بقلم - ليلى إبراهيم شلبي
أحسنت الحكومة حينما بدأت التحقيق فيما كتبه الكاتب المعروف وحيد حامد فى ثلاثة مقالات متتابعة نشرتها صحيفة المصرى اليوم ثم نفى الدكتور شريف أبوالنجا كل الوقائع التى تضمنتها مقالات وحيد حامد.
كنت فى الواقع أخشى أن تنتهى الزوبعة فى فنجان وربما مراجعة حقائق الأمر الذى تعودناه حتى أصبح سنة أساسية لمجتمع نعيش غرباء فيه لا نكف عن تبادل الاتهامات المرسلة فى ظل غياب مبدأ البينة على من ادعى.
عاصرت نشاطات للمجتمع المدنى باهرة فى كندا حيث قدر لى أن أعيش وأعمل لفترة طويلة من عمري كنت قبلها أتصور أن العمل التطوعى إنما مكانه فقط فى البلاد التى يطلق عليها أهل الشمال بلادا نامية، لكن واقعة صغيرة قادتنى إليها المصادفة جعلتنى أدرك أن ثقافة الخير والعمل التطوعى إنما تزدهر فى كل مكان فى العالم لا علاقة لها بفقر أو غنى لأن الإنسان فى كل مكان بحاجة للآخرين.
دخلت المصعد فى مستشفى رويال فيكتوريا بمونتريال لأفاجأ بجاك شاربيه رئيس وزاء كيبيك فى ذلك الوقت يصاحب مريضا على كرسى متحرك، تخيلت لبرهة أنه والده وهو فى المستشفى لسبب أو لآخر حينما ابتسمت أدرك أننى بالطبع عرفته حينما سألته: والدك مريض؟ رد الابتسامة بأخرى وهو يشير لا، إنما هو مريض أرافقه لإجراء أشعة فى الدور الرابع.
أنا متطوع لخدمة المرضى والمستشفى. للأسف ليس لدى سوى أربع ساعات فى الشهر أستطيع فيها المجىء إلى هنا.
تأكد لى فى ذلك اليوم أن حب الأوطان لا يحتاج أغانى ولا تذكير أناشيد إنما هو تعبير تلقائى ينتشر كالعطر فى صمت ليعلن عن ارتباط إنسانى قوى بين الإنسان وكل من حوله من بشر على نفس الأرض.
القيمة الأساسية فيما يقدمه المجتمع المدنى فى المجلات الخدمية مثل الصحة والتعليم هى الرغبة فى المشاركة والعطاء سواء كان هذا بتوفير الموارد المادية لإدارة وإنشاء المستشفيات والمدارس أو المساهمة بالجهد وفقا لخبرات المتطوع أو المتبرع.
إذن فمساهمتى يجب ألا تكون مدفوعة الأجر وإلا انتفت منها صفة وملامح العمل الخيرى.. نعم كل مشروع يجب أن يتوافر له هيكل إدارى، بمعنى: العاملون تلك وظيفتهم التى يمارسونها فى الحياة أما أن أتقاضى أجرا وأنا طبيب من تبرعات أهل البر والخير فهذا فى الواقع ما لا تقبله النفس السوية.
جميعنا ننتظر نتيجة التحقيق، ولا أخفى سرا إذا ما قلت أنى أتمنى أن تأتى لصالح ثقافة الخير، فالواقع أنها لو جاءت تؤكد وقائع لما نشر وحيد حامد فإنها بلا شك ستبدو ضربة موجعة لجهود المجتمع المدنى بل وفكرته من الأساس.
أرجو أن يتلطف بنا الرحمن وإن كان علينا أن نهيئ أنفسنا لاستقبال الحقيقة كاملة حتى لو اضطررنا لإعادة ترتيب كل الأوراق فى ملف ثقافة الخير.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع