توقيت القاهرة المحلي 10:21:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

7 ساعات إلى إسرائيل!

  مصر اليوم -

7 ساعات إلى إسرائيل

بقلم : د.محمد الرميحى

رغم انّ العالم حبس أنفاسه انتظاراً للردّ العسكري الإيراني على قصف اسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان (ابريل) الجاري، الّا انّ الحملة الصاروخية والطائرات المسيّرة التي قيل انّها بلغت في مجموعها اكثر من 300 طائرة وصاروخ، ليلة السبت- صباح الأحد الماضي، جاءت وكأنّها عملية متفق عليها، ذكّرتني بفيلم غاندي الشهير "9 ساعات إلى راما"، فقد عرفت قبل الهجوم بساعات طويلة، وكانت الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية الأميركية مستعدة لها إلى درجة اعتراض معظمها قبل وصولها الى الأجواء الإسرائيلية، وما تسرّب منها بحسب ما نقلته وكالات الأنباء، أحدث اضراراً جانبية، ولقد كشف كثيرون انّ العملية متفق عليها.

العملية تلك تذكّرنا بالاتفاق الأميركي الإيراني بعد مقتل قاسم سليماني في مطار بغداد، في كانون الثاني (يناير) 2020، إذ عرف العالم بعد ذلك انّ الردّ الإيراني الموجّه ضدّ الاميركيين كان متفقاً عليه إرضاءً للرأي العام بالانتقام، بسبب ضغوط الرأي العام الإيراني وشهوته أساساً، وكذلك شريحة كبيرة من الرأي العام العربي. فبعد طول حديث عن "محور المقاومة" كان لا بدّ من عملية عسكرية تنطلق من كل من إيران والعراق وسوريا واليمن، وهي التي حملت اكثر من 300 طائرة وصاروخ إلى الأجواء الإسرائيلية السبت الماضي، وقابلها بعضهم بالفرح، اما القسم الأكثر فقد اكتشف مباشرة انّها رمزية لا اكثر.

التدخّل المباشر لإيران بعد الهجوم على القنصلية عمل مبرر لإرضاء الرأي العام، الذي سوف يقتنع كما اقتنع جمهور قبله عام 1990، بأنّ نظام صدام حسين سوف يمحي إسرائيل من الوجود!، وهي أمان وأوهام يبدو انّ بعضهم ما زال يعيش ويقتات منها.

الساحة تنمّ عن مجموعة تطورات بعضها عرفناه في السابق وبعضها جديد، منها:

أولاً: تضخيم القوة العسكرية الإيرانية إلى درجة التصديق بها، بالضبط كما تمّ لنظام صدام حسين قبل عام 1990، إذ قيل انّه القوة الثالثة في العالم، فصدق، وقد قيل عن القوة العسكرية الإيرانية حتى قبل أسابيع، انّها قوة ثالثة عالمية او رابعة، من اجل إغرائها او إغراء جمهورها باستخدامها، تمهيداً ربما للقضاء عليها في وقت مقبل.

ثانياً: الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق كان محسوباً من أجل إثارة إيران و استدراجها إلى الردّ المباشر، وليس من خلال أذرعتها في لبنان او سوريا او اليمن او العراق، كما كانت تفعل. وبخطوة إيران في هجوم السبت الماضي، قدّمت خدمة سياسية لبنيامين نتنياهو، كان يتنظر مثلها، هو الذي كان شبه محاصر من الدول الغربية سياسياً، بسبب عناده وأعماله الإجرامية التي أثارت قطاعاً واسعاً في الغرب، فوجدنا الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء البريطاني والمستشار الألماني وغيرهم يهرعون لمناصرة إسرائيل، وتصبح المذابح الإسرائيلية في غزة خلف الصورة او بالكاد يُلمّح لها، وتتداعى الدول السبع الكبرى للتشاور في كيفية مناصرة إسرائيل وإدانة "الاعتداء الإيراني" عليها. وهكذا قدّمت إيران، ربما دون ان تقصد، خدمة جليلة للحكومة الإسرائيلية التي وجدت أيضاً تأييداً لها في الداخل الإسرائيلي، وابتعدت فكرة الانتخابات المبكرة وغيرها من الأفكار التي كانت تهدّد الداخل الإسرائيلي.

ثالثاً: فشلت الغارة الإيرانية في تحقيق أي أهداف عسكرية، فقد حُيّدت تلك الصواريخ قبل وصولها، وما تسرّب منها أحدث أضراراً طفيفة، ما زاد الثقة في الداخل الإسرائيلي بأنّه بعيد من أي خطر حقيقي، كما أصبحت أذرع إيران اهدافاً شرعية للصلف الإسرائيلي المقبل.

رابعاً: هل تقوم إسرائيل بالردّ على تلك الهجمة الصاروخية، رغم محدودية الضرر؟ ام انّ هناك اتفاقاً خلف الأبواب مفاده "لقد أرضيتم غرور جمهوركم وعليكم قلب الصفحة، لأنّ المشروع الذي تدعون له وصل إلى نهايته، فقد استخدمتم اذرعاً أشاعت الاضطراب في الجوار، وتدخلتم تدخّلاً مباشراً في شؤون الآخرين من دون نتائج لها معنى، غير خراب الأوطان". ذلك الرأي تتبنّاه الولايات المتحدة، ولكن هل يلقى آذاناً صاغية في طهران، او هل يقتنع به نتنياهو وحكومته؟ قد يكون الأخير يفكر في امر آخر، وهو فرصة لتحطيم القوة النووية الإيرانية، وهي هاجس لكل من إسرائيل والغرب، ويستفيد من التعاطف الحاصل، بعد الهجمة الصاروخية، ويذهب إلى تصفية المشروع التوسعي بأكمله، أم ترى إيران الرسمية انّ ما دعت اليه وناصرته في العقود الماضية هو امر أكبر كثيراً من قدرتها او طاقتها، وتقلب الصفحة من خلال مفاوضات، بخاصة انّ الإدارة الأميركية القادمة في الغالب جمهورية لا تحمل أي تعاطف او خطط لاستيعاب إيران كما هي خطط الإدارة الحالية.

خامساً: لقد انتقلت الساحة السياسية العسكرية في الشرق الأوسط، وبين إيران وإسرائيل، من التستر خلف أذرع طهران في الصراع إلى العلن والمباشرة، فهل تسنح الفرصة، وهي فرصة ضيّقة، لوفاق تاريخي، يكون عنوانه، كما توافق العالم، "حل الدولتين" أي أن لا قدرة لدولة في الصراع على ان تنتصر على الأخرى بشكل نهائي، والحل العقلاني هو الوفاق الصعب!

التفسير انّ اليهود اصبحوا منذ الثورة الفرنسية جزءاً من النسيج الأوروبي الأبيض، الثقافي والاستعماري، ما جعلهم في لحظة تاريخية فارقة يصنعون لهم دولة في الشرق الأوسط. شكهم تاريخي في إمكان ان يبادوا من جديد من تلك القوى الغربية كما حدث لقرون، فتحوطاً كان عليهم ان يخلقوا دولة، ومدججة بالسلاح ويأتي اليها كل يهودي يرى انّها ملجأ له، وعلى الغرب ان يساعدها تحت كل الظروف، كما تمّ بالفعل عندما ساعدت الدفاعات البريطانية، وخصوصاً الأميركية في إفشال الحملة الإيرانية.

لذلك كله ولأسباب أخرى، فإنّ دخول إيران في حرب مفتوحة مع إسرائيل عملية انتحارية وتكاد تكون مستحيلة، مهما سمعنا من ضجيج. بل يذهب المتابع في التحليل الى انّ القومية الإيرانية والقومية الصهيونية، ربما تكونان صنوين، تساعد بعضهما الأخرى في الوقت اللازم. وقد لا يزال البعض يذكر انّ إسرائيل عام 1981 قامت بتسهيل شحن الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إيران، بل انّ إيران، وقبل قصف إسرائيل المفاعل النووي العراقي عام 81، قامت بقصفه عام 80، لكنها لم تدمّر سوى المنشآت الثانوية، وهذا الامر اصبح موثقاً في اكثر من كتاب منشور.

ما يُكتب ويُقال علناً عن حرب إسرائيلية إيرانية طويلة، عدا المناوشات، ما هو الّا ضجيج لاستهلاك البسطاء وتمرير الوقت، فلن تقوم حرب بين إسرائيل وإيران مباشرة وفي العلن، سوف تكون مستترة وبالوكالة إلى حين، فالطرفان لا يريدان ذلك، وقد تكون لهما مصلحة مشتركة في إضعاف القوى الإقليمية الأخرى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

7 ساعات إلى إسرائيل 7 ساعات إلى إسرائيل



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 22:57 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025
  مصر اليوم - رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon