توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التضحية والضحية... وجهة نظر فرنسية

  مصر اليوم -

التضحية والضحية وجهة نظر فرنسية

بقلم : د.محمد الرميحى

صدر كتاب جديد للأكاديمي الفرنسي جيل كيبل، المهتم بدراسة الإسلام الحركي بعنوان «إبادات جماعية: إسرائيل وغزة والحرب ضد الغرب»، نشرته بالعربية المنظمة العربية للترجمة، مايو 2024. كيبل له رأي فيما يحدث في غزة، يقول إنه كلّفه عمله في الجامعة، إلا أن الكتاب لا يصلح ليقرأ لمن يبحث عن (أسود وأبيض)، هو عرض شبه موضوعي للأزمة في المساحة الواسعة الرمادية، يفككها ومن ثم يركبها، ويربط النتيجة بالسبب، وبشيء كثير من الوضوح، مُحلاً منهج المعرفة بدلاً من الآيديولوجيا، ولكنه مشبّع بالمعلومات التي بعضها معروف، والآخر نتيجة بحث وتقصٍّ مشهود يعرف لأول مرة.

يضع محركات ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) في إطار أوسع، أي الإطار الذي يشمل الصراع الدولي في الوقت التي تمر به القوتان في العالم، دول الشمال (الغرب) ودول الجنوب، بما فيها الصين وروسيا، والقوى المتوسطة الناشئة. فهناك تغيير ملحوظ في موازين القوة العالمية بشكل حاسم من الناحية الديمغرافية والاقتصادية، حيث تصطف إسرائيل مع دول الشمال، وفلسطين مع دول الجنوب.

في هذا الإطار الأوسع حدثت (الغزوتان) الأولى في 7 أكتوبر 2023، وكانت منقولة بالصوت والصورة، وفي اللحظة نفسها من المهاجمين، الذين كان بعضهم يحمل كاميرات تنقل الحدث إلى العالم، وكان حدثاً هائلاً استحضر للإسرائيليين رعب المذابح، وقد ترك ذلك تأثيراً عميقاً على المجتمع الغربي، والفرنسي، كما ذكَّر الجمهور الفرنسي بأفعال متشددين في الفضاء الفرنسي في أكثر من حادث إرهابي، فكان هناك تعاطف في الأسابيع الأولى مع الضحايا، وبين الغزوة الأخرى، وهي ردة فعل إسرائيل الباطشة بالمدنيين بحراً وجواً وبراً، ما أظهر ضحايا أكثر، وأعمال عنف أفظع، وتجويعاً وإبادة أضخم، ما جعل التعاطف الشعبي يميل إلى نصرة هؤلاء المضطهدين، الذين يكتب بدمائهم تاريخ الصراع.

يذكر الكاتب بـ7 أكتوبر بعد غزوة مانهاتن في 2021، ففي اليوم نفسه صرح بن لادن (باسم الله الذي رفع السماء، أميركا لن تعرف الأمن حتى تعرفه فلسطين).

الصراع في فلسطين يراه الكتاب (خلط اللاهوت بالسياسة) من قبل الأطراف المتصارعة ولفترة طويلة، إيمان شريحة واسعة من الإسرائيليين بالحق الإلهي، وإيمان شريحة واسعة من الفلسطينيين بالنصر الإلهي.

يعرج الكاتب على حروب إسرائيل المتعددة، التي كانت تنقضي في أيام أو أسابيع، ويرى أن ما يحدث الآن مختلف كلياً، في حرب 1967 تدخلت أميركا، وفي عام 1973 كان موقف المملكة العربية السعودية في قطع النفط هو الحاسم، اليوم تدخل هذه الحرب شهرها العاشر دون أن يتحقق انتصار لإسرائيل، والتي تخوض في الوقت نفسه صراعاً داخلياً له نتائجه الضخمة بعد وقف المدافع، ودون نصر لـ«حماس».

يشرح الكاتب البنية التنظيمية لـ«حماس»، فيرى أنها ذات خطين، الأول القيادة السياسية، التي تميل إلى المحافظة على الاتصالات مع أميركا، مقابل المساهمة المالية التي توفرها بعض الدول، وهو الخط الإخواني المناور، وتنعم بالأموال (يسميها الكتاب بالاسم والرقم) والخط الثاني القيادة الداخلية، التي شبيهة بخط الحرس الثوري الإيراني، فيذكر مقابلة للسنوار مع قناة «الميادين»، ذات النكهة الإيرانية عام 2017، أنه أشار إلى الدعم اللامحدود لحركته من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، كما يشير إلى كتاب فتحي الشقاقي، مؤسس الجهاد الإسلامي والمعنون (الخميني البديل الإسلامي) الذي أهداه، لكل من حسن البنا والخميني (قتله الموساد في مالطا 1995).

هنا يرى الكتاب أن هناك علاقة عضوية بين إيران (الحرس الثوري)، والخط الثاني في «حماس»، وأيضاً «الجهاد الإسلامي»، وإيران لها علاقة عضوية بـ«حزب الله» في لبنان، إلا أنه يشير إلى إنكار الحزب لمعلومات عن أحداث 7 أكتوبر، ويصف الكاتب ذاك الموقف بالتبرير الانتهازي!

بعد تلك الشهور من الصراع المميت، تبيّن أن إسرائيل ليست لها قدرة قاطعة لحماية مواطنيها، رغم معرفة مسبقة بأحداث 7 أكتوبر، لم تكن تأخذ التحذيرات على محمل الجد؛ حيث انصرف جيشها، تحت رغبة المتشددين، لحماية وتوسيع المستوطنات في الضفة، معتمدة على الشقاق الفلسطيني الداخلي بين «حماس» والسلطة، والركون إلى تفاهمات غير معلنة مع الخط الأول.

يمكن فهم ما يرمي إليه السرد، أن القوتين الإيرانية والأميركية ترغبان في إدارة الصراع لا حلِّه، لأن الأولى تريد أن تحتفظ بأتباعها لأغراض مقبلة، والثانية غير قادرة على التأثير على حليفها.

آخر الكلام: ما تقدّم هو إيجاز لما يشمل هذا الكتاب من معلومات وتحليل، إلا أن قراءته للمهتم من الضرورات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضحية والضحية وجهة نظر فرنسية التضحية والضحية وجهة نظر فرنسية



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon