توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سحر الكرسي الأخضر

  مصر اليوم -

سحر الكرسي الأخضر

بقلم : د.محمد الرميحى

توقعت بعد الحل الأخير لمجلس الأمة الكويتي في 15 فبراير (شباط) الماضي أن يصار إلى تعديل في آلية الانتخابات، وبالتالي تحسن في مخرجات العملية الانتخابية المشتكى منها. لم يحدث ذلك، وسوف تجري الانتخابات في 4 أبريل (نيسان)، أي بعد أقل من 4 أسابيع على نفس الآليات السابقة.

في المجلس المنحل 2023 كان هناك تغير طفيف، فقد شهد المجلس وقتها 10 أعضاء جدداً، ومقعداً واحداً للمرأة! هذه المرة التوقع أن يكون التغير أقل!

هناك كثير مما كتب حول تطوير تلك الآليات المستحقة لترقية التجربة إلى الأفضل، ولكن لم يلتفت إليها أحد حتى الساعة، لسبب غير مفهوم للعامة، إلا أن الاحتمال الأكثر قرباً هو أن تأتي إلى مجلس 2024 تقريباً الوجوه نفسها، وبنفس الشعارات الشعبية، إلا قلة قد تجد فرصتها في النجاح الصعب، ذلك لن يغير كثيراً في التركيبة عن تلك التي مضت ولا في الممارسة، وشعارات «المعركة» حتى الآن في أغلبها لم تخرج عن الشعارات السابقة.

من عدم العدل القول إن كل أعضاء مجالس الأمة السابقين يقدمون الخير الخاص على الخير العام، أي الخاص الشخصي، أو الشللي أو القبلي أو الطائفي، إلا أنه من العدل القول بالمقدار نفسه إن عدداً وازناً منهم يفعل ذلك، وعدداً آخر أقل كثيراً يحاول تقديم الخير العام على الخاص، إلا أن من يفكر في الخير الخاص، يقدمه للناس على أنه أيضاً خير عام! وتلك مفارقة يتحلى بها كثير من المتسابقين إلى الكرسي الأخضر.

عوار الانتخابات الكويتية لا يحتاج إلى بيان، خلال 4 سنوات فقط، جرت في الكويت 5 انتخابات عامة، بدءاً من انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2020 و21 و22 و23.

الانتخابات المقبلة يتسابق عليها وفرة كبيرة من المرشحين، إما سابقين مباشرة، أو من الأقدم منهم، الذين «وحشَهم الكرسي الأخضر»!، في ظاهرة تجعل المراقب يفكر في أن ثمة سحراً لهذا الكرسي الأخضر في مقاعد مجلس الأمة الكويتي، فمن جلس هناك يرغب بشكل شبه «إدماني» للعودة إليه، وتتبادل «اللكمات» في شكل «كلمات»، التي تنم في كثير منها عن سطحية وفقر لا ينكر في التعبير.

ربما هناك إدمان ما، وبشكل ما، على تلك الكراسي لما فيها من امتيازات، يقول البعض إن الدولة تقدمها، ويرى هذا البعض أن تقليل «امتيازات» الأشخاص قد يقلل من شهوة التسابق، في محاولة للمقارنة مع الفارق، بين «عضو البرلمان البريطاني» الذي تحدد صلاحيته بدقة القانون، ويصرف من الحزب، إن أخطأ، حتى في تصريح، وبين العضو في المجلس الكويتي، الذي يسمح له العرف والسوابق بتلك الامتيازات عدم المساءلة، حتى من ناخبيه!

وعلى الرغم أن القانون لم يسن حتى الآن قواعد لتنظيم المجتمع في أحزاب سياسية، والبعض يعارض ذلك التوجه، فإن الأحزاب غير الرسمية أصبحت معروفة في المجتمع، وتنظم على أساس مذهبي أو طائفي في الغالب، وهي الأكثر تأثيراً في القرار السياسي، لأنها مجموعة منظمة. ومع ذلك يرى البعض أن إشهار أحزاب على نظم حديثة ودقيقة بعيدة عن التأثير القبلي والطائفي قد يمهد لمنتج أفضل، حيث إن تلك الأحزاب سوف تلتزم ببرامج محددة المعالم، وواضحة للكافة، تجري بعدها محاسبة الأعضاء على تحقيق أو عدم تحقيق تلك البرامج، وأي عاقل يعرف يقيناً أن الآلية الحالية الفردية تعني مواجهة الجهاز التنفيذي تقريباً بـ50 برنامجاً «فردياً»، أغلبها شخصاني ومتناقض وشعوبي، وبهذا لا يتمكن أي جهاز تنفيذي من مواصلة برنامج إصلاحي يتوخاه المجتمع.

في الفضاء الاجتماعي الكويتي بشكل عام، كثيراً ما تسمع «أن الديمقراطية» أخّرت الكويت في كثير من النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، وهو قول قد يكون مبالغاً فيه، إلا أن القول الأصح هو أن «شكل الممارسة الديمقراطية في الكويت» عطّل المسار، وعليه يجمع أهل الخبرة والرأي أن هذه الآلية المعتمدة حتى الآن سوف تظل تعطل المسيرة. بيت القصيد أنه إن لم تغير الآلية فسوف لن يتغير الكثير، وتغيرها بيد السلطة التنفيذية كما يرى كثيرون.

سوف يقال في الحملة الانتخابية التي بدأت بالفعل الكثير كالعادة، وكثير من الأقوال لتسخين المواجع ومزايدة من نوع ما، ووعود شعبوية على حساب الخزينة العامة، وقد بدأت وسائل التواصل الجديدة يؤجر بعضها لذم القائم، ومدح القادم، بل بعض المرشحين من عشاق الكرسي الأخضر بدأوا مبكراً في التصعد على قاعدة من يصعد أبكر يحصد أصوات أكثر!

من جهة أخرى، يجب ألا نقلل من ذكاء الناخب الكويتي، فهو قد يقدم لنا المفاجآت في بعض ما ينتج من خلال الصندوق، في التجارب السابقة نجد أحدهم يقدم نفسه للمرة الأولى أنه «المنقذ» والمحارب لكل «الشرور»! فيحصل على أغلبية أصوات مشهودة، ولكن بعد وصوله إلى الكرسي وبدء ممارسته، يتجه الناخب في الدورة المقبلة إما إلى إهمال انتخاب ذلك العضو، أو إلى تقليل الأصوات، حيث ينتهي في «آخر القائمة». وعلى الرغم من أن «العدل المطلق» لا يتوفر في النظام الحالي، نجد أن عضواً ما يحصل على أغلبية كبيرة، والأخير في القائمة (أي العاشر في الدائرة الواحدة) يحصل على أقل من ربع أصوات الأول!

المفروض أن البشر يتعلمون من أخطائهم، إلا أن السياسيين هم أقل البشر تعلماً من أخطائهم، لذلك فمن المتوقع أن «تعود حليمة إلى عادتها القديمة». أعرف أن هذا الرأي متشائم إلى حد كبير، إلا أنه ربما أقرب إلى الواقع.

شهر رمضان مع الانتخابات في الكويت له طعم آخر، فتتحول اللقاءات الرمضانية إلى حلبة سباق يقال فيها الكثير، فهل يمكن الاعتماد على ذكاء المواطن وفطنته، أم أن دغدغة المشاعر ونثر الأمنيات والوعود في استنزاف للميزانية العامة هي التي ستكون مسيطرة على المشهد؟

آخر الكلام... في الممارسة توضع «حقوق المواطن» قبل «واجباته»، و«حرياته» قبل مسؤولياته!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سحر الكرسي الأخضر سحر الكرسي الأخضر



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon