توقيت القاهرة المحلي 11:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهمجيون يغزون الديموقراطية الأوروبية!

  مصر اليوم -

الهمجيون يغزون الديموقراطية الأوروبية

بقلم : د.محمد الرميحى

لم يبقَ في قاموس الشتيمة السافرة والمبطنة والغاضبة من كلمات لم تستقدمها السيدة روبيرتا متسولا رئيسة البرلمان الأوروبي إلا وكالتها لتلك "القوى الظلامية الهمجية التي تريد هدم الديموقراطية الغربية"! السبب أن ايثيا كلي، إحدى نائباتها والأخيرة من الجنسية اليونانية (لدى الرئيسة 14 نائباً ونائبة)، وجدت الشرطة في منزلها كمية من الأموال قيل - في الإعلام فقط من دون حكم قضائي - إنها أموال مقدمة من إحدى دول الخليج!
 
السيدة روبيرتا اعتبرت أن تلك الدول "شمولية" معادية للديموقراطية، ولم تترك، كما قالت، لا جماعات ضغط ولا اتحادات مهنية ولا أفراداً إلا وقدمت لهم رشى، وأن ذلك هجوم على الديموقراطية الأوروبية! الشرطة البلجيكية في بروكسيل (أحد مقار اجتماعات البرلمان الأوروبي) استولت على عشرات الكومبيوترات من داخل البرلمان ومن خارجه في حملة لمتابعة المرتشين، وللعلم، البرلمان الأوروبي يضم 27 دولة ويتكون من 705 أعضاء موزعين على تلك الدول، وهو واحد من ثلاث مؤسسات رئيسية (المؤسسات سبع) يشارك في اتخاذ القرار، وهو أقل تلك المؤسسات أهمية لأنه يقترح السياسات ولا يتخذ قرارات. 
 
المتهمة اليونانية نفت أن تكون مرتشية، كما أن صديقها ومساعدها هو أحد أعضاء مجموعة "محاربو الحصانة"، وهي مجموعة ضغط تسعى الى تمكين المؤسسات الرقابية من مراقبة الأعضاء في البرلمان! كما أن الدولة المتهمة (قطر) نفت نفياً قاطعاً ما نسبته الصحافة اليها من اتهامات.
 
قالت أيضاً السيدة الرئيسة إنها ستوقف دراسة السماح لمواطني قطر والكويت بالحصول على حرية دخول دول الاتحاد الأوروبي من دون فيزا شنغن.
 
واضح الخلط الشديد والتسييس المغطى، ربما، بشيء من العنصرية ضد دول الخليج من جماعات داخل البرلمان الأوروبي، وكانت فرصة النفخ في القضية المثارة الى آخر نفس إعلامي من أجل خلق بالون تنشغل فيه الصحافة ويعبئ الرأي العام الأوروبي ضد تلك الدول. من جانبه قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عشية عودته من قطر "لننتظر ما يقوله التحقيق والقضاء في هذه المسألة"، في إشارة الى شجب تسرع الرئيسة.
 
لم يمض بعد وقت طويل على قرار مجلس الوزراء الأوروبي (وهو الأكثر أهمية في اتخاذ القرار) الذي اتخذ في حزيران (يونيو) 2022 (أقل من نصف عام) في الموافقة على وثيقة للشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي التي أخذت وقتاً طويلاً في المناقشات والتقصي، وهي شراكة استراتيجية متنوعة لفائدة الطرفين الخليجي والأوروبي على السواء. أهداف تلك الوثيقة واضحة وهي التنسيق في السياسات الاقتصادية والسياسية والثقافية بين الكتلتين وتذليل أي عقبات أمام التعاون المثمر.
 
السيدة الرئيسة تعرف علم اليقين أن هناك وثيقة يتطلب العمل من خلالها التواصل المشترك، كما تعلم، من جهة أخرى، أن هناك "لوبيات" معروفة ومرخصاً لها تعمل بجوار أي مؤسسة سياسية في أوروبا، من جماعات الضغط الى الشركات والدول التي تتابع مصالحها، بما فيها البرلمان الأوروبي تبدأ من شركات التبغ و الخمور، إلى شركات السيارات والتقنية الحديثة، وكلها تهتم بأن لا تتخذ في تلك المؤسسات توصيات تضر بمصالح تلك المؤسسات والشركات.
 
اذن، الاتصال من خلال مكاتب معروفة ومعلنة بأعضاء البرلمان أو أعضاء المؤسسات الرئيسية في بروكسيل متاح ومعروف ومعلن للجميع وقانوني. 
 
يبقى إن خرج أحد أعضاء أو مجموعة أعضاء من العاملين في تلك المؤسسات عن الأعراف المتبعة فمن يلام هو نفسه بعد حكم قضائي، لا غيره من القوى التي يحق لها قانوناً الدفاع عن مصالحها.
 
الغريب أن توقيت الضجة جاء مع توقيت مونديال قطر الناجح، وأيضاً سرب شيء من ذلك القبيل ضد المملكة المغربية في الوقت الذي وصل فريقها الكروي الى ربع النهائي. التوقيت هنا ملتبس والتسرع في الاتهام أكثر التباساً.
 
تلك اللهجة القاسية واستخدام تعبيري "دول شمولية" و"هجوم على الديموقراطية الغربية"، يكشفان عن قلق ينتاب بعض أعضاء تلك المؤسسة وإدارتها وينفثان ذلك القلق على آخرين بدلاً من محاسبة من أخطأ إن كان ثمة خطأ قد ارتكب.
 
الدرس الذي يتوجب أن يستفاد منه في هذا السياق هو أهمية العمل المشترك والمنسق بين دول مجلس التعاون تجاه الآخرين للدفاع عن المصالح المشتركة، فرغم  الادعاء أن هناك دولة واحدة قدمت الرشوة المفترضة، فإن خطاب الرئيسة لم يتوانَ عن جمع أكثر من دولة خليجية للتصويب عليها كما جاء في صريح الخطاب.
 
عدم رفع قيود فيزا شنغن عن المواطنين في دول الخليج لا يضر كثيراً أولئك المواطنين الذين أمامهم خيارات أخرى متاحة، الضرر الأهم واقع على اقتصاد الدول الأوروبية وهي الآن تعاني من تضخم غير مسبوق، ومشكلات اقتصادية تدفع مواطنيها الى الشوارع للاحتجاج. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهمجيون يغزون الديموقراطية الأوروبية الهمجيون يغزون الديموقراطية الأوروبية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon