توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ديمقراطية للبيع!

  مصر اليوم -

ديمقراطية للبيع

بقلم : د.محمد الرميحى

تجري الدعوة لانتخابات عامة في أكبر الدول الغربية، الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، حيث دعي الناخبون لاستخدام حقهم الانتخابي في 4 يوليو المقبل، وجرت مناظرتان في بريطانيا بين رئيس الوزراء وزعيم المعارضة في السباق إلى بيت رقم 10 مقر الحكومة البريطانية.

 

عشت فترة في بريطانيا، وخرجت بانطباع عام أنها البلد، ربما الأكثر تمثيلاً للديمقراطية الحديثة لأسباب عديدة، منها قدمها وتدرجها، ومنها الممارسة، ووجود جمهور عام لديه مستوى من الوعي، فأنت تلمس أن المعلومات العامة متوفرة هي نفسها لدى رجل الشارع وأستاذ الجامعة تقريباً. في الأسابيع الأخيرة أتابع كغيري ما يجري في الحملة الانتخابية، والمواجهة بين الحزبين الكبيرين، المحافظين والعمال، مع منافسة متوسطة المستوى من أحزاب أخرى.

اتسم النقاش بين الرأسين المتنافسين الذي تم على شاشات التلفزة بالكثير من الرزانة، دون تجريح أو تحقير أو أصوات عالية، ذلك ما يظهر على السطح، طبعاً مع الكثير من الوعود التي تقدم للناخب!

على مقلب آخر، وقع في يدي كتاب بالإنجليزية بعنوان (ديمقراطية للبيع: الأموال السوداء والسياسة القذرة) للصحافي البريطاني بيتر جيوجين، والذي قدم بشكل مسهب كيف يضلل الجمهور، حتى في المجتمعات المتقدمة، من خلال الديمقراطية!

وجاءت موضوعات الكتاب من معايشة لصيقة بالعملية الانتخابية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة.

فعشية الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي في 23 يونيو 2016، بعد صراع داخلي طويل، ظهر على الفيس بوك خبر يقول (إن تركيا سوف تدخل الاتحاد الأوروبي، وإن ملايين العمال الأتراك سوف يتدفقون على بريطانيا) هذا الخبر انتشر في المدن العمالية في شمال إنجلترا، وفي اليوم التالي ظهرت نتيجة التصويت في الشمال التي بلغت أكثر من 60 % خوفاً من الطبقة العاملة على وظائفها، وهي النسبة التي رجحت بنسبة قليلة عملية الخروج.

يكشف الكاتب أن تلك الحملة ليست إلا (أخباراً كاذبة) بثت الخوف في شريحة واسعة من البريطانيين، مع تمسك السياسيين بالخروج من الاتحاد، رغم أن كل الخبراء الاقتصاديين، بمن فيهم حاكم البنك المركزي حذروا من مغبة الخروج، وأيضاً بعض السياسيين المخضرمين، بل لاحقاً قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، والذي وعد بالاستفتاء، قال في مذكراته التي نشرت لاحقاً إنه أخطأ خطأ كبيراً.

جراء الخروج من الاتحاد خسرت بريطانيا موقعها المميز كعاصمة للمال في أوروبا، كما هجرها الكثير من المهنيين، كالأطباء والعاملين في البنوك، ونقصت اليد العاملة الزراعية، ما سبب مشكلات اقتصادية ضخمة عانت وتعاني منها بريطانيا حتى اليوم، منها تراجع كفاءة الخدمات الصحية، وتقلص الإنتاج الزراعي والصناعي، وفقد سوق ضخمة هي سوق الدول الأوروبية، التي أعادت فرض ضرائب استيراد على الصناعة والخدمات المقدمة من بريطانيا، إلا أن الأسوأ، والذي يشكل مفاجأة غير سارة للجمهور البريطاني، أن عدد المهاجرين إلى بريطانيا زاد ثلاث مرات عما كان عليه قبل خروجها من الاتحاد!

الخسارة الكاملة، كانت وراءها الشعبوية السياسية التي جعلت جملة من السياسيين ينساقون مع العواطف، ويغازلون العامة بأحلام هي أبعد عن الحقيقة. الاستقلال وحماية الحدود وتوفير العمل للمواطنين! كلها كانت كذبة كبيرة.

كان وراء تلك الكذبة المال الأسود كما يرى الكتاب، فقد تدفقت أموال من الداخل والخارج لصنع واقع افتراضي للجمهور العام من خلال وسائل الإعلام الجديدة وحتى التقليدية لفرش المستقبل بالورود، ذلك هو الخلط بين الديمقراطية بمعناها المثالي وممارسة التضليل والتمويه لجعل الجمهور يتصرف من خلال صناديق الانتخاب بطريقة معينة.

وهي معضلة الديمقراطية كما نشاهد اليوم في تعزيز (الخوف من الآخر) والتوجه إلى اليمين في ظاهرة حماية المصالح الوطنية، وفي باطنه الإضرار من دون رجعة بمصالح الجمهور العام.

لذلك ليس من المستبعد (وهنا أغامر بالافتراض) في حال وصول العمال إلى الحكم، سوف يحاولون إرجاع الساعة إلى ما قبل عام 2016، بطريقة أو بأخرى، فهل يفعلون؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية للبيع ديمقراطية للبيع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon