توقيت القاهرة المحلي 19:14:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطّرق المغلقة!

  مصر اليوم -

الطّرق المغلقة

بقلم : د.محمد الرميحى

الطريق مغلق أمام الحكومة الإسرائيلية، من جهة، وأمام "حماس"، من جهة أخرى، الطرفان أمام حائط صلب يصعب اختراقه، بسبب عدم وجود استراتيجية خروج للطرفين، فبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحرب وصلت كلتا النظريتين الإسرائيلية والحمساوية إلى طريق مسدود، إما حرب مستمرة وإلا نصر بين، أو هزيمة، وإن كان الطريق أمام إسرائيل مسدوداً فذلك أمر يخصها، أما ما يخصنا كعرب فهو الطريق المسدود لـ"حماس" أمام هذا العدد من الضحايا الذين يسقطون أمام أنظار العالم، يموتون من القصف، أو البرد، أو الجوع، أو الأمراض، وأصوات الثكالى من نساء غزة وصراخ أطفالها. إنها مذبحة بشرية، أمر مقزز، بل مثير للسخط والغضب الإنساني، هو إبادة أمام أنظار العالم.

افتراضات "حماس" كانت قائمة على عدد من التصورات، منها أن هناك شيئاً اسمه "وحدة الساحات"، هذه الوحدة كما يرى الجميع لم تتحقق كما كانت "حماس" تفترض، بل دخلت في تفسيرات من الذرائع أو الأعمال البديلة التي تزيد من غوص القضية وغرسها في المجهول. والافتراض الحمساوي الثاني كان أن أخذ أسرى إسرائيليين سوف يرغم إسرائيل على التفاوض، وهو أمر لم تستجب له الحكومة الإسرائيلية كما كان متوقعاً لدى "حماس"، بل على العكس اتخذت قراراً مناقضاً، وإن كان غير معلن، وهو إمكان التضحية بهؤلاء المختطفين بصرف النظر عن مواقف قطاع من الرأي العام الداخلي. والأمر الثالث الذي افترضته "حماس" هو أن تتصاعد ضغوط هائلة وكبيرة في دول غربية وازنة تجبر تلك الدول سياسياً على التدخل ضد أي مجازر تقترفها إسرائيل، وهذا لم يحدث، لأن هناك إكراهات داخلية في تلك المجتمعات، منها وجود لوبيات صهيونية فاعلة، ومنها مصالح مشتركة ومصالح انتخابية داخلية، لذلك تتوجه بعض تلك المجتمعات الغربية إلى إصدار تشريعات باعتبار "حماس" منظمة إرهابية!

أمام تلك الافتراضات، فإن المشهد أمامنا، إما أن تنتصر "حماس" أو تفنى، وواضح أن إسرائيل ووزن فاعل دولي يسعى إلى تحقيق ذلك الهدف الأخير، حتى لو عرضت محطات التلفاز عشرات الجثث كل يوم أمام العالم، ذلك يثير حفيظة شرائح من الناس هناك، ولكن لا يعني كثيراً لأهل السياسة في الغرب، مهما علت بعض الأصوات.

المتغير الثاني هو استخدام أذرع مطواعة للنظام الإيراني بتصور إحداث ضغوط، كما يعتقدون، على المشهد، ربما أهمها ما يقوم به الحوثي في باب المندب وحوله، ذلك الأمر "سيجلب الثعلب إلى قن الدجاج" كما يقول المثل، فتصعيد الإخلال بالتجارة الدولية، يعني تصاعد أثمان أكثر للسلع والخدمات القادمة إلى الدول الغربية ودول العالم، ما يرفع الأسعار، ويعيد التضخم الذي ما كادت بعض الاقتصادات الغربية تتعافى منه. يؤثر ذلك على المواطن في تلك الدول، ما يفقد القضية التعاطف المنشود، ويضع من جديد الحوثي في مرمى المدفع ويضمه إلى الجماعات الإرهابية، ويسهل القرار المضاد في الحكومات الغربية.

المتحدث باسم "حماس" في بيروت يناشد العرب أن يفعلوا شيئاً، أن يفتحوا ممرات لإغاثة أهل غزة، تلك مناشدة عاطفية تضاف إليها مناشدة السيد إسماعيل هنية، أما التفكير في كيف يتم ذلك؟ فلا إجابة. طبعاً لا يتم ذلك إلا من خلال إعلان حرب من هذه الدول يعرف المتحدث والسيد هنية استحالتها في الزمن والظروف السائدة.

الموقف الأميركي ملتبس وكلام أكثر منه أفعالاً، إلا أن الأسوأ قادم، فاحتمال أن يعود السيد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أصبح احتمالاً واقعياً، وهو الذي (للتذكير) نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، واعترف بأن هضبة الجولان إسرائيلية، وليس في ذهنه ولدى مناصريه إلا نصرة إسرائيل وتحقيق ما يطالب به اليمين الإسرائيلي كاملاً غير منقوص.

غزة اليوم تتصحر، ولم يعد فيها إلا هياكل منازل، وينزح السكان من مكان غير آمن إلى مكان آخر غير آمن، وكل الحديث عن مناصرة في باب المندب أو من العراق أو من لبنان لن يؤثر كثيراً في المشهد، غير إرضاء بعض العواطف، لأن هناك حدوداً تمنع تلك القوى من الذهاب بعيداً. أما النظام الإيراني فله حسابات أخرى ترى أن لا بأس بالتضحية بآلاف الفلسطينيين، إن كان ذلك سوف يشغل إسرائيل، وربما يأتي بشيء من أوراق التفاوض لتحقيق مصالح الدولة الإيرانية كما تراها.

تلك هي الصورة التي ترسم أمامنا، وهي صورة بالغة القتامة وسوداء، ووصلنا إليها بسبب الحسابات الخاطئة، بل المدمرة، والأكثر قتامة أن مثل تلك الأعمال القاتلة لا تجد من المحاسبة التي يجب أن تكون، ويذهب دم الضحايا هدراً بسبب غزارة العواطف والتضليل المصاحب للعملية كلها، وما من تفكير سياسي لرسم المخرج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطّرق المغلقة الطّرق المغلقة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 13:18 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon