على بعضهم، ولكن لو قام بعضهم الآخر به وأصبح لدينا عدد وازن من أهل الرأي والحكمة في المجلس المنتخب، فربما نكون في طريقنا إلى تجديد المسيرة وتفادي المخاطر التي حذر منها النطق السامي، وحذرت منها أيضاً مجلة "الديموقراطية".

رئيس الوزراء محمد صباح السالم يحمل كل تلك الأماني، وبدعمه نكون قد بدأنا طريقاً مختلفاً لكويت زاهرة ومزدهرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت هيبة القانون وكرامة المواطن الكويت هيبة القانون وكرامة المواطن



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon