توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة في خطاب نصر الله

  مصر اليوم -

قراءة في خطاب نصر الله

بقلم : د.محمد الرميحى

كان كل المهتمين بالشأن العام في العالم، عرباً وغير عرب، منتظرين خطاب السيد حسن نصر الله، بعدما أعلن موعده وحشدت له الساحات. ثم جاء الخطاب واختلف الناس في تقييمه، كان المتفائلون يرون أن أحسن الأوقات للمشاركة في الصراع ضد إسرائيل لتحقيق أفضل النتائج السياسية هو فتح الجبهة في الجنوب اللبناني، بخاصة أن لدى المتفائلين انطباعاً بأن "حزب الله" لديه من السلاح والرجال ما هو أفضل، وهو كثيف الكتلة النارية، كما كان يقول دائماً، وذلك لتحقيق هدفين، الأول الإسراع في إنهاء الصراع (إذ إنها إن لم تكبر فلن تصغر)، وثانياً للتخفيف من عملية الإبادة التي تحدث في غزة، بخاصة بعد سماع أصوات من "حماس" بطلب العون من محور المقاومة وبعد استقرار فكرة وحدة الساحات... إلا أن ذلك لم يحدث.

الخطاب وقع على ثلاث شرائح كبيرة من الجمهور، أولاها الشريحة المقتنعة بكل ما يقوله "حزب الله" من سرديات من دون التفكير فيها، أكانت صحيحة أو خاطئة، ولن يجدي في هذه الشريحة حديث العقل، والشريحة الثانية هي تلك المعارضة لكل أطروحات "حزب الله" التي لا تراه أكثر من ذراع إيرانية في لبنان والمنطقة، فلا تصدق أي سردية مهما كانت عقلانية، أيضاً هذه الشريحة لن تغير رأيها، أما الشريحة الثالثة، وهي ربما تتسع، فهي تلك القابلة بأن تقتنع بما تسمع من تحليل عقلاني يضعها على أول سكة الحقيقة، هذه الشريحة هي المقصودة في هذه المقالة.

بالعودة إلى الخطاب تظهر القضايا السبع الكبيرة الآتية:

أولاً: كان السيد حسن محقاً في وصف العدوان على غزة بأنه وحشي، بل بربري، كما ذكر الأسرى في سجون العدو، والحصار على غزة، وهدم البيوت، كل ذلك صحيح، ولكن لم يقل لسامعيه لماذا اختير هذا التوقيت بالذات، فكل ما ذكر قديم ومتوحش وصلف، لكن لماذا الآن تفجر الموقف؟ المتغير الذي يراه كثيرون أن هناك خطط سلام تبحث في المنطقة سوف يتمخض عنها وضع للفلسطينيين أفضل بكثير مما هم فيه، ولقطع الطريق على ذلك المسار الصعب ولكن الواعد، تم تفجير الحدث، ربما بوعد من "المحور" بأنهم قادمون جحافل للنصرة، وهو ما لم يتحقق!

ثانياً: تبرئة إيران علناً وبوضوح من أن ليس لها يد أو علاقة بما حدث، فإيران، كما قال السيد، تساند ولكن ليست لها أي وصاية! فقرار التفجير كما ذكر السيد حسن وشدد "قرار فلسطيني 100%"! وهذه فكرة من الصعب تمريرها على معظم المهتمين والمطلعين في دول العالم، فقد أعلنت إيران مناصرتها، كما أعلنت "حماس" على كل منبر، ولكل من يريد أن يسمع، امتنانها للدعم (المادي والتدريبي والتسليحي) الوارد من إيران، كما أن وزير الخارجية الإيراني طاف على العواصم وجهر بالتصريح الذي يقول "الإصبع على الزناد"، ما معناه "مناصرونا جاهزون للمعركة"! ومن يريد أن يفاوض فليتحدث إلى طهران. إذا أضفنا إلى ذلك تاريخاً طويلاً من التصريحات بأن سلاح "حزب الله" وأمواله ومعاشاته كلها من إيران! إذاً لماذا التبرئة؟ هنا بيت القصيد، جاءت التبرئة للنأي بالنفس عن نتائج العملية المدمرة إن ذهبت إلى الأسوأ أولاً، وثانياً لاستكمال دور الوساطة (إن أمكن) للحصول على فائدة سياسية خاصة بطهران إن قبل الأطراف بذلك.

ثالثاً: جاء في الخطاب تشجيع "السواعد اليمنية والسواعد العراقية" على الدخول في المعركة (عن بعد) وهو القول القديم بأن تحرير القدس يمر بالقلمون وعمان من بين بلاد أخرى! وهو يعني أن هناك ساحات يمكن أن تسخن على رأس دولها أولاً، وهو يعني تهديد الأمن الإقليمي، وثمة شواهد عديدة على ذلك، ولكن لم يذكر السواعد الإيرانية!!

رابعاً: دخل الحزب في معارك في سوريا وذهب فيها الكثير من أرواح مناصريه، لكنه ولا مرة أعلن كم عدد قتلاه هناك، كان العالم يخمن من مصادر مختلفة ذلك العدد، هذه المرة ذكر السيد حسن أرقاماً دقيقة لقتلاه في الجبهة ولآخرين من الجماعات الأخرى، وهو أشار إلى "أننا اشتبكنا مع العدو منذ اليوم الثاني للمعركة"! إشغالاً وليس إشعالاً، وهي محاولة لدرء اللوم من قبل المتفائلين على احتمال التقاعس.

خامساً: شدد السيد حسن نصر الله على أن الحزب لن يدخل الحرب حتى تعتدي إسرائيل على لبنان، وكان القول السابق إنها بالفعل معتدية لأنها تحتل قرى مزارع شبعا اللبنانية! وإن تجاوزنا النقطة الأخيرة، فإن أي عاقل لا يرغب أو يدعو إلى دخول الحرب لأن نتيجتها خراب لبنان أكثر من خرابه الحالي، والذي يعتقد كثيرون أنه نتيجة طبيعية لتحكم سلاح الحزب، إلا أن التساؤل يبقى قائماً وهو تساؤل مشروع، إذا لم يكن الحزب ينوي الدخول في حرب فلماذا كل هذا السلاح الذي يمكن تسليمه للجيش اللبناني وإعمار لبنان في ظل السلم، أم أن الموضوع هو الاحتفاظ بذراع إيرانية تُستخدم لحراسة مصالحها وكيف تراها؟

سادساً: ليس من العدل أن يطلب من السيد حسن إعلان النفير، فالوضع الدولي القائم هو وضع صعب، والعدالة الدولية كما يطلبها الحالمون غير محققة، هناك تأثير قوي إعلامي واقتصادي وسياسي على متخذ القرار الغربي وهو صاحب القوة الأكبر اليوم، وتأثير آخر على دول الشرق الكبرى، نتيجة تراكمات تاريخية واقتصادية تجعل هذه الدول تميل إلى الجانب الإسرائيلي، لأن الأخيرة اعتمدت جزئياً على عمل دؤوب ومنظم وربط مصالح، حتى مع الجوار الإقليمي، وكل ما يحدث هو وضع الإقليم رهينة لشعارات لم تعد تشترى من قطاعات واسعة.

سابعاً: (زبدة الموضوع) لقد تم تحريك ما يحدث أمامنا والذي هو بمثابة "هولوكوست" على غزة من طرف إقليمي هو طهران، لأسباب خاصة بها وبأجندتها، محتفظة حتى الآن ببضع أوراق، منها صوت السيد حسن الجهوري، والذي تفضله الأذن العربية العاطفية، من أجل تحقيق أفضل النتائج لها، وليس للضحايا العزّل، وقد لخص ذلك فلسطيني له منبر في أميركا بالقول، بعدما سمع الخطاب، إنه يقول لحماس "دبروا حالكم"! ويا له من ملخص صادم من شخص مناصر!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في خطاب نصر الله قراءة في خطاب نصر الله



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon