توقيت القاهرة المحلي 10:07:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

بقلم : د.محمد الرميحى

أمامنا مجموعة من الحقائق المعلنة، كما أن أمامنا تجارب مخاضة في التاريخ الحديث، كلها تدلّنا على أن هناك دائماً «نهاية للألعاب الخطرة»!

الحقائق المعلنة أن إيران كثيراً ما رددت منذ انهيار حكم الشاه، أنها تحارب خارج أرضها لأنها إن لم تفعل ذلك فسوف تُضطر إلى أن تحارب على أرضها، ذلك كُرر كثيراً في تصريحات علنية، وكان ذلك نتيجة هاجس تاريخي قديم ترسخ في سردية التاريخ الإيراني الحديث، مفاده أن ما أفشل ثورة محمد مصدق عام 1953 هو التدخل الأميركي، ومنذ ذلك الوقت تبيَّن –لمَن يريد أن يعرف– أن الأميركيين وقتها فشلوا في إحباط ثورة مصدق، وأن التي أفشلتها هي قوى إيرانية داخلية محافظة، ولكن ذلك التفسير لم يدخل في سيكولوجية إيران الثورية، ربما لأسباب تناسبها.

وبناءً على فكرة الحرب خارج الحدود، شجَّعت إيران ومولّت ودعمت قوى إقليمية، مستثنيةً الدولة «مثل (حزب الله) في لبنان، وميليشيات عراقية، و(الحوثي) في اليمن، و(حماس) و(الجهاد) في فلسطين» وقوى أخرى، شجعتها وسلّحتها، للخروج على دولها، وإذكاء حرب الجوار، بصرف النظر عمّا يسببه ذلك من فوضى في تلك الدول، المهم أن تحارب «الشيطان الأكبر» أميركا، وتابِعَتَها إسرائيل، أو غيرها من الدول التي لا ترى في المشروع الإيراني فائدة تُذكَر. لم تكن إسرائيل مهتمة كثيراً بصلاح أو طلاح تلك الدول، ما دامت بعيدة عنها، حتى لو اصطدمت بها، تستطيع أن تحيِّدها، كما فعلت في لبنان عام 2006.

حرب غزة الطويلة والمُهلِكة، التي غيَّرت مزاج العالم وسير التحالفات، وإدانة إسرائيل في الغرب، على المستوى الشعبي، من الأمور التي أقنعت إسرائيل بأن القضية هي طهران، وليست غزة فقط، وما دامت طهران تسلِّح وتموِّل تلك الجماعات فإن الأمن الإسرائيلي في خطر، ليس فقط من خلال الإضرار بها مادياً، ولكن أيضاً بتجريدها من حلفائها الأقرب، فقررت استدراج إيران إلى الساحة مباشرةً.

هنا نذهب إلى التاريخ، فقد كان ونستون تشرشل، رئيس الحكومة البريطانية إبان الحرب العالمية الثانية، يصلّي أن تدخل الولايات المتحدة الحرب ضد المحور، لأنها الأقوى، ولكنها كانت مترددة، حتى ارتكبت القوى العسكرية اليابانية غلطتها التاريخية، فهاجمت بيرل هاربور، وبعدها انقلبت الأحداث، إلى أن انتصر الحلفاء بسبب التدخل الأميركي. هناك أحداث مشابهة في منطقتنا (عبد الناصر 76، وصدام 1990) لا داعي لسرد تفاصليها، أساسها «الاستدراج من جهة، والوقوع في غواية المزايدة من جهة أخرى».

لم يكن لنتنياهو ذريعة مثل بيرل هاربور، فقرر أن يخلقها، فهاجم القنصلية الإيرانية في دمشق، من أجل جر إيران من الظل إلى العلن، ومن التخفي إلى الظهور، وقد كسب الجولة مباشرةً، أولاً من خلال عودة التعاضد الغربي الكبير لإسرائيل، وغير البوصلة السياسية السابقة التي عزلته جزئياً، وكسب تأييداً داخلياً كان يحتاج إليه، وفوق كل ذلك «استدعى ادعاءات إيران»، واختبر كل تلك التهديدات التي روَّج لها النظام الإيراني طويلاً كـ«محو إسرائيل من على الخريطة»!

فهذه الرسالة وضعت متخذ القرار الإيراني في حيرة، أمام جمهوره، وأمام قطاع واسع من الجمهور العربي، الذي كان يعتقد أن إيران سوف «تمحو إسرائيل من على الخريطة» بالفعل من خلال ما روَّجت له عمَّا توفر لها من سلاح حديث.

تلك الحيرة انتهت باتخاذ قرار «حرب ولا حرب» أو «حرب العلاقات العامة»، إذ أرسلت إيران صواريخ ومُسيرات، ثم أخبرت عنها، في شبه قصة قديمة تراثية معروفة، وهي أن أحد النبلاء أفلس، فلم يكن أمامه إلا بيع البيض، فنادى على البيض في الساحة العامة، وفي الوقت نفسه يقول لنفسه: أرجو ألا يسمعني أحد!

قصة المُسيرات والصواريخ أُشبعت بحثاً في الأيام الماضية، كما أن الرد الإسرائيلي الذي حصل كان أيضاً متوقَّعاً.

ليس ذلك مهماً، المهم التسوية القادمة؛ إن كان النظام الإيراني سيبقى داعماً للاضطراب في الشرق الأوسط أم أنه سيبحث عن «ضمانات» خلف الأبواب المغلقة بحيث «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم» بمعنى ضمان سلامته من التدخل الخارجي، وهو هدف من أعز أهداف النظام القائم، وفي الوقت نفسه يكفّ يده من جهة أخرى في كلٍّ من البرنامج النووي، والتدخل النشط في الجوار، أم سيُبقي النظام على السياسة القديمة، بعد انكشاف محدودية قدرته على الفعل المؤثر؟

قد يكون الضغط العلني على إسرائيل، في عدم الرد أو الرد الرمزي «كما حصل يوم الجمعة»، أن هناك شيئاً ما يُطبخ في الغرف الخلفية، ولا يستبعد أن يكون ذلك، لما عُرف عن النظام الإيراني من مرونة شهدناها في حرب تحرير العراق، حيث وافق خلف أبواب مغلقة، على ألا يتدخل، بل كان يسمح بأن تخترق الطائرات الأميركية الأجواء الإيرانية للهجوم على العراق!

بيت القصيد أن العودة إلى تكتيكات الماضي «أي الحرب بوكلاء» لم تعد قابلة للتكرار من جديد، كما أن حرب العلاقات العامة غير مجدية، ومكلِّفة، فلا بد من تسوية، ربما القربان الذي يقدَّم في هذه التسوية هي فلسطين، وبالتحديد القتلى والجرحى والمشردون والجوعى.

أمام هذه المتغيرات الكبرى في المنطقة، هل تعود الميليشيات العربية إلى رشدها بعد أن عاثت في مصير ومسيرة أوطانها، وأورثتها الفقر والفاقة والإفلاس، وتعود الدولة تدريجياً في لبنان واليمن وسوريا، كما يصل الفلسطينيون فيما بينهم إلى وفاق، قد يقود إلى دولة يتمتعون فيها باستقلالية وأمن، تلك أسئلة يصعب الإجابة عنها، إلا أن ديناميكية جديدة قد أُطلقت في منطقة الشرق الأوسط، تختلف عن الآلية السابقة التي سادت لعقود، فنحن أمام بداية انتهاء اللعبة.

آخر الكلام: من الصعب أن تفهم إيران أن الشعوب العربية التي ترزح تحت وصاية طهران، قد ضاقت بوجودها، مهما سوَّقت من شعارات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon