توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بقلم : د.محمد الرميحى

  مصر اليوم -

بقلم  دمحمد الرميحى

بقلم : د.محمد الرميحى

"السباق إلى المكلا" هو الكتاب الثاني للخبير العسكري والأكاديمي مايكل نايتس، بعد كتابه الأول "25 يوماً إلى عدن"، يروي فيه تفاصيل من الحرب التي خاضها الجيش الإماراتي للقضاء على تنظيم "القاعدة" والجماعات التكفيرية في اليمن، التي لو تُركت لعاثت في المنطقة فساداً، كما يتطرّق فيه إلى الحرب ضدّ "الحوثيين" من منطلق أن الجماعتين متقاربتان أيديولوجياً. 
 
هذا الكتاب مؤلّفٌ بالإنكليزية، ومترجم بالعربية ضمن مشروع "كلمة" الإماراتي. قراءته ممتعة وسلسة، فهو حافل بالمعلومات التي تعرض على القارئ العربي والأجنبي للمرّة الأولى، من خلال قصة أبطال واجهوا مجموعات قتالية شرسة ومدرّبة، بدأت مسيرتها في القتال مع الجماعات التكفيرية في أفغانستان، ثم انتقلت إلى اليمن. 
 
لم يتنبّه العالم إليها، وإلى خطورتها، إذ كانت الدول متحالفة للقضاء على تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، فتُرك اليمن - الباب الخلفي للجزيرة العربية - مفتوحاً أمام عبث تلك القوى الشرسة. كان لا بدّ من التصدّي لها ودحرها في نهاية المطاف، بعدما وجدت لها موضع قدم في اليمن المفكّك. ووصل بها الاستقرار هناك حدّ إعلان "الإمارة الإسلامية"، ولو قدّر لتلك المجموعات أن تسيطر على السكان، لأصيبت المنطقة كلها بوباء شامل. 
 
عوامل كثيرة
استهدف تنظيم "القاعدة" في اليمن المنشآت الاقتصادية الحيوية اليمنية، وبعضاً من كبار المسؤولين في البلد، ونفّذ هجمات عدة على سفن أميركية راسية في ميناء عدن، أو مبحرة في مضيق عدن أو قربه.
 
ووصل أذاها إلى السعودية، حين فخّخ إبراهيم العسيري، الخبير الكيميائي السعودي المنضمّ إلى "القاعدة"، شقيقه الصغير عبد الله بدسّ متفجّرة في مؤخّرته، وأرسله في آب (أغسطس) 2009 لاغتيال الأمير محمد بن نايف، وكان حينها نائباً لوزير الداخلية السعودي. قُتل عبد الله فوراً في الانفجار، فيما أصيب الأمير محمد بن نايف بجروح.
 

يحدّد نايتس في كتابه هذا عوامل عدّة جعلت من اليمن مكاناً سهلاً لتمركز مجموعات "القاعدة في جزيرة العرب"، وتمدّدها إلى الجزيرة العربية ودول الخليج، منها عجز الدولة اليمنية عن بسط سلطتها على كامل ترابها الوطني، ما سبّب فراغاً سلطوياً وأمنياً استغله "القاعدة"؛ وضعف حكم الرئيس اليمني (الراحل) علي عبد الله صالح الذي تراجع حكمه بعدما استغنى عنه حلفاؤه، وركّز اعتماده على عشيرته الصغيرة، واستخدم في الوقت نفسه القبضة الأمنية من دون رديف فكري أو سياسي. فكانت سجون الأمن السياسي المكان الآمن لتجنيد عناصر "القاعدة".
 
رقصٌ على رؤوس الأفاعي
إلى ذلك، يقول نايتس إن صالح كان "يرقص على رؤوس الأفاعي"، أي كان يتحالف مع قوى ضدّ أخرى، بعضها من المتشدّدين، ثم يعكس تحالفاته عندما تتغيّر مصالحه. ولعب الفقر والجهل وسوء الإدارة أدواراً مهمّة في إتاحة الفضاء اليمني لتلك المجموعات، يُضاف إليها الاضطراب الذي أحدثه "الربيع اليمني"، وهو امتداد لما عُرف بـ"الربيع العربي"، بعد عام 2011. هذه العوامل المختلفة أسهمت في انتشار قوى الإسلام الحركي في اليمن، وفي استمالة مجموعات منه بعض القبائل المستاءة من صالح وحكمه. ويلفت نايتس إلى ما يسمّيه "القوى الناعمة" التي استخدمها تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" لاستمالة المناصرين، بإصدار المنشورات الإلكترونية للدعوة والتجنيد، "وكان بعضها يصدر في أميركا من خلال المتشدد أنور العولقي".
 
في هذه الأجواء، قرّرت دول الجوار التدخّل النشط لاحتواء الموقف ومنع تمدّد التطرّف، فتدخّلت المملكة العربية السعودية من الشمال مع عدد من الحلفاء، وأنيط بالقوات الخاصة الإماراتية التدخّل ميدانياً من الجنوب. كان نايتس شاهد عيان على الكثير من القصص التي يرويها في كتابه، بينما نقل قصصاً أخرى عمّن خاضوا المعارك، مثبتاً قائمة طويلة بأسماء الشهداء الذين قدّمتهم الإمارات في سبيل كبح جماح التشدّد.

في جزء آخر من الكتاب، يصف المؤلف الجهد العسكري ضدّ "الحوثيين" الذي انتهى بتمكين الشرعية اليمنية في جزء كبير من جنوب اليمن، وعودتها إلى عدن. إلّا أنه يُعيب على المجتمع الدولي عدم إكمال المهمّة التي لو تمّت لوفّرت الكثير من الجهد المبذول اليوم لمكافحة ما يقوم به "الحوثيون" في البحر الأحمر نيابة عن إيران.
 
الكتاب مليء بالتفاصيل ومعزز بالأسماء والمواقع، ويتألّف من 12 فصلاً، قراءة كل فصل منها تحبس الأنفاس، خصوصاً الفصول التي تتضمن سرداً مشهدياً للمعارك الضارية التي خاضتها القوات الخاصة الإماراتية ضدّ "القاعدة"، وهذه فصول تُظهر شجاعة تلك القوات ومستوى تدريبها العالي. 
 
لا تزال أرض الخناجر المعكوفة بوجود الحوثي تشكل خطراً أمنياً داهماً ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم وعلى الأمن، و يهدد مستقبل الأجيال، ولعل هذا الكتاب يدق ناقوس الخطر، وهو كتاب واجب القراءة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بقلم  دمحمد الرميحى بقلم  دمحمد الرميحى



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon