توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطأ... الافتراضات الثلاثة!!

  مصر اليوم -

خطأ الافتراضات الثلاثة

بقلم : د.محمد الرميحى

لا جدال في أن الرأي العام العربي مستقطب بسبب الحرب في غزة، بعضهم يرى أنها حرب أُطلقت بسبب أجندات خارجية وغير محسوبة النتائج، وآخرون يرون أن هذا القتل الجماعي للمدنيين بسلاح الجيش الإسرائيلي هو جريمة لم يسبق لها أن حدثت بهذا العنف والإصرار، ضرباً بالحائط كل ما يراه الرأي العام العالمي، أو تفرضه القوانين الدولية.

لا أحد يستطيع أن يقول إنه يمتلك الحقيقة المطلقة، الحرب هي بحد ذاتها شنيعة، وحقائقها غامضة. ربما الحقيقة التي تتجلى أمامنا أن الطرفين في الحرب دخلاها من دون أن يستطيع أحدهما أن يخرج منها حتى الآن، لذلك فإن القتل مستمر... والتضليل أيضاً مستمر...

إلا أن هناك افتراضات ثلاثة يمكن التفكير فيها، والتي بنيت عليها الأسباب المهيكلة للحرب.

الافتراض الأول: توقيت الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) يحتاج إلى تفسير، فغزة محاصرة منذ زمن، وهناك ما يمكن تسميته بشبه هدنة بين "حماس" وإسرائيل، ربما التوقيت جاء بناءً على عاملين، الأول يتبعه الثاني، الأول هو الاتفاق الذي تم في اجتماع دول العشرين في كانون الأول (ديسمبر) 2023 في دلهي، وما عرف لاحقاً بالممر الاستراتيجي الذي يبدأ من الهند وينتهي في إسرائيل ثم أوروبا، والعامل الثاني ما رشح عن احتمال اتفاق بين المملكة العربية السعودية، بواسطة أميركية، نهايته وفاق مع إسرائيل يقف على عمودين، دولة فلسطينية واتفاق أمني استراتيجي. العاملان السابقان بطبيعة الحال هما ضد استراتيجية إيران التي ترغب في إبعاد الولايات المتحدة عن المنطقة، تمهيداً للاستفراد بها تحت شعار "تصدير الثورة". ولأن العلاقة بين "حماس" وإيران أكثر من وثيقة، تم تفجير الصراع من ساكن إلى مسلح. افتراض إيران هو أولاً قطع الطريق على الممر الاستراتيجي، وثانياً تحشيد الرأي العام العربي ضد مؤسساته السياسية تمهيداً لإضعافها أو خرقها، إلا أن هذا الافتراض ولو نجح في تأخير العامل الأول، لم يستطع أن يؤثر كثيراً في العامل الثاني، ما اضطرها إلى الدخول المباشر في حرب خاطفة، بعد جملة استفزازات، تبين بعدها مدى قصور فاعليتها العسكرية التي كانت تهدد بها، فاضطرت، كما نعرف اليوم، للدخول في مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة، ظاهرها تبريد الموقف في المنطقة وباطنها الحفاظ على النظام نفسه، من دون أن يتضرر من تصاعد الصراع!

الافتراض الثاني هو افتراض "حماس" أن عدداً كبيراً من الرهائن الإسرائيليين سوف يجبر إسرائيل على التفاوض السريع، بناءً على خبرة سابقة في موضوع المجند شاليط والذي كان جندياً واحداً، مقابل ألف وسبعة وعشرين من الأسرى الفلسطينيين، التبادل الذي تم في تشرين الأول 2011.

ذاك الافتراض تبين أنه خاطئ، فقد قررت إسرائيل من دون إعلان، اعتبار المختطفين موتى، وناورت لتخليص بعضهم، من دون وقف إطلاق النار، فلم تعد تلك الورقة، مع مرور الوقت، ذات أهمية تذكر، استخدمتها إسرائيل لتبرير كل ما تقوم به من قتل المدنيين وأخرجت جثثاً لمختطفين الأسبوع الماضي، حتى تقول لجمهورها إن "حماس" تقتلهم، فلا سبيل إلا استمرار الحرب!

الافتراض الثالث هو من جانب إسرائيل، فقد تصورت أن أكبر عدد من القتلى في غزة، مدنيين ونساءً وأطفالاً، سوف يدفع "حماس" لتعيد حساباتها وتطلب هدنة بالشروط الإسرائيلية إنقاذاً للأرواح البريئة والأمهات الثكلى، وبعد وصول الأغلبية في غزة إلى حافة الجوع، إلا أن كل ذلك لم يؤثر في موقف "حماس" التي، أولاً، بسطت سلطتها على غزة لسنوات، وفرضت سطوة أمنية، فلا تستطيع أي مجموعة في غزة التحرك ضد رغباتها، ولا هي، ثانياً، معنية بعدد المواطنين الذين يموتون تحت القصف، فكان افتراض إسرائيل في هذا الأمر خاطئاً.

تلك هي الافتراضات الثلاثة للأطراف المنخرطة في الحرب مباشرة، بُنيت على أفكار نظرية ومعتمدة على سوابق تغيرت بعدها الأمور لتغير الظروف.

الرد الهمجي من قبل إسرائيل، بعدما طال، حرك قسماً من الرأي العام العالمي، ولكنه قسم له ضجيج كبير، كمثل حركة الطلاب، أو بعض وسائل الإعلام، إلا أنه ضجيج لم يُسمع في الجسم السياسي الغربي، من جهة، وليست هناك مؤسسات سياسية فاعلة للطرف الفلسطيني للاستفادة منه، من جهة أخرى. فحتى جيمي كارتر المعمداني المتعاطف يقول إن الولايات المتحدة ملتزمة حدود إسرائيل وسلامتها، فما بالك ببقية الشرائح السياسية! ورئيس الوزراء البريطاني يشير الأسبوع الماضي إلى إسرائيل باعتبارها الواحة الوحيدة للديموقراطية في الشرق الأوسط.

تلك أمثلة لرسوخ القناعات في أوساط السياسيين الغربيين اليوم، أما إذا أضفنا إلى ذلك بعض التاريخ، فنجد تصريحاً قديماً للرئيس أنور السادات يقول فيه: "زرت الاتحاد السوفياتي عام 1970 ثلاث مرات، وفي كل مرة تؤكد القيادة احترام حدود إسرائيل"! تلك القناعة تحملها الإدارة القائمة في الاتحاد الروسي اليوم، وأيضاً في بكين وأيضاً في نيودلهي... تلك حقائق العصر.

أما البيت الفلسطيني فإنه يزداد انقساماً وتفرقاً وقتالاً على الزعامة، مخلوطاً في بعضه بأفكار تصل إلى الشعوذة في فهم الصراع وتفسيره، وإلى قصور على المستوى الدولي، من دون الاستفادة من العقول الفلسطينية النيّرة، فالولاء قبل الكفاءة هو مرض السياسة العربية، وقد ظهر إلى السطح الأسبوع الماضي ما ذكره السيد محمود عباس تجاه "حماس"، وأمام الإعلام العالمي والقيادات العربية، وما رد عليه متحدثون باسم "حماس" في بعض محطات التلفزة! شق كبير وعميق وتاريخي وفي أغلبه مصلحي، فالصوت الفلسطيني الموحد هو المنقذ، إلا أن دونه خرط القتاد!

صديق كان يناقش الموضوع، وهو رجل مطلع، قال لي قبل أيام إن لقاء بكين بين الفصائل سوف يكون المكان للوفاق التاريخي! كان متحمساً وصادقاً، وربما تلك رغبة الكثيرين، كان ردي أن المفاوضين، وإن اتفقوا، سوف يكون الزمن الذي تأخذه الطائرة المقلة لهم من بكين إلى الشرق الأوسط كفيلاً بأن يفترقوا!!!

أعرف أنها ملاحظة قاسية، ولكنهم لم يتفقوا في وسط الكعبة، فكيف يتفقون في بكين؟ مع كل ذلك الصراع على السلطة والتحالف الخطأ وعدم قراءة تطورات العصر... أما نهر الضحايا فهو مستمر، ويزداد زخماً، أمام افتراضات خاطئة وزعيق هائل... السؤال الملح هو: متى تنتهي الحرب؟ الجواب: عندما تحقق إيران أفضل صفقة ممكنة مع أميركا، وليس مهماً كم يُدفع ثمنها من الدم العربي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطأ الافتراضات الثلاثة خطأ الافتراضات الثلاثة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon