توقيت القاهرة المحلي 10:21:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زوجة واحدة لا تكفي!

  مصر اليوم -

زوجة واحدة لا تكفي

بقلم : د.محمد الرميحى

حتى في إحدى محطات إسرائيل تمت مناقشة الموضوع، ومع الثورة الاتصالية التي نعيش، فإن الأخبار السلبية تنتشر بسرعة، وكان لتحويل بعض ممثلي مسلسل زوجة واحدة لا تكفي إلى النيابة، الخبر الذي جعل اسم المسلسل يجتاح كل وسائط التواصل الاجتماعي.

 

حديثي عن المسلسل من ناحية المبدأ، وليس من ناحية الموضوع، فأي عمل من هذا النوع، يأخذ من التأييد أو الشجب ما يراه أصحاب التأييد والشجب واجباً عليهم قوله، أتحدث هنا عن المبدأ، من يحق له مصادرة الأعمال الفنية؟ وعلى أي قاعدة؟

يتوقف المتابع مع عدد من القضايا في هذه (الزوبعة) التي جعلت الجميع يتحدث عنها وهي:

أولاً: من ناحية المبدأ هل تصح معاقبة أشخاص قاموا بعمل فني (لا يروق لكثيرين) أن يحرموا أي عمل في المستقبل، من دون حكم قضائي؟ ذلك خرق لأبسط أشكال العدالة.

ثانياً: هل يجوز تحويل العاملين في ذلك العمل الفني إلى النيابة العامة، وقد وقع كلياً تصويراً وبثاً على أرض خارجية؟

ثالثاً: ربما هو الأهم من ناحية المناقشة العقلية، هل يتأثر المجتمع بعمل واحد أو أكثر من عمل فني، فيقوم باتباع ما جاء في ذلك العمل من أفكار، كانت صائبة أو خائبة؟ بالطبع إن من يستخدم عقله سيصل إلى نتيجة، أن الأعمال الفنية مثلها مثل بقية الأعمال، هي اجتهادية، ولا يمكن أن يتأثر بها الناس، وإلا لكانت الأعمال الخيرة قد غيرت البشر في أنحاء العالم إلى المحبة والوفاق والتسامح، إن دعت إلى ذلك، ولكن ذلك من شبه المستحيلات، وكذلك الأعمال السلبية لا تؤثر في قيم المجتمع.

رابعاً: في أمثلة قريبة منا وهي مصر، عاصمة العرب في الإنتاج الفني، نرى النجم المصري القدير عادل إمام في عدد من الأفلام ومنها مثلاً (زوج تحت الطلب) أو (الأفوكاتو) أو (ممنوع في ليلة الدخلة) على سبيل المثال لا الحصر، لم تقم أي ضجة في شأن تلك الأعمال، أو يحوّل الجميع إلى النيابة، أو حتى نقابة المحامين، في شأن ما أظهره الفنان من نقائص لدى القضاء الواقف!

فقط في مرحلة الظلام القصيرة، أيام حكم الإخوان، قدم هذا الفنان الكبير إلى المحاكمة في سنة 2012 بتهمة (ازدراء الأديان) في محاولة لإسكات صوت النقد، تمهيداً لوأد الأعمال الفنية المصرية. وبعد التحرر من تلك الفترة الظلامية، تمت إعادة محاكمة الفنان، وتبرئته من التهم الملفقة له والاحتفاء به كونه فناناً أظهر نقائص اجتماعية تستحق الإشارة والإصلاح.

خامساً: ما يهم من ذلك الدرس، أن المجتمعات الحيوية تعرف أن الأعمال الفنية هي في النهاية أعمال فنية، لها شروطها وإيقاعها، وقد يرضى بها بعضهم، وقد يختلف عليها بعضهم الآخر، ولكن لا أحد من حقه أن يرفع سيف الحكم النهائي في شأن تلك الأعمال، على الأقل في المجتمعات المتحضرة، ذات القواعد القانونية الثابتة والسارية من دون حكم بات من محكمة.

قد لا يكون العمل (زوجة واحدة لا تكفي) عملاً متكاملاً، وقد يكون فيه من المثالب ما يستحق النقد، ذلك طبيعي ومرحب به، أما اللجوء إلى العزل، وإصدار الأحكام القيمية على أن العمل يخل بقيم المجتمع، فذلك يطرح سؤالاً مهماً، وهو هل قيم المجتمع بتلك الهشاشة التي يؤثر فيها هذا العمل أو غيره من الأعمال الفنية؟ يعرف الجميع أن الأعمال الفنية حكايات لا أكثر، وقيم المجتمع أصلب كثيراً من أن يؤثر فيها بكل تلك السهولة، القصد هو شيء من الإرهاب الفكري الذي يسعى إلى السيطرة على المجتمع وكتم أنفاسه!

القلق هو أن بعضهم ينصب نفسه (حارس الضمائر) ولا يطيق أن يرى رأياً قد يكون مخالفاً لرأيه، ومن الثابت إحصائياً أن فكرة (تعدد الزوجات) قد هجرها في العصر الذي نعيش أكثر من

95 % من السكان، لأسباب معيشية واقتصادية، وأيضاً نفسية، وأن المرأة اليوم في دولنا تأبى أن تتقاسم رجلاً مع امرأة ثانية، عدا ما يسبب ذلك التوجه من آلام نفسية لأجيال عاصرت تلك الممارسة، فالعمل إذاً (فانتزيا) (تناول الواقع من زوايا غير مألوفة) لا يستحق الضجة أو القرارات المجحفة في حق من عمل به، عدا أن الضجة التي تمت في شأنه، أصبحت نوعاً من الإشهار للعمل، وتلك مفارقة لا أعتقد أن متخذ القرار حتى قد فكر فيها، وهو يعرف المثل (كل ممنوع مرغوب)!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوجة واحدة لا تكفي زوجة واحدة لا تكفي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 22:57 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025
  مصر اليوم - رانيا يوسف تشارك عصام عمر مسلسل نص الشعب اسمه محمد رمضان 2025

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon