توقيت القاهرة المحلي 22:21:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ظاهرة الاستجداء في رمضان

  مصر اليوم -

ظاهرة الاستجداء في رمضان

بقلم : د.محمد الرميحى

في الزمن القديم، كان المحتاج يقف أمام أبواب منازل الحي في حياء يطلب العون، وخاصة في المواسم الدينية، مثل شهر رمضان، وفي الغالب كان محتاجاً عن حقيقة، وليس ادعاء، مع تطور الزمن والتقنية الحديثة، تطورت فنون الاستجداء، وتحول من يطلبها من محتاج إلى محتال في الغالب.

 

في السنوات الأخيرة، وخاصة في رمضان أو ما يشبهه من مواسم دينية، تكثر مظاهر الاحتيال دون خشية، أو حتى إحساس بالضرر الذي يقع على الآخرين، لقد أصبح هذا النوع من الاستجداء يشكل خطراً حضارياً وسياسياً على الأمة بكاملها، لا على شخوص من يقوم بذلك الفعل، وخاصة ذلك النوع من الاستجداء الذي يثير الفتن، ويخاطب الغرائز، ويدعي أنه يملك (مفاتيح الجنة)!

أمثلة، وليس حصراً، على الظاهرة التي وُصفت أعلاه، يقول أحد الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ما يلي (شارك في شراء كنيسة.. وتحويلها إلى مسجد، فقط بكذا مبلغ (مبلغ بسيط)، ولا تفوتك الفرصة... الأجر بانتظارك...)! أليس مثل هذا الإعلان استفزازياً، أولاً هو منافٍ لثوابت الدين الحنيف، فلم يذكر أو يشجع مثل ذلك الأمر في النصوص الثابتة، وثانياً، هو استفزاز لديانة اعترف بها الإسلام، كما يعتنقها ملايين الناس، والكثير منهم عرب في نفس الوطن، وثالثاً، أن أرض الله واسعة، يمكن بناء المساجد في أي منها، فما المعنى المقصود (شراء كنيسة وتحويلها إلى مسجد..!)؟. ما الرسالة التي يراد أن تصل إلى الآخرين؟ غير الغلو والتطرف، وتظهر مثل تلك الإعلانات الاستفزازية للعلن دون رادع أو حتى نقد موضوعي تجاهها.

لا أحد يعلم على وجه اليقين أين تذهب تلك التبرعات، إن تمت من الناس البسطاء، ومن هي الجماعة أو الأفراد وراء تلك الإعلانات، غير أنها تستدر عاطفة باتجاه إثارة فتنة.

في إعلان آخر يقول أيضاً على وسائل الاتصال الاجتماعي (اكفل يتيماً في غزة.. واحجز مقعدك (نعم مقعدك) بجوار النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة...!

لا خلاف على حاجة أيتام غزة بالرعاية، فذلك واجب إنساني وإسلامي لا يختلف فيه أحد، إنما (احجز مقعدك بجوار النبي في الجنة)! هي بمثابة صكوك (غفران) التي انتشرت في عهود الظلام الأوروبية، والتي يستنكرها العقل السليم.

هذا النوع من الاستجداء، وكثير منه، ينتشر في أيامنا الفضيلة التي نعيش، يجب الحذر منه والدعوة، ليس إلى مقاطعته فقط، ولكن أيضاً نقده والتحذير من نتاجه، وبيان مناقضته للثابت من تراث الأمة.

في الوقت الذي نقوم كمسلمين بنقد بعض الحكومات على تساهلها ضد أشكال الكراهية للأقليات المسلمة في تلك الأوطان، وتناضل دولنا من أجل إشاعة وتأكيد التسامح الديني والمذهبي، برفع شعار (عش ودع الآخرين يعيشون)، وفي الوقت الذي يتخذ فيه العالم، ممثلاً بأعلى سلطة عالمية (الأمم المتحدة)، بتجريم كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وتخصص الأمم المتحدة يوماً دولياً للتذكير بأهمية نبذ تلك الفكرة، يأتي من ينشر على الملأ، ما يجعل الآخرين والمعادين يحصلون على دليل ثابت وموثق بتبنّي التطرف من قبل البعض، ويُشهر ذلك التطرف على وسائل الاتصال العالمية، ويستخدم ضدنا.

الجنة والنار بيد الواحد الأحد، ويجزي بها بسبب الأعمال الصالحة في الحياة الدنيا، ومنها المحبة والتآخي، وليست حكراً على أحد، كي يقرر أنه بهذا العمل أو ذاك (يحجز مقعداً بجوار النبي في الجنة)، وليس في تاريخنا الفقهي، حتى في عصور الظلام، مشروع (لحجز المقاعد).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة الاستجداء في رمضان ظاهرة الاستجداء في رمضان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon