توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

  مصر اليوم -

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي

بقلم : د.محمد الرميحى

في منطقة مليئة بالصراعات، ومتخمة بالمفاجآت غير السارة، وهي منطقة الشرق الأوسط، يأتي العفو الملكي الذي أصدره ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، كضوء أمل جديد ومبشر. فقد تم العفو عن أكثر من ألف وخمسمئة مسجون بتهم مختلفة، ذهبوا إلى منازلهم بسلام. وقد قابلت مؤسسة حقوق الإنسان الدولية ذلك القرار بترحاب، ووصفته بأنه خطوة تدعم حقوق الإنسان، كما غرد نائب رئيس مجلس الشورى في البحرين، باقتراح إيجابي أن يحصل المفرج عنهم على معاش كريم، حتى يتسنى لهم الوقت الذي ينضمون فيه إلى سوق العمل المحلي.

 

بكل المقاييس، فإن الخطوة إيجابية، وبعيدة النظر، وتأتي من قيادة تثمن أهمية التسامح، وفتح الفرص للمواطن بعيش كريم.

إلا أن المؤسف في غياب الرشد السياسي لدى بعض متزعمي (قوى المعارضة)، إن صح التعبير، وبخاصة بعض رجال عاملين في الشؤون الدينية، ومنغمسون في لجة السياسة، أنهم قدموا مباشرة خطاباً تأزيمياً تجاه تلك الخطوة الإيجابية، مفسدين على المطلق سراحهم فرحة الخروج إلى المجتمع، موترين الجو السياسي المحلي، من دون أن يأبهوا، لا إلى معاناة الناس، ولا إلى العمل المسؤول لتطوير هامش الوفاق الاجتماعي المطلوب.

وبدأت نغمة كريهة في تصعيد التحيز الطائفي، وبث الكراهية، والذي تجاوزها المجتمع بكل مكوناته منذ زمن، بعد أزمة وطنية قاسية.

هذا البعض لا يستطيع إلا أن يفكر بما كان في الماضي، والذي سبب كل تلك المآسي الاجتماعية، وشق الصف الوطني، وبعثرة جهود التنمية، خالطاً خلطاً مرَضياً بين الوطن وحفظه وسلامته، مهما اختلف في الاجتهادات السياسية، وبين ضياع الوطن وإلحاقه بقوى إقليمية، لم تقدم لشعبها إلا القمع والفاقة، والاشتباك في حروب بالوكالة، استنزفت، وما زالت تستنزف الطاقات.

هناك فرق واضح بين مطالب وطنية ومطالب فوق وطنية، أو عابرة للوطن، الأخيرة خربت بلداناً حولنا، والأمثلة كثيرة، منها لبنان، الذي ضاع كدولة في خضم ميليشيات تابعة للخارج، وبين العراق الذي ما زال يعاني من تلك الفرقة الوطنية، واليمن ليس بعيداً عنهما، وما يعانيه أهله من مرض وفقر مشاهد.

الحفاظ على الوطن هو في انسجام كل مكوناته، وانخراط الجميع في تطويره، وكل الأوطان تعيش فيها مكونات مختلفة، سواء دينية أو مذهبية أو عرقية، هي كالسفينة الواحدة، إن ضربها إعصار، فهو يدمر السفينة بكل ركابها، لذلك فاستمرار الدعوات المفككة للوطن، وفي أجندة خفية (معروفة) في الإلحاق بالخارج، هو ليس عملاً وطنياً، بل العكس هو عمل (غير وطني)، واستغلال بعض المنغصات، لا من أجل إزالتها أمام كل المواطنين، بل من أجل تحشيد البعض ضد البعض الآخر، والإضرار بالوطن، هو من أعمال القصور السياسي، وغمس السياسي المتغير بالديني الثابت، هو سوء استخدام العقل، ولا يقدم إلى المواطن ما يرجوه من سلام، بل يزيد التأزيم، ويسمح لضعاف النفوس، وربما الجهلة، أو أصحاب الأجندات التخريبية، فرصة للعبث بالأمن الوطني.

البعض، مع الأسف، لا يريد أن يقرأ المتغيرات، ولا يعي الدروس المستفادة من الماضي، يريد أن يرجع الأمر إلى سيرته الأولى.

إلا أن أصواتاً عاقلة بدأنا نسمعها مجاهرة من نفس النسيج ضد ذلك التوجه إلى التأزيم، وربما نحتاج إلى أصوات عاقلة أخرى من الطيف الاجتماعي للصدع بقرع الجرس، والإشارة إلى الخطر القادم من تلك المجموعة المأزومة، لأن الوقت ليس وقت المجاملة، حيث بقاء الأوطان حرة منسجمة بين مكوناتها، هو حائط الصد الحقيقي، ولعل العفو الملكي قد بدأ تلك الخطوة لتحصين الوطن، فهل يفهم البعض تلك الخطوة، ويقابلونها بما تستحق، أم يضلون في أوهامهم التي قد تحرق الأخضر واليابس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العفو الملكي وغياب الرشد السياسي العفو الملكي وغياب الرشد السياسي



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 19:52 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon