توقيت القاهرة المحلي 11:13:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع الكويتي في مياه عميقة!

  مصر اليوم -

المجتمع الكويتي في مياه عميقة

بقلم : د.محمد الرميحى

ضرب زلزال مدمر أهلنا في المغرب، فقتل الآلاف رحمهم الله، وخرب بلداناً ومنازل، كما ضرب تسونامي مدينة مزهرة على الساحل الليبي، فغيّب عشرات الآلاف، وابتلع أحياءً ومناطق سكنية. للحدثين قام العالم عن بكرة أبيه بالتعاطف والمساعدة، أما في الكويت فقد تزامنت تلك الأحداث بزلزال مع تسونامي مشترك ومدمر اجتماعي وثقافي، ولم يعرف به إلا قليلون. هذه المقدمة ليست مني، ولكن من وحي اتصال صحافي كبير ومطلع سألني عن "الزلزال الكويتي"! فقلت ماذا تعني؟ قال منع التعليم المشترك في الكويت، وهي التي نعرف قد حملت مشعل التنوير في هذه المنطقة منذ زمن طويل.

شيء مؤسف ما يحدث من حملة "قندهارية" في المجتمع الكويتي، والساكت عنها "شيطان أخرس". بداية حتى كثير من المستنيرين وقعوا في خطأ استعمال المصطلح. "الاختلاط" هو مصطلح يقود إلى الشبهة ويستخدمه الظلاميون عنوة، أما المصطلح الصحيح فهو التعليم المشترك، وحرمان الشباب من التفاعل الصحي في ما بينهم في مؤسسات محترمة يتركهم نهب رهاب الخوف من الجنس الآخر، والانعزال النفسي والسلوكي.

لقد صدر ذلك القانون المعيب بفصل البنين عن البنات في التعليم العالي منذ وسط التسعينات، قانون 24 لعام 1996، وكانت البلاد تلعق جراحها جراء الاحتلال البشع الذي قامت به جحافل صدام حسين. وقتها كان هناك اضطرار للمسايرة لأن صدام كان لا يزال على الأبواب وأولويات الدولة مختلفة، وترك العنكبوت يحوك شبكته على المجتمع، فتم تجنيد شباب غر، أوجدوا فيهم خطأ في التموضع المعرفي والثقافي، فخلطوا بين الثوابت والمتغيرات، هؤلاء أصبح كثيرون منهم مع الوقت مسؤولين في الدولة، ولديهم قبول لتلك التعليمات من "الإسلام الحركي"، فسقط جزء غير يسير في المجتمع في حبائلهم، وها هم يأخذونه زلفى إلى "القندهارية" في وضح النهار.

في الانتخابات الأخيرة 2023 طافت مجموعة صغيرة على المرشحين الذين كان من المتوقع أن يكون لهم حظ من النجاح، باقتراح واحد مفاده "لدينا مئة وخمسون صوتاً يمكن أن نجيرها لك، إذا وعدتنا فقط بشرفك بأنك سوف تصوّت مع منع الاختلاط في المجلس القادم"، كثيرون منهم يبدو أنهم وافقوا، وقليلون رفضوا، تلك القلة سوف نسمع أصواتها الرافضة، هي قلة شجاعة، أما من وافق فسوف يصمت صمت أبي الهول!!

شخصياً قضيت ما يقرب من خمسة عقود في التعليم العالي، وكان الشطط المفترض من البعض تقريباً معدوماً، لأن الطلاب والطالبات هم أبناء مجتمع محافظ، ولكن في الوقت نفسه مستنير، كونه مجتمعاً ساحلياً مفتوحاً على التجارة والهجرة، ونحن الآن نتذكر تلك الدفعات المتميزة من الطلاب والطالبات، وهم أو أبناؤهم وبناتهم من قاد المقاومة الكويتية عام 1990، بل إن أول تظاهرة ضد الغزو الضلالي الصدامي قامت بها نساء الكويت، وسقط عدد منهن شهيدات، كما أن وثائق المؤتمر الشعبي الكويتي في جدة (13 – 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1990) سمت نساء الكويت "أخوات الرجال".

الموقف من فصل الطلاب عن الطالبات موقف غير عقلاني، فالجامعات الرسمية والخاصة تقوم بالتدريس فيها ثلة من الرجال والنساء في الأقسام المختلفة، وهم أيضاً يقومون باجتماعات دورية لأي قسم علمي، فهل المطلوب أن يجتمع نساء القسم العلمي وحدهن ورجال القسم العلمي وحدهم! ثم ماذا عن الكافتيريا أو مواقف السيارات! وبعد التخرج سوف يعمل الجميع في مكان واحد، فهل نقسم المكان العام في مؤسسات الدولة أو مؤسسات القطاع الخاص قسمين للرجال وللنساء، وأخيراً هناك فضاءات عامة كمثل الأسواق والمطارات والطائرات!

حتى في الحج والعمرة يطوف الرجال والنساء في مكان واحد، فالاحتجاج بالشريعة السمحة غير وارد، إلا إن كانت شريعة "طالبان" البالغة التحجر! هذا أيضاً يذكرنا بمجلس الأمة المصري تحت راية الإخوان الذي ترك كل مشكلات مصر الكبرى وبدأ بمناقشة فرض الختان على البنات، فرغم الكم الهائل من التحديات التي يواجهها المجتمع الكويتي، يأخذنا البعض إلى دهاليز النقاش ذي النكهة التافهة!

السؤال المركزي هو: هل يمكن أن يتراجع وعي مجتمع بكامله لأن قلة منه تريد تغييب وعيه، هل يعني الكرسي في الإدارة او في المجلس المنتخب، تغييب الحقائق والسير ضد التاريخ، مع العلم أن أكثر من نصف الناخبين في الكويت هم من النساء!! لقد أصبحت المسايرة والخوف من المتشددين حاجزاً للبعض عن الصدع بآرائهم، على أنهم لا يرغبون في الدخول في تلك الترهات، ولكن بالسكوت عنها سوف تصل تلك الترهات إلى صالونات منازلهم!!

في الوقت الذي تقرر مجتمعات حولنا إذاعة مباريات كرة القدم للنساء على الهواء مباشرة، تجر نساؤنا إلى الحرملك، وهذا ما يجب على الرجال والنساء رفضه، ومن يوافق عليه يجب ألا يبقى في مكانه في الإدارة، لأنه بذلك يخرب ولا يبني، أن تربط كل تلك الموجة بالعفة هو فساد في الرأي، فالعفة ليست لها علاقة لا بالمكان ولا بالملبس، هي في ضمير الناس، ونساء الكويت أكثر عفة مما يعتقدون، والوقوف أمام تسطيح الوعي مكتوفي اليدين، يعني أننا جميعاً سنصبح مغيبين عن العصر! لا يعترف بعضهم لا بالوطن ولا بالسلام الوطني ولا حتى لديه مفهوم قريب من حفظ الحريات، هم فقط يتصورون أن هناك عالماً شبقاً، تعبيراً عن شعورهم الشخصي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع الكويتي في مياه عميقة المجتمع الكويتي في مياه عميقة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon