بقلم - ليلى إبراهيم شلبي
تداولت القنوات الفضائية فى الأسابيع القليلة الماضية إعلانا خطيرا أقل ما يوصف به أنه إعلان يحرض على الكراهية ويدعو علانية لتشويه سمعة فئة من العاملين بالدولة ومحاولة النيل منهم بضراوة ووصمهم بالإجرام وانعدام الضمير واستعداء مائة مليون مواطن مصرى عليهم. خمن من هم: قد تتوصل للإجابة فى ظل موجة استهداف الأطباء التى تبدو فى حالة مد بلا جزر الآن فى مصر لكنك عزيزى القارئ لن تكون أبدا قادرا على تصور أن الفاعل هو الرقابة الإدارية بجلال قدرها وعظيم سلطانها!!
لسنا من هواة إشعال الحرائق ولا تلوين الأحداث ولا حتى التعصب لمهنة مارستها طوال عمرى والحمد لله بأمانة وكرامة وفهم لطبيعتها الإنسانية التى تقترب من رسالات الأنبياء. مرت أحداث كثيرة وسجل الإعلام وقائع حوادث وقضايا عديدة تشير إلى حملات عداء متكررة تستهدف أطباء مصر كان من الطبيعى أن يثور لها شباب الأطباء ويعلنون عن غضبهم واستيائهم بينما يتحفظ الكبار منهم ويعلنون عن احتجاجهم بوسائل هادئة لكنها لا تخلو من عتاب على أولى الأمر الذين يتجاهلون الأمر!..
تلك المرة لا أعتقد أن تجاهل الأمر يخدم القضية بل يؤصل لها ويدعم قوة ذلك التيار الجارف من استعداء المواطن المصرى على الطبيب المصرى الذى يبذل جهدا خارقا لأداء رسالته فى علاج مرضاه تحت قصف مستمر من نقص الإمكانات والمستلزمات الطبية وضعف الأجور وصعوبات العيش مثله مثل كل مواطن مصرى يعانى الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تعيشها البلاد.
من هو الطبيب المتهم الذى أصبح هدفا لاستعراضات السادة المحافظين الهزلية فى المستشفيات والسادة الصحفيين والمذيعين فى حواراتهم وبرامجهم الركيكة الهزيلة التى تخصص فى الميلودراما بغرض إثارة المشاعر وجلب الدموع وأخيرا أقارب المرضى فى أقسام الطوارئ والمستشفيات الذين يلجئون لضرب أطقم العاملين من أطبائها للحصول على خدمات بالقوة دون تروٍّ يدفعهم شعور راسخ مسبق أن الأطباء دائما مقصرون؟؟
هم شباب تلك الأمة يا سادة الذين كتبت عليهم المعاناة منذ بداية اختيارهم لمهنة سامية يتصورون أنها ترتقى بهم إلى مستويات مهنية عالية.
هم من اختاروا العلم لخدمة المجتمع شعارا فكان عليهم أن يحصلوا العلم بأضعاف المشقة التى يبذلها أمثالهم فى مجتمعات أخرى فى بلاد تحترم مواطنيها وتساند شبابها ليواجهوا مجتمعا شرسا يمارس عليهم كل ألوان «التنمر» المرض الذى تحاول الأمم المتحدة الآن علاجه فى العالم.
الإعلان الذى أخرجته وتروج له الرقابة الإدارية الآن والذى يحمل اسم تلك الجهة الرقابية التى هى فى الأصل مؤسسة تحارب الفساد وينتهى باسهما متدثرا بعلم مصر يجب أن تقف منه الدولة موقفا حازما.
الإعلان فى غاية الخطورة يبدأ بمشاهد لمواطن مصرى ينتظر غدا «مشرقا» ويعيش «يوما بيوم» ينتهى مريضا تحت يد طبيب «مجرم» يسرق «كليته» تحت وهم أنه يجرى له «جراحة الزائدة الدودية» وينتوى أن يمنحه «قرشين يعيش بيهم» وينتهى الإعلان بصورة للطبيب لغسيل يديه من دم المريض بهدوء!.
تطالب الرقابة الإدارية الطبيب فى النهاية بأن ينظر فى «المرايا».. هى دى الحكاية!.
نحن.. المائة مليون مواطن مصرى اليوم نطالب الرقابة الإدارية بأن تنظر فى «المرايا».. عليها أن تتدارك الأمر قبل أن تبدأ أحداث حكاية نحن كلنا فى غنى عنها.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع