بقلم - ليلى إبراهيم شلبي
فى كل بلاد العالم تلك التى علا بها شأنها أو انحذر يلعب المجتمع دورا مهما حيويا فى مجالات الخدمة العامة. فى بلادنا الآن أرى أن المجتمع المدنى يجب أن يكون الوجه الآخر للعملة إذا ما كانت الدولة الوجه المقابل. فى أكثر بلاد العالم غنى وتقدما عند الالتحاق بالجامعة ما يضاعف من فرص القبول بها بشهادات العمل التطوعى التى تثبت أن الطالب قد أدى واجبا لخدمة مجتمعه رغبة منه فى دعم الوطن الذى يعيش فيه. القبول فى الوظائف والجامعات فى البلاد المتقدمة لا يرتكن إلى الدرجات إنما إلى تقييم أعمال المتقدم وأهميتها.
أذكر حينما ترشحت لبعثة دراسة الدكتوراه فى باريس أن التحقت بالمركز العلمى التابع للسفارة الفرنسية بالقاهرة فى دراسة منتظمة مكثفة للغة الفرنسية كشرط أساسى للالتحاق بالعمل والجامعة. كان مدرس اللغة الفرنسية «فرانسوا كورنيل» دارسا للحقوق اختار أن ترسله بلاده لتعليم لغتها خارج الحدود عوضا عن التجنيد فى الجيش الفرنسى لمدة عامين.
أعتقد أن العمل التطوعى الآن فرض عين على الجميع كل فيما يمكن أن يؤديه. هو بالشك واجب وطنى قومى لا تردد فى الإقدام عليه ولا مهادنة. كلنا يتحدث عن تعثر التعليم وانهيار التأمين الصحى وغيره من الخدمات الأساسية فى الدولة ولكن الاحتفاظ بالأمل فى الضوء الذابل فى نهاية النفق هو آخر ما نملك، فلم لا نستجمع آخر الأنفاس ونكف عن الكلام ونبدأ التفكير فيما يجب عمله على المدى القريب والبعيد.
لأننى من المهمومين بقضية الصحة يأتى حديثى دائما عنها لهذا أعرض اليوم فكرة أتمنى لو يتبناها أصحاب رءوس الأموال الوطنية فى بلادى وأعد بالعمل تحت إدارتهم أنا وكتيبة على أهبة الاستعداد من زملائى وأبنائنا من الأجيال الجديدة الواعدة بالخير.
لتخفيف العبء على المراكز الطبية المتخصصة ــ وليكن معهد القلب القومى مثلا ــ لماذا لا نبدأ فى بناء مجموعة من العيادات المتخصصة لتشخيص أمراض القلب «معمل /أشعة / جهاز لرسم القلب/ جهاز للتصوير بالصدى الصوتى...». محسوبة التكاليف موحدة. لها جهاز للعمل محدد الوظائف من إداريين وأطباء وتمريض. ونلزم الأطباء بالعمل فيها مقابل الالتحاق بوظائف أعلى. وأن يتولى تأسيسها والانفاق عليها رجال الأعمال أو البنوك والشركات الكبرى أو تطرح أسهم للمشاركة فيها.
رأسى مشبع تماما بالفكرة وأطننى قادرة على صياغتها وحولى العديد من الزملاء يتوقون للمساعدة. فقط ما أتمناه أن تجد صدى فى نفوس من يمكنهم المساعدة بجدية ويملكون من الحس الوطنى ما يجعلهم يقومون على التجربة متأكدين من أنهم بها يبدأون صفحة ناصعة من تاريخ المجتمع المدنى فى مصر.
أتمنى لو بدأنا ولو بعدد قليل من تلك العيادات المؤهلة على مستوى يسمح لها بتقديم خدمات صحية حقيقية مثل التشخيص والعلاج الباطنى والتأهيل والوقاية فى مجال أمراض القلب.
وأتمنى أن أراها تبدأ من أقصى الصعيد والواحات والوادى الجديد لتنتشر على خريطة نهر النيل العظيم.
أعرف جيدا أننى أحلم..
لكنى على يقين من أن أعظم ما تحقق فى تاريخ البشرية كان يبدأ دائما بقدرة أحدهم على الحلم.
نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع