توقيت القاهرة المحلي 09:40:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي!

  مصر اليوم -

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي

بقلم : د.محمد الرميحى

مع التطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعي تأتيك من كل حدب وصوب، أخبار ومعلومات وآراء قد لا تتفق معها، يذهب البعض إلى لوم وسائل الانفجار الاتصالي، وهو لوم لا فائدة منه، والبعض ينصب نفسه (محامياً) ضد كل ما لا يروق له، أو يعظم ما يتفق معه، وهي عملية مضنية، بل ربما قاتلة. فالقضية لها شقان:

 

الأول: إن الناس على (قدر عقولها) أو (ذلك قدرهم من الفهم) فلا تتوقع أن يفكر الآخرون كما تفكر، فهم يخضعون، كما أنت، للكثير من العوامل التي تسهم في تشكيل وعيهم بذاتهم أو تأثير البيئة التي يعيشون ويعملون بها، منها التربية وسوية المعرفة التي تعرضوا لها والصداقة والتحيز الاجتماعي أو الثقافي والخلفية العرقية أو الإثنية، أو الخضوع لحالة من الإحباط، والأكثر التحيز السياسي.

لهذا يختلف الناس في تفسير الظواهر التي تصادفهم في حياتهم اليومية، كما يختلفون في قراءة النصوص، ولذلك تجد تلك الاختلافات بين الناس. في الأزمات، وبخاصة السياسية، أو الدينية، ينشأ ما هو ليس اختلافاً فقط، ولكن انشطاراً كاملاً وتفاقماً بين المكونات الاجتماعية إلى حد الخصومة.

أما على صعيد الوطن الواحد، أو على صعيد أوسع، كما يحدث اليوم حول تفسير ما يحدث في غزة. إذاً علينا أن نقبل أن هناك وجهات نظر مختلفة، قد يكون الاختلاف حاداً وقطعياً، كقول البعض في أحداث غزة (إن المقاومة انتصرت على إسرائيل) مثلاً، وأن الفرق هو أيام معدودة حتى تستسلم، أو من يقول إن إسرائيل قد انتصرت نهائياً على المقاومة.

كل ذلك (التطرف أو الإفراط أو الدرجة القصوى من الرأي) وفي تفسير الأحداث، هي ناتجة عن (أهواء)، وخاضعة لعدد من العوامل المؤثرة فيها والتي تقود إلى هذا الرأي أو ذاك، الأمر الذي يزعج البعض في الطرفين، من الرأي الآخر المخالف، كل يرى أنه على حق، وأن الآخر متحيز أو حتى (غير وطني)، لذلك يستخدم بعضنا ألفاظاً حادة كما يستخدم الطرف الآخر ألفاظاً مضادة. وقد يتفاقم الشق المعرفي في السنوات القادمة، حيث ينبئنا العلماء بأن ما سوف نراه من نتائج (الذكاء الصناعي) سيكون مذهلاً، وقد يصل إلى (برمجة عقل الإنسان) والتحكم في تصرفاته!

الثاني: من المعادلة، إذاً ما نحن فيه في إطار التأثير والتأثر، لا مفر منه، فلا يجب أن نلوم بعضنا بسببه، أو نلوم وسائل التواصل، اللوم إن كان ذلك صحيحاً، يجب أن يوجه إلى (آلية نقص المناعة المعرفية) في مؤسستنا، فالكثير من مؤسساتنا التعليمية والأسرية والاجتماعية (العائلية) تربي النشء على أن يفكر في (دوائر محدودة وضيقة).

فعلى الرغم من كل التطور التقني والمعرفي الذي يحيط بنا، وينقل البشرية إلى آفاق لم تكن لتعهدها، لا تزال منظومة التعليم والتدريب والإعلام عندنا باقية كما هي منذ عقود، بل والأكثر أن بعضها أو حتى كثيراً منها يتراجع إلى مقولات تراثية، وبعضها لا يخلو من الشعوذة (والأخيرة بالمناسبة تستخدم التقنية الحديثة لزيادة التضليل)، ما شكل وعياً زائفاً أو مسطحاً يتقبل كل ما يرد إليه من دون فحصه وعرضه على العقل.

من جهة أخرى، وسائل إعلامنا في أغلبها تميل إلى تأكيد الطرق القديمة وشبه المستهلكة في تقديم التحليلات للظواهر التي تحيط بنا، فتزيد الجهل جهلاً، والتعصب تعصباً.

هنا ربما تكمن الإشكالية التي تنتج عقولاً لا تريد أن تنظر خارج محيطها، ويستوي في ذلك صاحب الشهادة العليا (الذي في الغالب لم يحصل على تدريب نقدي) أو الشخص العادي، وتساعد بعض المؤسسات على (بقاء الحال كما هو) من خلال فرض رقابة صارمة على الابداع والتفكير الابتكاري، نتيجة إما من الضغوط الاجتماعية، أو خوفاً على قيم بعينها تعتبرها تلك المؤسسات (مقدسة)، فيخرج الى المجتمع جمهور سهل الانقياد ويشيع التطرف في الفئات وبخاصة الشبابية حيث يسيطر على عقولهم التفكير الأحادي.

في ثقافتنا العربية ومن يتجرأ على الخروج من الدائرة المغلقة ذات البعد الواحد يتعرض إلى نقد غير موضوعي ومحاولة (قتل الشخصية) معنوياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon