توقيت القاهرة المحلي 10:58:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيلاف الخليج

  مصر اليوم -

إيلاف الخليج

بقلم : د.محمد الرميحى

قبل سنوات لو سئل أحد المهتمين بالوضع الاستراتيجي في الخليج ما هي المخاطر التي تحيط بالخليج، لربما قال إنها مخاطر بيئية واقتصادية، فالأمن الإقليمي مستتب، والعلاقة مع الدولة الأقوى راسخة! والنظام الإقليمي منضبط! أما اليوم فإن المخاطر التي تحيط بالخليج هي مخاطر "وجود" وليست مخاطر "عابرة"، فمع نزيف غزة يوضع اللوم على دول الخليج باطلاً، وتفتح جبهة حرب على الممرات المائية في جنوب الجزيرة، وتتداعى الدول الكبيرة لمواجهتها، لما تسببه من مخاطر على الاقتصاد العالمي وحرية الملاحة في الممرات البحرية.

لقد وضع لقاء الدوحة لقمة الخليج الرابعة والأربعين في الأسبوع الأول من كانون الأول (ديسمبر) الحالي الإشارة المستحقة في ذلك الطريق، الذي يشير إلى المخاطر وأهمية ضبط الأمن، واحدة من الإشارات التي جاءت في البيان النهائي، ولكن أهمها لبقاء الوجود، هي التأكيد في البيان الختامي الفقرة 20 على الآتي: اطلع المجلس على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ قرار المجلس الأعلى في دورته الثانية والثلاثين، حول مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله من ضرورة، "الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد" وتوجيه المجلس الأعلى للاستمرار في دراسة الموضوع... وأيضاً "تكليف المجلس الوزاري ورئيس الهيئة المختصة باستكمال اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، ورفعه إلى المجلس الأعلى في دورته القادمة".

كانت تلك الفقرة إشارة إلى أن المخاطر على الخليج تتعاظم ويعترف بها، وأن التجهيز النفسي والإعلامي على منظومة الخليج في محاولة لإضعاف الجبهات الداخلية تمهيداً لاختراقها أمر قائم، هو أمر جدي يحتاج إلى مواجهة جادة.

الأفكار، وخاصة السياسية، تحتاج وقتاً إلى أن تنضج وتتحول من أفكار إلى مشروعات منفذة، إلا أن هذا الوقت في التفكير والدراسة إن طال،يتعرض المشروع كاملاً إلى الإهمال، ما يعظّم المخاطر.

قمة مجلس التعاون الرقم 32 التي عقدت في الرياض وكانت في كانون الأول (ديسمبر) 2011، وقتها كانت رياح "الربيع العربي" تهب بشكل معاكس، وتهدد المنطقة بالاضطراب، اليوم الرياح أكثر شدة وأشد غموضاً ومعاكسة مع حرب غزة، وصراع دولي وإقليمي مشهود، من جهة المشروع الإيراني التوسعي، ومن جهة أخرى المشروع الغربي الصهيوني.

اليوم دول مجلس التعاون تواجه تحديات كبرى، في مرحلة انتقالية من تاريخ العالم، مرحلة تتحول تدريجياً من القطب الواحد إلى تعدد الأقطاب دون أن تنضج العلاقة بينهما، ومرحلة ليس فيها مرجعية دولية تستطيع أن تقرر حلاً للمشكلات العالقة في العالم، ونحن نشاهد مجلس الأمن الذي يتعثر مرة تلو أخرى، في اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في الحرب التي تحصد أرواح الفلسطينيين دون هوادة، في معركة إبادة نادرة في حجمها في التاريخ الإنساني، على المستوى العالمي، أمامنا حرب تقترب من سنتها الثالثة في أوكرانيا يدفع فيها الطرفان الروسي والأوروبي الأميركي أثماناً باهظة، وتسمم العلاقات الدولية، وتصيب الاقتصاد العالمي بمقتل، وكذلك أمامنا حرب في الإقليم في غزة تسعى حثيثاً إلى شهرها الثالث، وتُدفع فيها أيضاً أثمان باهظة من الأرواح وخاصة الفلسطينية، ولا مكان للانفراج لها حتى الآن. في الحالين يقف "المجتمع الدولي" وهو بالمناسبة مفهوم غامض، يقف مكتوف اليدين أمام هذه التطورات نتيجة الاستقطاب الحاد بين المعسكرين الغربي والشرقي.

ما يمكن أن يُستخلص بالنسبة لدول الخليج، أن الدولة الكبيرة أو المتوسطة والتي تستشعر القوة، وترى أن لها مصلحة ما في قضم أراضي دولة أخرى، لا تتردد بأن تقوم بذلك، لأن البيئة الدولية عاجزة عن ردعها، كما في أوكرانيا وغزة، فهي، أي البيئة الدولية السياسية، قد تغيرت عما كانت عليه عام 1990 عندما غزا العراق الكويت، لقد تغير الفضاء العالمي دون رجعة.

المُنجي من هذا المأزق المحتمل هو "إيلاف الخليج" الحديث، وتبني خطط خليجية مشتركة وطويلة الأمد للحفاظ على أمن الخليج وإبعاده عن الصراعات، وردع – جماعياً - أي من القوى التي ترغب في استثمار الوهن العالمي لتحقيق مصالحها، الابتعاد من تلك الحقيقة أو محاولة التهوين من المخاطر أو حتى "إنكارها" هو قصر نظر، قد يدفع ثمنه باهظاً من الأمن والاستقرار في المنطقة.

في الوقت الذي نرى علناً كم هي القوى المحيطة بالإقليم مفتوحة الشهية للتوسع، على سبيل المثال لا الحصر، هناك تدخّل روسي في سوريا، مسكوت عنه تقريباً، وتدخل إيراني في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن، أيضاً مسكوت عنه تقريباً تحت ذرائع مختلفة، وهناك إعلان واضح من السيد وزير خارجية إيران الحالي في كتابه المنشور في بيروت من منشورات المحجة البيضاء وهو بعنوان "صُبح الشام"، يعود فيه إلى "الرطانة السياسية"، يقول بالنص عن مملكة البحرين "جزيرة صغيرة انفصلت عن إيران عام 1971 بسبب سوء تدبير النظام البهلوي"، ليس أوضح من هذا النص من رأس الدبلوماسية الإيرانية، لبيان الشهية التوسعية، ضارباً عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن، والاعتراف الدولي بمملكة البحرين!

ولكن هذه الشهية لا تتوقف هناك، فقد بدا الاستثمار مع طول الصراع في غزة في "شيطنة دول الخليج" وحملة إعلامية ونفسية، وكأنها هي التي تقوم بالحرب لا غيرها!! مع إغفال كامل للمساعدات الإنسانية التي تقدمها هذه الدول دون منّة أو الجهد الدبلوماسي النشط.

إيلاف الخليج يحتاج إلى آلية حديثة ومتحضرة لفض النزاعات متى ما ظهرت، حضارياً، ذلك من جهة، ومن جهة أخرى الاعتراف بأن أمن الخليج وحدة لا تتجزأ، إن تعرض جزء منها إلى مخاطر، فقد تتداعى إلى الجوار. بهذا المنظور الشامل يجب النظر إلى المخاطر الأمنية وليس من المنظور الجزئي، لأن القوى الطامحة تتحين الفرص، فهل من مستجيب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيلاف الخليج إيلاف الخليج



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon